لنا ذاكرة

“الهاشمي ناضل”.. ابن تافراوت وأحد مؤسسي جيش التحرير يرحل في صمت

قالت العرب قديما: “لكل امرئ من اسمه نصيب”، وهي المقولة التي تنطبق على المقاوم المغربي وأحد مؤسسي جيش التحرير ابن مدينة تافراوت “الهاشمي ناضل”، الذي خطفه الموت عن عمر ناهز 88 سنة، أياما قليلة فقط قبل تخليد المغاربة لذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال.

الهاشمي ناضل، الذي رأى نور الحياة عام 1932 بجماعة أمانور بتافراوت، وجد نفسه في خضم العمل الوطني والنضالي وهو مايزال في مرحلة شبابه، إذ واظب على حضور الاجتماعات التي كانت تعقد ببيت الحاج علي المنوزي بالدار البيضاء، للاطلاع على نشرة حزب الاستقلال التي كان يقرؤها الشهيد محمد الزرقطوني.

أيقونة المقاومين

وصفه مصطفى الكثيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، بكونه واحدا من “الأعلام البارزين في صفوف المقاومة وجيش التحرير الذي بصم بأياديه البيضاء وأعماله الجليلة وتضحياته الجسام تاريخ الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية”.

“أيقونة زعماء المقاومة وجيش التحرير”، هكذا وصفته الأكاديمية والأستاذة بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة مريم آيت أحمد، مضيفة أنه نشط في حقل المقاومة السرية بالدار البيضاء إلى جانب محمد الزرقطوني، وأحمد شنطر والحسن صفي الدين وإبراهيم السكتاني وغيرهم.

وأوضحت آيت أحمد أن “ناضل” تكلف “بشراء الأسلحة وتخزينها ومد خلايا المقاومة بالتبرعات المالية، كما وضع بيته رهن إشارة الفدائيين، وملاذا وقبلة للمقاومين القادمين من الشمال”.

اضطر الهاشمي ناضل في إحدى الفترات إلى الفرار إلى مدينة سيدي إفني هربا من بطش المستعمر، خصوصا بعدما استقدمت سلطات فرنسا والديه من تافراوت إلى الدار البيضاء ثم عرضتهم للاستنطاق والتعذيب.

مقام الهاشمي ناضل لم يطل بمدينة سيدي إفني، فقد انكشف أمره رفقة مجموعة من المقاومين بعد إرسالهم شحنة أسلحة من مدينة سيدي افني إلى تامنارت، حيث نقلته فرنسا في باخرة رفقة 12 مقاوما إلى سجن بجزر الكناري.

من الشمال إلى الجنوب

تولى “ناضل” مسؤولية قيادة الفرقة التاسعة بعد التحاقه بجيش التحرير في الأطلس المتوسط، وانضم تحت لوائه المئات من قبائل زيان، بعد سنة 1956 توجه إلى شمال المملكة لرأب تصدعات جيش الحرير، بعد أن طلب منه الراحل محمد الخامس ذلك.

بعد ترميم جيش التحرير بالشمال، توجه ابن سوس إلى الصحراء المغربية لتأسيس نواة لجيش التحرير هناك، حيث تولى قيادة “المقاطعة الثامنة” التي امتد نشاطها من الساقية الحمراء إلى وادي الذهب وموريتانيا.

في مارس 1973، عين الملك الراحل الحسن الثاني “الهاشمي ناضل”، عضوا بالمجلس الوطني المؤقت لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، كما انتخب عضوا بمكتب المجلس وبلجنته الدائمة، قبل أن يشارك في المسيرة الخضراء عام 1975.

الراحل، الذي تقلد منصب قنصل شرفي للجمهورية الإسلامية الموريتانية بالدار البيضاء، ساهم كرجل أعمال ناجح في توطيد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المغرب وبلدان إفريقية وعربية.

وفي هذا الصدد، أوضحت آيت أحمد، أن ناضل أقام مراكز تجارية في كل من بغداد وصنعاء وطرابلس، وأبيدجان وموريتانيا، كما ساهم في فتح علاقات تجارية مع أندونيسا.

“ناضل”، المدافع الشرس عن الوحدة الترابية للمغرب، وشحه الملك محمد السادس بوسام العرش من درجة ضابط، في الذكرى 49 لعيد الاستقلال، كما نال تكريم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، ضمن صفوة من قدماء المقاومين عام 2002 بمدينة الدار البيضاء، وفي يناير 2015 بمدينة تافراوت.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • طه جمعه مصطفى عبيد
    منذ شهرين

    كان رجل أعمال بمعنى الكلمة عملت معه عام 1988 في بغداد المركز التجاري المغربي وكان رجل في قمة التواضع ويعمل بيده معني في معرض بغداد الدولي رحمة الله عليه في جنة الخلد ان شاء الله

  • El-Hachem
    منذ 8 أشهر

    لقد كان صديق أبي رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته. لما ولدت قام ب زيارتنا في المستشفى ب مدينة الرباط، وهو الذي سماني على إسمه.