اقتصاد، ملف

خاص.. أخطبوط “ألزا” يتمدد ويحكم قبضته على صفقات النقل الحضري رغم كل الخروقات (4)

لم تتأخر شركة “كازا ترونسبور” لتخرج وتبشر البيضاويين بقرب إطلاق الحافلات الجديدة التي ستجوب الدار البيضاء، كأنه إنجاز فوق العادة. الشركة ذاتها لم تجرؤ على نشر التفاصيل المرتبطة بهذه العملية على المستوى المالي والصفقات المرافقة لها، وهي التفاصيل التي سبق لجريدة “العمق” أن نشرتها، بناء على الرسالة “الغريبة” التي وجهتها “ألزا” إلى مؤسسة التعاون بين الجماعات وشركة “كازا ترونسبور”. وإذا كانت شركة ألزا، قد حسمت تدبير النقل في مدينة الدار البيضاء، رغم الخروقات المسجلة، وتولي التدبير المفوض للنقل الحضري، فإن امتدادها لتولي هذا القطاع يستهدف مدنا أخرى وتتجه إلى اقتناص صفقة النقل الحضري في مراكش وأكادير ومدن أخرى، بالرغم مما راكمته من خروقات على جميع المستويات، وهو ما توثقه تقارير المجلس الأعلى للحسابات.

مراقبة صورية

ومن أجل تدارك الملاحظة التي سبق لقضاة المجلس الأعلى للحسابات أن نبهوا إليها بخصوص غياب أي آلية لمراقبة مدى التزام الشركة بمقتضيات دفتر التحملات، عمدت مؤسسة التعاون بين الجماعات إلى خلق المصلحة الدائمة للمراقبة تضم أربعة أجراء تتكلف شركة “ألزا” بأجورهم، وهو يضرب في صميم حياد وموضوعية مهام المراقبة وضبط مدى احترام الشركة لالتزاماتها بالشكل المطلوب بعيدا عن أي تأثير كيفما كان.

في شق أخر، منحت السلطات المفوضة على مستوى مدينة أكادير، لشركة “ألزا” حق اختيار مكتب الدراسات الذي سينجز الإفتحاص المالي والإداري للشركة، حيث أصبحت هذه الأخير خصما وحكما في الوقت نفسه في خرق واضح لمقتضيات المراقبة المالية والإدارية التي يجب أن تقوم بها السلطات المفوضة وليس أن تمنح الفرصة للشركة المفوض لها باختيار ما تشاء من مكاتب الدراسات.

إختلالات مالية وتدبيرية

سجل تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول مرفق النقل الجماعي للأشخاص بواسطة الحافلات بأكادير الكبير، العديد من الملاحظات، من أبرزها عدم أداء الإتاوات السنوية نظير التدبير المفوض لمرفق النقل العمومي خلال الفترة 2010-2015.

وأشار  التقرير، إلى أنه خلال الحصيلة المالية لسنة 2018 ، لم تحول شركة “ألزا” أي مبالغ مالية للسلطة المفوضة إلى حدود أبريل من سنة 2019 ، حيث ينص البند 11.05  من اتفاقية التدبير المفوض على أن المفوض له ملزم بأداء إتاوة سنوية لفائدة المفوض نظير تدبيره لمرفق النقل العمومي بواسطة الحافلات بأكادير الكبير. وتعادل هذه الإتاوة  0.5 في المائة من رقم المعاملات السنوي، دون أن تقل 750.000.00 درهم، تؤدى في اليوم الثاني من شهر أبريل من كل سنة كحد أقصى.

وتظهر المعطيات الرقمية أن شركة “ألزا” للنقل الحضري مدينة للسلطة المفوضة بمدينة أكادير  بمبلغ 3.06 مليون درهم في حين أن مبلغ الإتاوات كما حدده العقد بأكثر من 6.8 مليون درهم حتى 31 ديسمبر 2018.

وإلى جانب ذلك، سجل التقرير تأخرا في ممارسة سلطة المراقبة على المفوض له، بالرغم من تنصيص البند 10 من اتفاقية التدبير المفوض في نسختها الأولى، على تمتع المفوض بسلطة مراقبة مدى احترام المفّوض له لالتزاماته، إلا أنها لم تتطرق لنمط ممارسة هذه المراقبة ومصدر تمويلها. ولتدارك هذا الخلل، خول ملحق عقد التدبير المفوض المصادق عليه في 25 مارس 2013 ممارسة هذه السلطة للمصلحة الدائمة للمراقبة.

وفي 11 دجنبر 2014، تم إبرام اتفاقية بين المفوض والمفوض له تحدد الوسائل البشرية والمادية التي سيضعها هذا الأخير رهن إشارة المصلحة الدائمة للمراقبة للاضطلاع بمهامها، صادقت عليها السلطة الوصية بتاريخ 14 أبريل 2015.

وتبين من خلال المحاضر المنجزة من طرف المصلحة المذكورة، أنها لم تبدأ فعليا نشاطها إلا في فبراير 2015، كما أن صدور قرار تحديد مهامها وصلاحياتها من طرف  المفوض تأخر إلى حدود 11 غشت 2015. وقبل تفعيل هذه المصلحة، ظل المفوض لمدة أربع سنوات وخمسة أشهر، أي ما يقارب 30 بالمائة من مدة عقد التدبير المفوض، ممثلا بشخص واحد لا يتوفر على الوسائل اللازمة لممارسة سلطة المراقبة المرتبطة بالالتزامات  التعاقدية والمقررة بموجب المادة 17 من القانون رقم 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة (مراقبة اقتصادية ومالية وتقنية واجتماعية وتدبيرية). وهكذا، لم يتم القيام بمجموعة من المهام الرقابية رغم أهميتها الكبرى على مستوى كلفة المرفق وجودة الخدمات المقدمة.

ووقف التقرير عند عدم التمييز في قائمة جرد الأموال بين أموال الرجوع وأموال الاسترداد، حيث لوحظ أن قوائم الجرد المقدمة خلال الفترة 2015 – 2012 لا تميز بين أموال الرجوع وأموال الاسترداد، وذلك خلافا للبند 10 من دفتر التحملات المتعلق بالتقارير السنوية الذي يلزم المفوض له بتسليم السلطة المفوضة قائمة مفصلة ومحينة لجرد أموال الرجوع والاسترداد، إذ تمكن هذه القائمة من التأكد من كون المفوَّض له لا يعتبر جميع الاستثمارات المنفذة أموال استرداد وبالتالي تفادي كل تأويل مختلف عند نهاية العقد وما قد يترتب عنه من مشاكل.

نفقات غير مبررة

وقف تقرير المجلس الأعلى للحسابات عند الارتفاع غير المبرر لنفقات الاستغلال  وتحملات الضريبة على القيمة المضافة، فخلال سنة 2015، بلغت النفقات الإجمالية لصيانة وإصلاح الحافلات   32.446.428,74 درهما دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة التي بلغت 5.759.982,92 درهما، وذلك بغض النظر عن مصاريف اليد العاملة التي يتحملها المفوَّض له ليستردها فيما بعد من شركة .”IVAM”.

وبهدف تقييم الأثر المالي للعقد المبرم مع شركة “IVAM”على حسابات المفوَّض له، تم وضع سيناريو ثان لحساب المصاريف الحقيقية التي كان سيتحملها المفوَّ ض له سنة 2015 في غياب هذا العقد.

وتبعا لهذا السيناريو، فإن المفوَّض له لا يتحمل النفقات المتمثلة في 15 بالمائة من ثمن اقتناء قطع الغيار ولوازم الورشة و80 درهما للساعة بالنسبة لليد العاملة.

من جهة أخرى، يتحمل المفوَّض له بصورة مباشرة مصاريف شراء قطع الغيار المستعملة في الصيانة الوقائية بدل أداء التعريفة الكيلومترية الجزافية.

كما سيتم اعتماد القيمة الخام لاقتناء قطع الغيار لدى “Scania” أي دون احتساب نسبة التخفيض 47 بالمائة التي تحصل عليها “IVAM”، علما أن بإمكان المفوَّض له التفاوض مباشرة في هذا الشأن من أجل الحصول على تخفيضات مهمة باعتبار الأسطول البالغ 201 حافلة من نوع “Scania” وحجم الطلبيات السنوي المهم لقطع الغيار.

ومن الملاحظ أن شركة النقل الحضري “ألزا” تلجأ بواسطة شركة “IVAM”، إلى الصيانة بأثمنة تتجاوز جميع تعريفات الصيانة المتعارف عليها في القطاع، حيث تعمد “IVAM” إلى رفع قيمة الفواتير التي تؤديها “ألزا” المغرب، مع العلم أن  “IVAM” ليست إلا واحدة من الشركات التي خلقتها “ألزا” الإسبانية من أجل تدبير نظام الفوترة بين الشركات بطريقة غامضة.

ويتم تضخيم الفواتير الخاصة بالصيانة وقطاع الغيار المستوردة بالعملة الصعبة، دون أن يتم الاطلاع على حقيقة هذه الصيانة ومدى دقتها من طرف السلطات المفوضة. مع العلم أن شركة “ألزا” أكادير بإمكانها التعاقد مع شركات تعمل بالمغرب من أجل القيام بالصيانة وبأثمنة مناسبة.

وبالإضافة إلى الملاحظات السابقة التي سجلها قضاة المجلس الأعلى للحسابات، سجل تقرير المجلس عدة ملاحظات أخرى منها عدم التحقق من حقيقة الخدمات التي يتم إصدار فواتير بها.

كما لاحظ وجود فواتير غير مفصلة داخل المجموعة (لاحظ المجلس الجهوي للحسابات بمراكش أيضًا “عدم تبرير فواتير المساعدة التقنية المدفوعة لصالح” مجموعة Alsa ).

ورصد كذلك خطأ في حساب الرسم السنوي، وخطأ في حساب تكاليف التحكم للإدارة المفوضة، كما لاحظ  زيادة غير منتظمة في قيمة المداخل لبعض الحافلات، وعدم التقيد ببعض الخصائص الفنية لأسطول الحافلات، ثم عدم توفر المستندات الداعمة لبعض الأعمال، زيادة على عدم دقة معادلة مراجعة الأسعار.

تناقض بيانات بطاقات النقل

بعد أن قلصت وزارة الداخلية دعم بطاقات ركوب الطلبة لجميع الشركات العاملة في النقل الحضري، وتقبل القرار مختلف الفاعلين في هذا القطاع إلا شركة “ألزا” التي حاولت الحصول على مبلغ الدعم كاملا دون نقصان، وهكذا سلكت جميع السبل من أجل تلقي دعم تكميلي، وتقدمت بطلب إلى مؤسسة التعاون بين الجماعات بأكادير الكبير من أجل تغطية هذا الفارق الحاصل عن تقليص وزارة الداخلية للمبالغ الموجهة لدعم بطاقات الطلبة.

وفي عدد من دورات هذه الجماعات تم المصادقة على تحويل مبالغ مالية مهمة لفائدة شركة “ألزا” لتغطية الفارق الحاصل.

غير أن الحاصل، انطلاقا من التقرير الصادر بتاريخ 01 أبريل 2020 بشأن التحكم في ملف منحة FART للعام الدراسي 2018/2019، هو أن المصلحة الدائمة للمراقبة  لاحظت وجود تناقضات بين البيانات التي أرسلتها شركة النقل “ألزا”  بخصوص العدد المعلن للبطاقات المباعة التي تعطي الاستحقاق للاستفادة من الدعم وبين العدد الفعلي للمخزون بعد الجرد المادي. حيث تم الإعلان  عن 42 ألف في حين أن العدد الفعلي هو 37175.

وهو ما يعني تناقضا في البيانات المقدمة من حيث مبالغ مبيعات البطاقات وزيادة المبيعات وبيانات الاستغلال مقابل بيانات قسم المحاسبة والمالية والتي تمثل مبلغ 254.550.00 درهم بما في ذلك الضرائب.

التقرير أبزر أن هذا التناقض في البيانات التي قدمتها شركة النقل “ألزا” يعود إلى  كون هذه الأخيرة قد أرسلت كمية من البطاقات إلى شركة “ألزا” في مدينة خريبكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *