ملف

“مملكة التناقضات”: هل يذهب كل الأطفال المغاربة إلى المدرسة؟ (ح 76)

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 76: هل يذهب كل الأطفال المغاربة إلى المدرسة؟

في عام 2012، كان 58 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و11 لا يزالون خارج المدرسة في جميع أنحاء العالم. بين عامي 2000 و2012، وفقا لوزارة التربية الوطنية المغربية، فإن نسبة الالتحاق بالتعليم الابتدائي بلغت 98% تقريبا وربما أقل من ذلك على الأرجح.

وكان الهدف هو أن يضع القصر حدا لأكبر فضيحة اجتماعية في عهد الحسن الثاني، وهي عدم التحاق الملايين من الشباب المغربي بالمدارس، واستمرار تسجيل مستويات عالية من الأمية: 30 في المائة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة في عام 2004 (40 في المائة منهم من الفتيات)، وهو معدل انخفض إلى 11 في المائة في عام 2014 (بمن فيهم 14.8 في المائة من الفتيات وأكثر من 25% في المناطق القروية). لكن هذا الجهد الذي لا يمكن إنكاره هو في الواقع مخيب للآمال، وينتج المغرب إحصاءات كافية حتى للحقائق الأكثر إزعاجا عندما يتم نشرها.

إذا كان جميع الأطفال المغاربة تقريباً مسجلين في المدارس في سن السادسة، في بداية المدرسة الابتدائية، فإن وجودهم في المنظومة المدرسية اللاحقة مختلف كثيرا والضحية الأولى هن الفتيات في العالم القروي.

وقد بذلت الدولة جهوداً للاستثمار وبناء المدارس وتكوين المعلمين، لكن النتائج لا تزال غير مشرفة: في عام 2017 بالنسبة لـ 4 ملايين شاب قروي دون سن الرابعة عشرة (مقارنة بـ 5.5 مليون شاب حضري). ووفقاً لمسح أجراه المرصد الوطني للتنمية البشرية والبنك الدولي في عام 2017، فإن أكثر من 56% من المدارس القروية المغربية لا تتوفر لها المياه الصالحة للشرب، وأكثر من 10% بدون كهرباء، وأقل من 7% متصلة بشبكة الصرف الصحي. وإذا أضفنا أنه بالنسبة لتسعة من كل عشرة أطفال، لا يوجد نقل مدرسي (علما أن المسافة قت تبلغ عدة كيلومترات من المشي في ظروف قاسية)، وأن ربع المدارس تفتقر إلى مراحيض وظيفية (45 في المائة منها ملحقات قروية)، و37 في المائة لا تملك الحد الأدنى من أدوات، فإن هذه العناصر تفسر النسبة الهائلة للهدر المدرسي.

ووفقاً للوزير، لا تزال ظاهرة الهدر تشمل ما يقرب من 300 ألف طفل سنوياً في المدارس الابتدائية في عام 2017، والرقم في القرى يبلغ ستة أضعاف ما هو عليه الحال في المدن. وفي نهاية المطاف، فإن 35 في المائة من شباب الريف في جميع المراحل يرتادون المدارس: 35 في المائة في المرحلة الأولية و95 في المائة في السنة الأولى من التعليم الابتدائي، و36.8 في المائة في الإعدادي و10.5 في المائة في المدارس الثانوية التأهيلية (مقارنة بنسبة 50 في المائة من أطفال الحضر في هذا المستوى). أما التعليم الأولي فهو نوع من التضليل والوهم: في الأسر الأمازيغية، تتمثل الصدمة المزدوجة في وجوب التعلم المشترك باللغتين العربية والفرنسية في المدارس الابتدائية.

هذا التعبير من صحيفة L’Économiste المغربية في عددها الصادر في 13 نوفمبر 2018. المدارس الأولية لا تتوفر على الأدوات وغالبا ما تؤدي إلى عكس التعليم: ما يتم تعلمه بين بضعة أشهر وأقل من ثلاث سنوات يصبح منسيا بسرعة وظاهرة شبه الأمية قد تستمر. وتحاول العديد من الجمعيات وحتى السلطات الحد من هذه الظاهرة.

لكن الدولة، التي تعتمد اعتماداً كبيراً على التعليم الخاص على المستوى الوطني، تعجز عن التحرك في المناطق القروية الفقيرة، حيث تثبط القوة الشرائية الضعيفة أي رغبة في إطلاق المشاريع الأعمال. وعلاوة على ذلك، ونظرا لأن معظم البلديات القروية تفتقر إلى الإعداديات، فإن الأمل في أن يتحسن النظام في المستقبل القريب ضئيل جدا.
وهذه الظروف تشجع على ضغط الهجرة التي تتوجه نحو إسبانيا، واستمرا الهجرة القروية نحو المدن، وتفسر جزئيا أن زواج القاصرات وعمل الأطفال لا يقتربان من النهاية في هذه المناطق، على الرغم من الحظر القانوني.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *