
منذ فترة تعرف المنطقة البحرية الأطلسية المغربية تحركات لعدد من الدول والقوى العالمية، وخاصة المنطقة الأطلسية التي تدخل ضمن السواحل المغربية بالأقاليم الجنوبية.
وتذهب العديد من القراءات إلى كون تزايد وتيرة هذه التحركات من قبل عدد من الدول، تحكمها هواجس سياسية واقتصادية بدرجة أولى، على اعتبار الموقع الجيوستراتيجي للمنطقة وكون المغرب بوابة لإفريقيا.
هذا بالإضافة إلى الإمكانات الواعدة من الثروات الطبيعية التي يختزنها المجال البحري للمغرب لاسيما جبل “التروبيك” أو جبل “الكنز” كما يطلق عليه.
أطماع سياسية
زادت هذه التحركات مع دخول المغرب والولايات المتحدة الأمريكية في مناورات عسكرية بعرض السواحل المغربية، حيث كانت آخر هذه التحركات التي تم رصدها، السفينة التركية التي توقيفها قبالة السواحل المغربية.
ووفق المعطيات المتوفرة فالسفينة التي تحمل إعلاما تركية تحمل اسما صينيا، ولم يتم الكشف عن الأهداف التي كانت تقوم بها خاصة مع غياب أي أثار على كونها سفينة صيد.
وقبل أيام وخلال المناورات العسكرية المشتركة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، كتب وسائل إعلام برتغالية أنه تم رصد غواصة روسية غرب مضيق جبل طارق، حيث تمت مراقبة ثنائية بين الغواصة الروسية وبين البحرية الأمريكية والمغربية.
ونقلت جريدة القدس العربي عن وسائل الإعلام البرتغالية أن خبر مرور الغواصة الروسية المعروفة بـ”الثقب الأسود” بالقرب من الشواطئ البرتغالية في طريقها إلى البحر الأبيض المتوسط.
مضيفة أن البحرية البرتغالية راقبت الغواصة الروسية كم تمت مراقبتها من طرف البحرية الإسبانية والفرنسية والبريطانية والألمانية ودول أوروبية أخرى من تلك التي مرت بالقرب من شواطئها.
المثير وفق ما أوردته صحف برتغالية، هو أن الغواصة الروسية برمجت مرورها بمنطقة مضيق جبل طارق تزامنا مع المناورات العسكرية المغربية الأمريكية، وتوقفت جنوب غرب مضيق جبل طارق لمدة أكبر.
في هذا الصدد قال محمد شقير الباحث في العلوم السياسية في تعليق به على حركية السفن والغواصات المتواترة بالمنطقة، إن أي تحرك من طرف أي دولة بالضرورة يكون قرارا مدروسا ويحمل رسائل معينة على اعتبار أنه لا وجود للصدفة في السياسة.
وأضاف شقير في تصريح لـ”العمق”، أن المناورات الأخيرة المشتركة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية في الأصل هي إظهار نوع من التحالف بين الدولتين لتأكيد التواجد في المنطقة الأطلسية التي تعتبر منطقة مهمة في تحركات القوى الدولية والإقليمية.
وأكد أن المناورات المغربية الأمريكية أثارت توجس دول أخرى وخاصة تلك التي تهتم بالمنطقة سواء كانت روسيا أو تركيا أو غيرها من الدول الأخرى.
وقال إن التحرك الروسي أو التركي في هذه الظرفية، يعكس رسالة مبطنة على أن هاتين الدولتين تتابعان الأمور ولديهما حرص على التواجد بالمنطقة على اعتبارها البوابة نحو القارة الإفريقية، والتي أصبحت كل الأطماع والطموحات الدولية والإقليمية.
أطماع اقتصادية
في جانب آخر، تذهب قراءات أخرى إلى أن المنطقة الساحلية للمغرب وخاصة سواحل الأقاليم الجنوبية تزخر بثروات معدنية مهمة، لاسيما ما راج حول جبل “التروبيك” من أن بادر المغرب إلى ترسيم حدوده البحرية، وهو الترسيم الذي أثار حفيظة إسبانيا حينها.
وبموجب الترسيم الذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 30 مارس 2020، وبناء على القانون رقم 38.17 الذي بموجبه أنشأت منطقة اقتصادية خالصة بعرض الشواطئ المغربية، فقد حددت المنطقة الاقتصادية الخالصة على مسافة 200 ميل بحري من النقطة الأقرب من خط الأساس الذي يستخدم لقياس عرض البحر الإقليمي.
كما تم تحديد الجرف القاري للمملكة الذي يضم قعر البحار وباطن أرضها الممتد إلى ما بعد البحر الإقليمي على كامل مساحة الامتداد الطبيعي لإقليمها إلى مسافة 200 ميل بحري من الخطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي.
تعلقيا على ذلك، قال محمد شقير، إن هناك عدة عوامل تحرك عدد من الدول الأخرى كألمانيا وغيرها، خاصة بعد ما راج حول ما يتوفر من مواد معدنية مهمة في المنطقة وجبل التروبيك خصوصا.
وأشار شقير إلى أن أهمية هذه المعدن في الصناعات المقبلة سيحرك الدول التي تعتمد مثل هذه المعادن في الصناعة ومحاولة التواجد والاستفادة من هذه الموارد.
واستدرك الباحث في العلوم السياسية، أن المسألة لا ترتبط فقط بهذا الجانب، بل إن المنطقة ككل أصبحت منطقة مهمة استراتيجيا واقتصاديا وسياسيا وأمنيا، وهي كلها عوامل مترابطة فيما بينها تجعل أي تحرك من قبل أي دولة يدخل في إطار هذا التنافس الدولي والإقليمي للتواجد بالمنطقة. وتوقع المتحدث ذاته أن تشهد المنطقة في المستقبل تحرك دول إقليمية ودولية.
جبل “الكنز”
تشير تقارير، إلى أن بركان “تروبيك” الموجود على عمق 1000 متر تحت سطح البحر، الذي يتواجد قبالة السواحل المغربية، يحتضن ثروات ضخمة، واحتياطيات هائلة من المعادن والغازات والثروات الطبيعية.
ومن أهم تلك الثروات، وفق التقارير ذاتها، التيلوريوم والكوبالت والنيكل والرصاص والفاناديوم والليثيوم، وهي عناصر تستخدم في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية واللوائح الشمسية والهواتف الذكية.
وتقدر احتياطيات جبل “تروبيك” من “التيلوريوم” بنحو 10 في المائة من الاحتياطي العالمي، فيما يضم مخزونا من “الكوبالت” يكفي لتصنيع أكثر من 270 مليون سيارة كهربائية.
ووفق التقديرات يمثل هذا المخزون 54 ضعف ما تمتلكه جميع دول العالم من هذا النوع من السيارات الحديثة والصديقة للبيئة. كما تشير التقارير والتقديرات إلى وجود احتياطات مهمة من الغازات والبترول.
اترك تعليقاً