ملف

“مملكة التناقضات”: ما هي الخطوط الحمراء في المغرب؟ (ح 55)

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 55: ما هي الخطوط الحمراء في المغرب؟

“الخطوط الحمراء” هي مواضيع محرمة ومحظورة على الصحافة والصحفيين في المغرب. في “سنوات الرصاص” كانت تدور حول ثلاثة مواضيع رئيسية، في إشارة إلى المصطلحات الثلاثة للشعار الوطني: الله، الوطن، الملك.

في عهد الحسن الثاني، كان من المحرم التشكيك في الإسلام (الله)، وتنظيم الحقل الديني تحت قيادة أمير المؤمنين؛ وبالمثل، هناك موضوع “الصحراء المغربية” (الوطن)، وكل من تحدث عن “الصحراء الغربية” يتعرض لمتاعب كبيرة؛ وأخيراً، فإن أي ذكر للقصر أو للعائلة المالكة، بدون عبارات التبجيل يثير غضب أجهزة الدولة الأمنية.

لقد كان المغرب مملكة الصمت، وقد اعتاد الناس على هذا التعتيم ما عدا في الأوساط الحميمية الضيقة. وكان عدد قليل من المغاربة لا يقبلون التحدث مع شخص غريب إلا في بيئة محصورة.

لقد تغيرت الأمور من وجهة النظر هذه، بفعل التحرير والثورات التكنولوجية. وعلى مراحل، تحرر المغاربة تدريجياً من الخوف. الخطوة الأولى هي تحرير التسعينات ولحظة النشوة التي عاشتها الصحافة المغربية في نهاية هذا العقد.

وكان العامل الثاني هو الربيع العربي الذي حرر الكلمة منذ بداية عام 2011. وأخيراً، فإن احتجاج الحراك في الريف في 2016-2018 هو أيضاً لحظة قوية للاحتجاج والنقاش العام أو عبر الإنترنت.

بين التسعينات و2010، تم تحقيق هذا التحرير التدريجي من خلال انفجار وسائل الإعلام الإلكترونية. بحلول عام 2019، يتم استعمال الشبكات الاجتماعية من طرف 20 مليون مغربي.

هل يعني هذا أن الكلمة حرة وأن “الخطوط الحمراء” قد اختفت في المغرب؟ لقد كانت هذه هي المغامرة التي راهن عليها جيل شاب من الصحفيين وبعض المثقفين بين عامي 1996 و2000، ثم بحذر أكبر حتى عام 2013.

لقد أفلح السباقون في هذا المجال وهم الصحفيون الذين أسسوا أسبوعيتي “لوجورنال” و”دومان” في تكسير بعض الطابوهات قبل أن يتم منع مجلاتهم عام 2000 (الحديث عن موضوع الصحراء والأسرة المالكة وميزانية القصر والإلحاد والإسلام السياسي وما إلى ذلك).

ومع ذلك، فقد أعادت الخطوط الحمراء إنتاج نفسها بدلاً من الاختفاء التام. حتى لو عبّر المغاربة عن أفكارهم بحرية تامة على الشبكات الاجتماعية وتراجع الخوف، فإن كل الخطاب العام والتعبير يظلان مراقبين. مع فرض حظر على الصحف ومحاكمات وعقوبات على الصحفيين، مما أدى إلى تكميم الصحافة المستقلة في عام 2013.

وفيما يتعلق بالصحراء والإسلام، فالخطوط الحمراء أكثر هشاشة دون أن تختفي (كما يتضح من المحاكمة على النكات حول الإسلام ضد نيشان في عام 2007). وتبقى الحقيقة أن المعلومات عن قلب سلطة الدولة وأصحابها وتجاوزاتهم لا تزال في منطقة الظل، حتى لو كانت بعض المقالات أو الكتب “الممنوعة” المنشورة في الخارج تنقلها إلى الشبكات الاجتماعية.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *