وجهة نظر

المصالحة الخليجية.. درس الحكمة والنبوغ المغربي

الأخبار الواردة بشأن الخطوات المتسارعة في اتجاه مصالحة بين أشقائنا الخليجيين، يجب أن تدعونا للابتهاج والسرور بطي صفحة من الجفاء الذي دام قرابة أربع سنوات.

وفي انتظار أن تتضح الصورة أكثر في المقبل من الأيام، أستحضر باعتزاز كبير ما شهده شهر نونبر 2017، أي في أوج الأزمة الخليجية، من دروس بليغة في الشجاعة والشهامة والحكمة قدمها جلالة الملك محمد السادس أعزه الله، حين زار دولة الإمارات العربية المتحدة وحرص على الانتقال منها عبر الطائرة الملكية في اتجاه دولة قطر، رغم ما بين الدولتين حينها من قطيعة معلنة وتوتر حقيقي ومناوشات إعلامية غير مسبوقة.

في تلك الأيام، كان هنالك ضغط كبير وترويج متسارع لمنطق الاصطفافات بين الدول العربية، وسط أحاديث عن إغراءات كثيرة ومنافع في الأفق. حينها، كثيرون كانوا يمنون النفس برؤية المملكة المغربية، بما لها من ثقل سياسي وديبلوماسي كبير، تصطف مع طرف خليجي دون الآخر. لكن الموقف الحكيم لجلالة الملك كان هو أن تظل بلادنا على نفس المسافة من كل الأطراف، مع دعوة الأشقاء الخليجيين إلى وحدة الصف واحترام سيادة كل بلد وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل دولة.

وأنا أذكر هنا تلك المواقف المشرفة والحكيمة التي سيسجلها التاريخ، أعلم مسبقا أن بعض “السياسيين والإعلاميين” العرب، المهووسين هذه الأيام بخلط القراءات والمواقف من بلادنا، لن تكون لهم شجاعة تحليل منصف يسلط الضوء على مواقف المغرب المشرفة من أزمة الخليج. كما أننا لن نسمع، ليلة الغد، “صراخ معتز” وهو يقول الحقيقة الناصعة بكون المغرب لا يبني مواقفه مع الأشقاء، على أساس مصلحي، ولا يحترف تصيد الفرص لكسب مغانم عابرة. ولن نطمع في أن يقوم “عبد الباري” بتذكير شعوب “الأمة العربية”، بأن جلالة الملك محمد السادس كان الزعيم الأول والوحيد من بين زعماء الدول العربية، الذي سارع، بشجاعة وجرأة تحدت توتر الأشقاء، إلى دعوة دول الخليج ل “ضبط النفس والتحلي بالحكمة من أجل التخفيف من التوتر، وتجاوز هذه الأزمة وتسوية الأسباب التي أدت إليها بشكل نهائي”.

على أي، نحن لم ننتظر يوما اعترافا من هؤلاء “المهووسين بالصراخ والنفاق”، بسمو الأخلاق السياسية وحكمة المواقف الرسمية لبلادنا. بالنسبة لنا، لم تكن تلك المواقف المشرفة من قيادة المملكة المغربية في أوج الأزمة الخليجية، سوى فصلا جديدا من فصول النبوغ المغربي، وتجسيدا لحكمة مستمرة لدى ملوكنا الذين ظلوا يفضلون أن يربح المغرب معركة الشهامة والقيم الأصيلة، على أن يكسب معركة “المغانم” على ظهور مآسي شعوب شقيقة أو تشجيع تهديد بعضها لمصالح بعض و النيل من وحدة أراضيها.

وبدون شك، لن نسمع “صراخ معتز” وهو يشهد بالمواقف المغربية البطولية بالحقائق الثابتة في مواقفنا من قضايا أشقائنا، لأنه إن فعل سينسف كل ما ظل يرمينا به من ترهات وأقاويل، هو و كل السفهاء المتربصون بوطن شريف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *