اقتصاد، ملف

حصري.. “ألزا” تفرض “شروط الخزيرات” و41 مليار لتوفير خدمة النقل الحضري بالبيضاء

في فصل جديد من فصول غرائب التدبير المفوض في المغرب هذه المرة في قطاع النقل، وضعت شركة ألزا التي تتولى تدبير النقل الحضري بالدار البيضاء شروطا، أقل ما يمكن أن توصف به أنها “شروط الخزيرات” و”استعمار  اقتصادي” من نوع خاص، والتي من ورائها امتصت 417 مليون درهم من المال العام حتى يمكنها الاستمرارها في توفير خدمة النقل الحضري.

وكشفت مراسلة داخلية حصلت عليها “العمق”، تتعلق بشروط ملحق عقد التدبير المفوض الخاص بالنقل الحضري في الدار البيضاء الذي تم توقيعه مؤخرا ، وهي شروط وضعتها شركة “ألزا” ضمن المراسلة الموجهة إلى مؤسسة التعاون بين الجماعات ومدير  “كازا ترونسبور”، بأسلوب يحمل لغة “ابتزاز” أكثر منه أسلوب لغة مراسلات إدارية، والغريب كذلك في هذه الواقعة، هو أن تقبل مؤسسة التعاون بين الجماعات شروط الشركة دون أي تغيير.

417 مليون درهم مقابل خدمة النقل

من بين الشروط التي وضعتها الشركة، وفق المراسلة ذاتها، أن تضخ مؤسسة التعاون بين الجماعات مبلغا يصل إلى 417 مليون درهم في خزينة الشركة، قصد إنجاز عمليات مختلفة، تشمل 280 مليون درهم برسم الدفعة الثانية لإقتناء حافلات جديدة، و 37  مليون درهم بالإضافة إلى فواتير الإيرادات التي حصلتها “ألزا” ، و60 مليون درهم لتمويل خطة تسريح أزيد  800 مستخدم بمبرر المغادرة الطوعية ، ثم 76 مليون درهم تمثل 50 في المائة من اقتناء حافلات مستعملة.

فبخصوص 137 مليون درهم، طالبت شركة “ألزا” من مؤسسة التعاون بين الجماعات،  دفع مبلغ 137 مليون درهم عن عمليات الفوترة  خلال الفترة الممتدة بين  نونبر 2019 إلى أبريل 2020 ، أي ما يقرب من 23 مليون درهم شهريًا ، بالإضافة إلى الإيرادات التي حققتها الشركة الإسبانية خلال فترة اشتغالها.

ومن بين الشروط الغريبة التي طالبت بها “ألزا” كذلك، هي أن تدفع مؤسسة التعاون بين الجماعات مبلغا بـ 60 مليون درهم من المال العام قصد تمويل عملية المغادرة الطوعية للمستخدمين، وهو ما يعني تسريح نحو 800 مستخدم من مستخدمي الشركة.

وفضلا عن ذلك، فقد دشنت شركة “ألزا” عددا من الإجراءات التعسفية في حق المستخدمين من خلال تخفيض رتب عدد منهم إلى رتب متدنية بمن فيهم مندوبي الأجراء ، كما قامت بطرد ومحاصرة عدد من المكاتب النقابية في كل من طنجة ومراكش وأكادير والدار البيضاء.

شروط الخزيرات

بحسب المراسلة التي وجهتها “ألز” إلى مؤسسة التعاون بين الجماعات،  تصر الشركة، في أقل من 12 شهرا من الشروع في تدبير القطاع، على مراجعة العقد والتوقيع على الملحق التعديلي.

ومن بين النقط التي تطالب “ألزا” بمراجعتها، الضرائب والغرامات، حيث اشترطت مراجعة الضرائب و الغرامات المترتبة عليها بالرغم من أنها لم تقدم إي إقرار بالضريبة على  القيمة المضافة منذ نونبر 2019 إلى غاية توقيع ملحق العقد مؤخرا . ومن خلال تجاربها السابقة في مدن أخرى، لوحظ أنها كانت تؤدي الضرائب خارج المواعيد المحددة قانونيا.

وبالإضافة إلى ذلك تشترط “ألزا” فوترة الخدمات لفائدة المدينة  بطريقة أخرى غير تلك المتفق عليها، وبما أن شركة Alsa لم تستثمر حتى الآن منذ أن زودها مجلس المدينة بحافلات الفاعل السابق Mdina Bus ، قبل منحها 152 مليون درهم لشراء 400 حافلة مستعملة ( مؤقتة)، فقد  اشترطت تغير نظام الفوترة المتفق عليه في العقد الأولي.

وكما أن تكاليف شركة “ألزا” معروفة ومضبوطة بشكل مفصل، وخلافا لبنود العقد، لم تدفع Alsa العائدات منذ بدء العقد في 01 نونبر 2019 بينما يجب دفع الإيرادات شهريا لـ Casa Transport.

الأكثر من ذلك، هو أن شركة “ألزا”، وبالرغم من أنها لم تدفع الإيرادات المحصلة إلى Casa Transport كما هو منصوص عليه في العقد، طالبت أن يكون عدم دفع الإيرادات تعاقديا، بل وترفض دفع الفواتير ربع سنوية الصادرة عنها.

حافلات مستعلمة وأخرى جديدة

أقدمت شركة النقل الحضري “ألزا”  على شراء 400 حافلة مستعملة نيابة عن مؤسسة التعاون بين الجماعات، وصلت منها 200 في يناير 2020 و 200 أخرى في فبراير 2020. وتبلغ قيمة هذا الشراء الذي تموله مؤسسة التعاون بين الجماعات 152 مليون درهم أي 400 ألف درهم لكل حافلة (تتراوح أعمارهما بين 9 و 14 عاما) بينما تعرض أسعار الحافلات المماثلة في أوروبا عمومًا بحوالي 15000 يورو فقط وفقا لمواقع متخصصة في بيع الحافلات المستعملة.

وفي 15 نونبر من سنة 2019 ، تم إلغاء طلب مناقصة 700 حافلة سيتم شراؤها من قبل مؤسسة التعاون بين الجماعات، لتتولى  شركة “ألزا” في النهاية عملية الشراء بدلا عن مؤسسة التعاون، على أساس أن يتم تمويل 350 حافلة من طرف ( FART) صندوق دعم إصلاح النقل، فيما ستتولى ألزا تمويل 350 حافلة وهو ما يحدث لأول مرة في تاريخ التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري بالمغرب.

وكانت مؤسسة التعاون بين الجماعات قد حددت الميزانية المخصصة لاقتناء 620 حافلة في إطار صفقتين، في مبلغ 550,80 مليون درهم لكل طلب عروض فيما تم تخصيص مبلغ 576 مليون درهم من أجل اقتناء 80 حافلة أخرى ليكون مجموعة المبالغ المرصودة هي 1.677 مليار درهم.

وتوجهت ألزا  لطلب حافلات من نوع ” مرسديس” و”سكانيا” وهي نفس الشركات التي كانت قد تقدمت لطلبات عروض الصفقة التي أطلقتها مؤسسة التعاون بين الجماعات،  حيث تتضمن 420 حافلة مرسيدس عادية  بما مجموعه  1.8 مليون درهم  للوحدة، و80 حافلة مزدوجة من مرسيدس بسعر 2.6 مليون درهم للوحدة، ثم 200  حافلة Scania (صنع محلي) بسعر 1.850 مليون درهم للوحدة.

وقد تم الاتفاق على أن تمويل الأسطول الجديد سيتم تنظيمه وفق اتفاقية تمويل بين الشركة والسلطات المفوضة بمبلغ 1.1 مليار درهم، تتضمن المركبات وإعادة تأهيل الشبكة، وتشمل 900 مليون درهم مدفوعة من طرف صندوق دعم إصلاح النقل الحضريFART-، و100 مليون درهم مدفوعة من طرف الجماعة الترابية للدار البيضاء، ثم 100 مليون درهم مدفوعة من طرف جهة الدار البيضاء- سطات. وكان من المتوقع إدخال نصف هذا الأسطول إلى الخدمة في الفترة الممتدة بين ماي ويوليوز 2020. مع العلم أن شركة النقل الحضري ألزا لم تقم بتمويل أي مصاريف، في الوقت الذي مولت مؤسسة التعاون بين الجماعات جميع العمليات.

تكتم على عقد التفويض

وبالإضافة إلى كل ذلك، لم يتم الكشف عن عقد التدبير المفوض الخاص بالنقل الحضري في الدار البيضاء ولا العقد  التعديلي الملحق، بالرغم من أن  المادة 14 من القانون 05-54 المتعلق بالتدبير المفوض للخدمات العامة تنص على ما يلي:  “ينشر مستخرج من عقد التدبير المفوض في الجريدة الرسمية بالنسبة إلى المؤسسات العامة في الجريدة الرسمية للجماعات المحلية وبالنسبة إلى الجماعات المحلية وهيئاتها. ويتضمن هذا المستخرج أسماء المتعاقدين وصفاتهما وموضوع التفويض ومدته ومحتواه وكذا البنود المتعلقة بالمرتفقين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *