ملف

“مملكة التناقضات.. المغرب في مئة سؤال”: هل توجد في المغرب حرية دينية؟ (ح 42)

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 42: هل توجد في المغرب حرية دينية؟

في دولة دينية دستوريا وتاريخيا مثل المغرب، لها حاكم مطلق ينحدر من سلالة الرسول محمد، أدنى مظهر من مظاهر الإلحاد أو البعد عن الإسلام ينظر إليه على الفور على أنه اعتداء على القيم المقدسة للنظام والأمة. وهذا يفسر جزئياً لماذا المشاعر المعادية للديانات نادرة جداً في المملكة.

وبالإضافة إلى ذلك، تضاف الحالة المعاصرة للإسلام ولحظتنا التاريخية، التي تميزت بذكرى الاستعمار، والخضوع المؤقت للقوى المسيحية، أو على الأقل ينظر إليها على أنها كذلك. وأخيراً هناك سوء الفهم وعدم الارتياح للمسلمين الذين يعيشون في المجتمعات الإسلامية حول مفهوم العلمانية.

وينبغي أن نتذكر أن هذا المفهوم ولد في المجتمعات المسيحية، وخاصة في فرنسا، وهي مجتمع التقاليد الكاثوليكية والذي نشره في البلدان الإسلامية التي استعمرها.

أما العلمانية التي لم يستفد منها المسلمون قط في الأراضي الاستعمارية، وخاصة في المغرب حيث لم يتم إلغاء القوانين الدينية، فينظر إليها غالبية المسلمين على أنها شبه مسيحية. وكثيراً ما يرتبط هذا المصطلح، غير المعروف حتى القرن العشرين في اللغة العربية، بالإلحاد والبشاعة من وجهة النظر اللاهوتية والقرآنية، بل كمظهر عدائي من طرف المسيحية.

ومع ذلك، فإن العلمانية أو اللائكية مقبولة الآن من طرف قبل المثقفين التقدميين، من المغرب إلى تونس، ومن طرف فئة من الليبراليين داخل النخب المخزنية، الذين فهموا الفائدة السياسية التي يمكن أن يربحوها من احترام هذه الفكرة في نظر الأوروبيين.

والخلاصة أنه في هذه الدولة الدينية البارزة، تتداول كلمة “العلمانية” بين النخب، لدرجة أن القصر نفسه يدافع عنها في بعض الأحيان، في أعقاب هجمات عام 2003، قدم الملك محمد السادس نفسه للأوروبيين كمدافع عن التعددية، بمعنى أنه كان ضماناً ضد تدخلات “رجال الدين” في المجال السياسي، وفي هذه الحالة كان يعني الإسلاميين؛ لأن الدستور والقوانين السارية من شأنها أن تمنع الأئمة من ممارسة السياسة، والأحزاب من الاستناد إلى مرجعية دينية. ومن ثم فإن النظام المغربي هو الضامن للعلمانية.

وهذا تذكير بقراءتنا السيئة للعلمانية التركية، التي لم تفصل الدولة عن الإسلام، بل أوكلت تدبير الإسلام إلى الدولة، وبالتالي فهي متوافقة تماماً مع الإسلام السياسي في نسخته الإخوانية الحالية. وبالمثل، في المغرب، لا يمكن أن يوصف حكم الدولة من طرف أمير المؤمنين بكونه حكما علمانيا، كما يتضح من صعوبة تواجد المسيحيين المحليين واستمرار القوانين الدينية، التي تحكم حياة المغاربة.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *