أخبار الساعة، سياسة

صبري الحو: القرار الأمريكي بداية لتكوين إجماع دولي حول مغربية الصحراء

الملك محمد الساسد ودونالد ترامب

اعتبر الخبير في القانون الدولي ونزاع الصحراء، صبري الحو، أن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، لأول مرة في تاريخها، يشكل بداية لتكوين قناعة وإجماع دولي بمغربية الصحراء، كما يشكل بداية لوضع نهاية لهذا الملف بالأمم المتحدة، عبر إصدار قرار نهائي من مجلس الأمن.

وأوضح المحامي المغربي، أن القرار الأمريكي باعترافها بسيادة المغرب على الصحراء، هو نقلة نوعية في مسار الملف السياسي والقانوني، مشيرا إلى أن أمريكا هي صانعة التاريخ المعاصر والفاعل الأساسي فيه على جميع الأصعدة، بدءا بالجغرافية عبر المساهمة في تحرير البلدان الأوروبية، ثم الإعمار والاقتصاد والأمن والسياسة.

وأشار إلى أن إقرار أمريكا بمغربية الصحراء “ليس رد جميل على سابق اعتراف المغرب بها، وليس تغليب للمغرب ومناصرة له، وليس خدمة بثمن. فأمريكا تكشف فقط عن واقع الجغرافيا التي تنطق بمغربيتها وحقيقة التاريخ الذي يزخر بشهادات على أنها جزء من التراب المغربي، ومقتضيات القانون الذي حكم لها بأنها نطاق اقليمي مغربي خالص”.

وقال الحو إن الديبلوماسية الملكية نجحت في استصدار شهادة وإعلان أمريكي بمغربية الصحراء من طرف رئيس أمريكي، لافتا إلى أن أمريكا نظام رئاسي تحتل فيه الرئاسة الاتحاد الأعلى قمة في صناعة القرار السياسي واتخاذه، بحيث تخضع لها كل الأجهزة ولا تناقشه، فالقرار له حجية وصدقية نهائية.

وبعد هذا الإعلان المرافق لخطوة عملية على الأرض بفتح القنصلية الأمريكية في الداخلة، يقول الحو، فإن السؤال الآن مركز على كيفية استثمار المغرب لهذا التحول والنقلة النوعية إلى حسم نهائي على مستوى الملف برمته، وبكافة جزئياته وتفاصيله، حسب قوله.

ويرى أن الحور أن الخطوة الأمريكية تكشف أن المغرب قوة جذب وتنافس دولي، وأن سياسة حزم المغرب وانفتاحه على تنوع الشركاء وخطته الجديدة بإفريقيا، أعطت عائدا سياسيا سريعا وهائلا، يجعل ثقلا وتحديا أكبر على المغرب من أجل الاستمرار والحفاظ عليه، وبذل مزيد من الحيطة والحذر تفاديا للوقوع في شراك المؤامرات وفخاخ تربصات الخصوم.

حصانة للمغرب

الحو شدد في مقال له بعنوان “الإعلان الأمريكي بمغربية الصحراء، طبيعته، دلالاته ومآلات ملف نزاع الصحراء”، على أن هذه الخطوة التاريخية تشكل حصانة للحقوق المغربية داخل مجلس الأمن كجهاز دولي يمثل الآلية التقريرية والتنفيذية الأممية بمثابة حكومة عالمية، نظرا لكون مغربية الصحراء تعززت باعتراف دولة عظمى تتمتع بحق النقض من داخل مجلس الأمن.

وأضاف أن القرار الأمريكي يعتبر بداية لتكوين قناعة وإجماع دولي كما في مجلس الأمن بهذه الحقيقة، ووضع نهاية للملف بالأمم المتحدة، عبر إصدار قرار نهائي من مجلس الأمن بتسمية نعوته بالحل السياسي الواقعي والعملي الذي يضمن التنمية والأمن والاستقرار، والتصريح أن الصحراء مغربية، ومن الجمعية العامة للأمم المتحدة أن الإقليم محدد وضعه النهائي من ذي قبل في إطار مغربيته.

ويرى الخبير القانوني أن القرار الأمريكي يعطي صدقية للموقف المغربي بكون حكم محكمة العدل الدولية بوجود روابط قانونية مع المغرب، حكم لصالحه، ويضع حدا للتفسير الخاطئ من طرف خصوم المغرب، ولأي استعمال مشبوه بهذا الخصوص.

واعتبر أن ذلك يأتي في ظل ما رافق صدور قرار محكمة العدل الدولية بوجود روابط قانونية مع المغرب، من سوء تأويل كبير ساهم فيه قضاة نفس المحكمة الذي خاضوا خروجا عن أركان وشروط الحفاظ على مبدأ الحياد، في أمور السيادة التي لم تطلب منها من طرف الأطراف موريتانيا والمغرب والجمعية العامة للأمم المتحدة.

كم يضع القرار الأمريكي أيضا، يضيف الحو، حدا لتبرير أي اعتداء على سيادة المغرب، بحيث سيكون ذلك عدوانا، يجعل المغرب حر في مواجهته بالأسلوب الذي يقدره يفي بغرض الدفاع عن نفسه، سواء باللجوء إلى مجلس الأمن، أو في إطار شرعيته في الدفاع عن النفس.

مسؤولية الجزائر وموريتانيا

وفي نفس السياق، اعتبر المصدر ذاته أن هذا الإعلان التاريخي سيغير من طبيعة أي اعتداء من طرف ميليشيات البوليساريو، بحيث سينتج عنه الدعوة إلى اعتبارها منظمة إرهابية، أو إدانة الجزائر في إطار الاتفاقية الدولية باستعمال المرتزقة للاعتداء على سيادة الدولة المغربية.

وبعد هذا الإعلان، يرى الحو أن الحل في نزاع الصحراء ينحصر على مسألة عودة سكان المخيمات المغاربة إلى المغرب في إطار صيغ الحل الحصرية التي تقرها اتفاقية جنيف 1951، ضمن اختصاص حصري لمفوضية غوث اللاجئين الأممية من داخل برنامج أممي محض يتناول الترتيبات الزمنية والمساعدة المادية للمغرب لاستقبالهم.

وتابع: “يفرض القرار الأمريكي أيضا، ضرورة للتدخل الأممي في إطار مجلس الأمن لفرض ضمان تنفيذ الجزائر باقي الحلول لمن اختار منهم أن يستمر جزائريا، مادام الجميع قد اكتسب هذا الحق في إطار مبدأ الاقامة لمدة سبع سنوات التي يطلبها القانون الوطني الجزائري، أو بالولادة انسجاما مع التزاماتها القانونية في إطار القانون الدولي، والسياسية باعتبارها معنية بالنزاع باعترافها الأخير”.

وبخصوص علاقات المغرب بجواره، يقول لحو: “أتكهن باستمرار الجزائر في تعنتها لميسرة من الزمن، فالمغرب بإغلاقة منفذ الكركرات على الأطلسي وضع حدا ونهاية لكل أمل وطمع جزائري من باب البوليساريو، وحكم عليها المغرب بحتمية المرور عبره في إطار تفاهمات سياسية واقتصادية”.

وأضاف: “القرار الأمريكي يزيد من شدة الضغوط على الجزائر إلى أعلى مستوياته، ويفرض عليها حلا واحدا هو التفاوض المباشر مع المغرب والتعاون لتسوية نهائية تحفظ ماء وجهها بعد أن خسرت كل الأوراق، ولا حرج لها في ذلك، فقد سبق لها أن أقرت بعدم ادعائها أي حقوق في الصحراء، وأنها مغربية”.

وأشار إلى أن القرار الأمريكي بمغربية الصحراء يرفع الحرج على موريتانيا التي تحتاج وقتا لاستيعاب داخلي، لافتا إلى أن الأمر يختلف كثيرا مع موريتانيا التي أعلنت الحياد وتحملت عناء الحفاظ عليها وشقاء بحثها المستمر عن نقطة وحدود التوازن مع جيرانها المغرب والجزائر.

واعتبر أن القرار الأمريكي سيحرر موريتانيا من الحرج، لكن ذلك لن يكون آليا وبسرعة، فالأمور على المستوى الداخلي الاجتماعي مركبة ومتداخلة ومعقدة، وتحتاج مهلة لتيسير السيطرة عليها وفكها، على حد تعبيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *