ملف

“مملكة التناقضات”: لماذا يغادر الكتاب المغاربة نحو الخارج؟ (ح 75)

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 75: لماذا يغادر الكتاب المغاربة نحو الخارج؟

صفية عز الدين، الطاهر بن جلون، محمد برادة، محمد شكري، إدريس الشرايبي، سليم الجاي، محمد خير الدين، عبد اللطيف اللعبي، فؤاد العروي، عبد الحق سرحان، ليلى سليماني، عبد الله الطايع، هذه أسماء بعض الكتاب والشعراء والروائيين المغاربة اللامعين الذين عاشوا أو يعيشون كل حياتهم أو جزءا منها في الخارج، معظمهم في فرنسا، ولكن آخرين أيضاً في هولندا مثل فؤاد العروي أو في إيطاليا أو الولايات المتحدة مثل عبد الحق سرحان.

ومع ذلك، نحن لم ندرج هنا الكتاب اليهود المغاربة الذين غادروا بلادهم، ولا اللاجئين السياسيين (ولو أن محمد برادة وعبد اللطيف اللعبي عاشوا التجربة)، ولا الصحفيين المنفيين (أبو بكر الجامعي، علي مرابط، أحمد رضا بنشمسي…) ولا الآخرين المنبوذين من السلطة.

وإذا اقتصرنا على الروائيين والشعراء، فإن أكبر الأسماء في الأدب المغربي في القرن العشرين عاشوا في الخارج لفترة طويلة أو بشكل نهائي. من ناحية أخرى، كثيرا ما احتفى الوطنيون بمجموعة من الكتاب الأجانب، وخاصة الفرنسيين، الذين كانوا يقيمون في المغرب، وأحياناً بشكل دائم، مثل جان جينيه المدفون هناك. لكن بالنسبة للكتاب المغاربة، فإن مكانة المثقفين في المغرب حساسة وتحيط بها المخاطر.

هناك بعض النساء والنشطاء الأمازيغ والمعارضين السياسيين والملحدين، والشواذ الجنسيين وذوي الأفكار الحرة وما إلى ذلك، الذين واجهوا الإقصاء والازدراء من طرف مجتمع لا يحب الرؤوس التي تتجاوز الأغلبية وتبرز بأفكار مختلفة عما هو سائد.

ومن المفارقات أن البلد منفتح على الآخرين وعلى الحداثة المستوردة عن طريق الأجانب، ولكنه يتوجس عندما يغادرون بيت الطاعة وهذه مسألة تتعلق بالدين وعلم الاجتماع والسياسة.

يجد العديد من المثقفين في الخارج مناخ الحرية الذي يفتقدونه في داخل البلاد. بالنسبة للكتاب، الذين يتمثل عملهم في نشر أفكارهم، وهواجسهم العميقة، فإن الاغتراب يسمح لهم بتحرير أنفسهم من القيود الاجتماعية ليقولوا رأيهم في الأوضاع السارية في البلاد، بما في ذلك بعض الأسرار العائلية، فالمجتمع المغربي بيئة معادية لمن يختلف مع الأغلبية ومن يفضح الاختلالات.

ناهيك عن أن المغاربة لا يقرأون الكتب إلا قليلا ولا يكرمون كتّابهم الذين يجدون أنفسهم غير قادرين على كسب العيش بقلمهم في بلدهم. وبصرف النظر عن الكتب الإسلامية، فإن الموزعين والناشرين نادرون، والكتابة غير مدفوعة الأجر. وفي حين أن بعض السفارات المتعاونة مع وزارة الثقافة أو غيرها من المؤسسات تمنح جوائز أدبية وتسعى جاهدة للترويج للمؤلفين، فإن هذا لا يغير كثيرا من هذا الواقع.

في فرنسا، على العكس من ذلك، يتم تكريم أهل الأدب تقليديا، بما في ذلك الكتاب الأجانب، وخاصة إذا كانوا يتحدثون الفرنسية. إذا كتب الكتاب المغاربة باللغة الفرنسية، فهذا لأنهم ينشرون من قبل دور النشر الكبرى، ويحصلون على جوائز بارزة (هناك جائزتان من جوائز غونكور منحت إلى ليلى سليماني والطاهر بنجلون)، كما أنهم يدعون للتعبير عن أفكارهم بصفتهم ينتمون إلى فئة الكتاب الفرنكوفونيين وهذا لا يمنعهم من الكتابة والحديث عن المجتمع المغربي، أو المشاركة في النقاش حول تحولاته، أو الدفاع عن مصالح ورؤية المغاربة في أوروبا أو في أي مكان آخر.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *