ملف

“مملكة التناقضات”: هل حقا يعتبر المغرب بلدا سياحيا؟ (ح 60)

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 60: هل حقا يعتبر المغرب بلدا سياحيا؟

أصبح المغرب الوجهة الأولى للسياحة في أفريقيا منذ الربيع العربي في عام 2011. في السابق، كانت هذه المرتبة تشغلها مصر، تليها تونس. بيد أن انعدام الأمن والهجمات في كلا البلدين تسبب في انخفاض حركة السياحة بشكل حاد.

من ناحية أخرى، على نطاق دولي، فالمملكة المغربية قوة سياحية صغيرة، فهي لا تنتمي إلى أفضل ثلاثين وجهة في العالم. إن المغرب، المجاور للجزائر التي تقفل حدودها، ليس وجهة عبور أو وجهة جوار، مما يقلل تلقائيا من التدفقات، على عكس العديد من البلدان الأوروبية أو الأسيوية.

يمكن الذهاب إلى المغرب بالطائرة أو السفن العبّارة من الموانئ الإسبانية أو الفرنسية. حطم المغرب رقمه القياسي السياحي الدولي في عام 2018. هذه النتيجة المتنامية بسرعة من إنجازات الملك محمد السادس، الذي، على عكس والده، اتخذ القرار باعتماد السياحة خيارا استراتيجيا وعمل على تنمية القطاع، وكان يحلم بالوصول إلى 20 مليون سائح بحلول عام 2020. وهذه الأهداف لا زالت بعيدة التحقيق.

ارتفع عدد السياح الدوليين الزائرين للمغرب من مليوني سائح سنويا في نهاية القرن العشرين إلى 12 مليون سائح في عام 2018: فالمغاربة الذين يعيشون في الخارج، الذين كانوا يشكلون الأغلبية، لا يزال دورهم أساسيا مع ما يقرب من 5 ملايين زيارة سنوية.

أما السياح الآخرون فهم في المقام الأول فرنسيون وألمان وأمريكيون وإيطاليون ويتبعهم الصينيون والإسبان. أراد الملك الحسن الثاني حماية بلاده من التأثيرات الأجنبية التي كان يخشاها بينما ابنه يريد أن يجعل من السياحة وسيلة لتحديث المغرب وحمايته من أفكار الإسلام السياسي التي تدعو إلى الانغلاق على الذات.

وفي الواقع، ارتفع حجم السياحة إلى حد كبير، على الرغم من أن البلاد عانت من بعض الهجمات ومن الأزمة المالية الدولية في عام 2008، وخاصة من السياق العربي الدولي، الذي أبطأ الزخم. ونتيجة لذلك، تجلب السياحة الدولية أكثر من 7 مليارات دولار، أو 5% من الناتج الداخلي الخام الوطني.

ولكن وفقا لإحصائيات وزارة السياحة، فإن المجموع يبلغ، من خلال دمج السياحة الداخلية والخارجية، ولكن أيضا رقم المعاملات المباشرة وغير المباشرة رقم 17٪ من الناتج الداخلي الخام مع توفير مليونيْ وظيفة، وهكذا تعد السياحة ثاني أكبر قطاع اقتصادي في البلاد بعد الزراعة من حيث فرص الشغل وتتركز السياحة الدولية الجماعية على أجزاء الضيقة من المجال الوطني: 60٪ من ليالي المبيت في الفنادق في عام 2018 تمركزت في مراكش وأكادير، وهما القطبان الكبيران بالنسبة للسياحة الاحتفالية والساحلية.

وقد أصبح المغرب بلداً سياحياً رئيسياً في أفريقيا والشرق الأوسط، على الرغم من تجاوزه من طرف كل من تركيا والإمارات العربية المتحدة وهو يستفيد من قربه من أوروبا ولكن نسبة عودة السياح لزيارة ثانية تظل هزيلة. على كل حال فإن السياحة تظل نشاطا هشا يخضع للتقلبات الاقتصادية والأمنية في العالم.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *