منتدى العمق

ركلات “الحمار الوحشي” تقذف بالتلاميذ خارج أسوار المدارس إلى ساحات الاحتجاج

ركلات “الحمار الوحشي” تقذف بالتلاميذ خارج أسوار المدارس إلى ساحات الاحتجاج تضامنا مع معلميهم

اتهام طرف دونما حجة و لا دليل بتحريض التلاميذ على الاحتجاج و الاصطفاف إلى جانب “أساتذة التعاقد” تعبيرا على التضامن معهم، فيه قدر كبير من الاستخفاف بذكاء المواطن، واستصغار لعقول التلاميذ، واحتقار لمستوى وعيهم وإدراكهم لما يجري من حولهم.

منذ عقود و التلاميذ كانوا يشكلون حلقة لا يستهان بها ضمن الفئات و الشرائح المجتمعية التي لا تتردد في الانضمام إلى صفوف المشاركين في الاحتجاجات والانتفاضات الحضرية بالمغرب. نظير احتجاجات 14 دجنبر بفاس 1990 بدليل ما تلاه من اعتقالات لتلاميذ ضبطوا ضمن صفوف المحتجين.

ونظير الإضرابات عن متابعة الدراسة التي أعقبت الهجوم الأمريكي على العراق في عام 1991، (إبان حرب الخليج الأولى/ عاصفة الصحراء) .و ما تخللها من وقفات احتجاجية و مسيرات شلت سير التعليم لأيام.

إلى جانب الاحتجاجات التي اشتعلت في قرى ومدن المغرب في 12 -13-14نونبر 2018 على خلفية فرض الحكومة لساعة رسمية أثرت سلبا على التوقيت المدرسي.

كيف للمرء أن يستصيغ المشاركات الوازنة لتلاميذ أمس في الفعل الاحتجاجي، في زمن لم يكن فيه وجود لمواقع التواصل الاجتماعي، التي لا يمكن تجاهل دورها في تعميم المعلومة لحظة بلحظةو على أكثر من نطاق.

مقابل تخلفهم اليوم عن التعبير عن غضبهم و ذهولهم من هول ما يتابعون مشاهدته من فظاعات و انتكاسات حقوقية على شاشات حواسبهم و هواتفهم الذكية؟

فيديوهات الاعتداءات الموثقة عبر وسائل الإعلام الوطنية و الدولية و الملتقطة عبر خاصية البث المباشر بواسطة هواتف المحتجين أنفسهم، و ما تتناقله َمن مشاهد فض المسيرات و الوقفات الاحتجاجية عن طريق المبالغة في استعمال العنف بأساليب تنزع إلى الهمجية،

من دون شك، رسخت لدى عقول التلاميذ، تمثلات تؤسس لمظلومية فئة من المغاربة، اختارت ان تعبر عن رأيها و مطالباتها، سالكة ما يكفله لها الدستور من هامش حرية التعبير و الاحتجاج السلمي.

فكانت، اليوم 22 مارس، النتيجة المنتظرة و الصادمة في الآن نفسه، خروج تلاميذ من مؤسسات تعليمية تنتمي لمختلف مناطق المغرب، في مسيرات ووقفات احتجاجية، تضامنا مع “أساتذة التعاقد”، ترافقا مع إضراب شامل دعت إليه أغلب نقابات رجال ونساء التعليم.

لا مدعاة إذن لبعث رسائل الاستغراب و التباكي، و سلك طريق الهروب إلى الأمام، من خلال محاولة توزيع اتهامات لا أساس لها إلا في ذهنية من يريد للمغاربة أن يرون في التلميذ المغربي، ذلك الطفل المراهق الذي يستحيل عليه أن يقدم على مبادرة تعكس درجة من الوعي و القدرة على ادراك ما يجري من حوله، إلا بايعاز من الذين يكبرونه سنا أو بتوجيهات من هم في موقع ممارسة سلطة أبوية عليه.

ختاما ظني أنه إذا كان من “متهم”/سبب يتعين أن توجه إليه أصابع “الاتهام” ، لحمل التلاميذ على الاحتجاج و الاصطفاف إلى جانب الأساتذة و التضامن معهم، فهو يتجسد في باعثين رئيسين:

أولهما، الاعتداءات الهمجية و الركلات الوحشية التي أفرغها من اشتهر ب”الحمار الوحشي” أو “مول النصوصا” في أجساد معلميهم المنهكة بتعب السفر و الاحتجاج.

وثانيهما، السلوكات العنيفة التي صدرت عن بعض رفقائه من أعوان السلطة وعدد من عناصر الأمن، لحظة ملاحقة أساتذة “التعاقد”بين شوارع العاصمة الرباط وساحاتها، وتوظيف ممارسات فجة تمتح من أساليب العهد البائد لوزير الداخلية و الإعلام الأسبق الراحل إدريس البصري.

* علاء الدين الصباغ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *