وجهة نظر

إلى ضيوف مهنة التعليم الجدد.. رسالة أمل

مبارك عليكم النجاح جميعا وبعد …

تابعت على العديد من الصفحات ، مجموعة من الأصوات تبعث رسائل تخويف وتهويل للمقبلين على أعظم المهن على الاطلاق … يظهرون لهم الشق الفارغ من الكأس ويخفون عنهم النصف الايجابي ..

أصدقكم القول … هي مهنة تزداد لذتها وحلاوتها يوم تعيشها يوميا ، يوم ترمق تلك الأعين المتقدة في أول الحصص تنتظر منك كيف ستحبب لها المادة وتقربها إلى قلبها ، يوم تعقد جلسة التعارف الأولى معهم ، يوم تسألهم عن علاقتهم بالمادة وترى الجميع يتسابقون لاظهار اهتمامهم بمجال على علاقة بها ، تلكم البداية الأساس ان ربحتها ربحت كل العام …

قد يطلب منك البعض الحزم في البداية للتحكم في القسم … لكن والله إنه جيل يفتح قلبه لك أكثر من أي جيل سبق ، ان استطعت أن توصل لهم صدق رسالتك اجتهادا وبذلا ومواظبة واحتراما للوقت وهنداما ، والله بعدها لن تحتاج لأن تتحكم في القسم ولا في عناصره …

هل أحدثكم عن أجمل شعور ؟ يوم تخرج للشارع وتلتقي تلامذتك … حينها الامتحان الحقيقي والميزان العدل لما تقدمه في القسم ، ستراهم يتسارعون لتحيتك والسلام عليكم أو العكس ، ستراهم يقصدونك متى ما واجهوا مشكلا … حينها اعلم أنك وصلت إلى قلوبهم ..

التعليم يا سادتي حياة تعاش ، وليس واجبا ينتهي عند عتبة الفصل ، يجب أن ترى في تلامذتك صور من حياة عشتها ، ونماذج لطموحات أضعتها ، واسترجاعا لفرص لم تستغلها ، فكل مرة تحسسهم بالمستقبل ، تجعلهم يعيشون بعض تفاصيله ، قد تنبه فردا هناك لنموذج يتشابه معه وكيف كان مآله بعدما أضاع فرصه بسبب طيشه الزائد عن اللزوم .. خصصوا حيزا في الحصة على علاقة بالنص المدروس للاستماع إلى وجهات نظرهم . اربطوا النصوص بالحياة ، وحينها ستذهلكم أفكارهم ..

التعليم كحياة لا يعني أن ترفع رأسك عنهم وتسبح في عالم المثالية والغرور وعرض عضلات التحصيل أيا كانت قيمتها ، لا يعني كذلك أن تشتكي لهم همومك أو أي قضية تهمك ، ولو حاولوا طرحها بأي شكل من الأشكال أحسن التخلص من السؤال وتجاوزه …

كن نموذجا في القسم لأفعال لا تريد منهم فعلها . هاتفك يكون أول الهواتف المقفلة وتمتنع عن فتحه إطلاقا . لا تتناول شيئا في قسمك . نظم مكتبك . انس كرسي القسم وتجول بين الصفوف . اقترب منهم . اسألهم متى ما بدت في أعينهم علامات استفهام . مازحهم في اللحظة التي تحسهم فيها قريبين من فقد التركيز ليعودوا لك بسرعة . عاااملهم بعدل لا فضل لأنثى على ذكر ولا العكس ، ولا لابن فلان على ابن علان …

لا يصدمنك بعض رجال التعليم ( سامحهم الله ) ممن يبنون حاجزا بينك وبينهم متأبطين ورقة الترسيم ، ومشفقين على وضعيتك _ كأنك تؤدي رسالة مخالفة لرسالتهم _ وتراهم يبحثون كل مرة عن فرصة لوصفك بالمتعاقد ، اعلم أن القسم هو الفيصل بينك وبينهم ، وفيه يميز الصالح عن الطالح ، فالعقد ورقة حبل دنياها قصير ، لكن تعاقدنا مع الله أعظم وأشرف وهو الأهم … أليست هي رسالة الأنبياء قبلك وقبلهم ؟؟ …

طبعا هذا تصرف البعض منهم ممن يحسون النقص في حياتهم وإلا فالنسبة الكبيرة المتبقية تجدهم بقربك دائما يتعهدونك بنصحهم .. استمع إليهم اقترب من تجاربهم فهم عدتك النفسية في أول الأسابيع …

هذا جزء من أشهر معدودة في رحاب هذا العالم النبيل أتشاركه معكم بسلبياته وايجابياته ، لفتح قلوبكم عليه وبث نفس الاستشراف لا نفس التهويل والتخويف . إنها أعظم رسالة في الحياة فمارسوها بقلوبكم قبل ألسنتكم .. أحبوا لتلامذتكم ما تحبونه لأنفسكم واخوتكم وأبنائكم ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *