مجتمع

هل يشكل الإفراج المؤقت عن منجب مؤشرا على بداية انفراج حقوقي؟

بعد ما يقارب ثلاثة أشهر من الاعتقال و20 يوما من الإضراب عن الطعام، غادر المؤرخ والفاعل الحقوقي المعطي منجب، أسوار سجن العرجات بمدينة سلا، بعد تمتيعه بالسراح المؤقت، وهي الخطوة التي قرأها فاعلون سياسيون وحقوقيون على أنها مؤشر على بداية انفراج حقوقي بالمملكة.

وفي هذا الصدد، اعتبر الفاعل الحقوقي والأستاذ الجامعي خالد بكاري، الإفراج المؤقت عن منجب، “في هذه الظروف”، مؤشرا على بداية انفراج حقوقي، “لأن ملف منجب كان فيه تشدد كبير”.

تشدد وانفراج

واسترسل بكاري، في تصريح لـ”العمق”، “عندما نرى سياق المحاكمة في القضية الأولى (المس بأمن الدولة) وكيف حكم عليه بسنة سجنا نافذا دون إخباره أو إخبار محاميه بموعد المحاكمة ودون إحضاره إلى المحكمة رغم أنه كان معتقلا، كما أن المحاكمة تمت بدون مرافعة دفاعه ولا مرافعة النيابة العامة ولم يتم الاستماع إليه.. كانت كل هذه المعطيات تدل على أن الدولة متشددة في ملف منجب الذي شُنت عليه حملة شيطنة كبيرة”.

“ثم فجأة تتم الموافقة على السراح المؤقت بعدما رفض عدة مرات، خصوصا أن جلسات الاستنطاق عند قاضي التحقيق لم تكن إلا جلستين أو ثلاث جلسات”، يضيف بكاري، “بمعنى أن الإفراج المؤقت في ظل هذه الظروف والسياقات لا يمكن أن نعتبره إلا مؤشرا على حدوث انفراجات أخرى نتمناها”، مستدركا “طبعا لا نقول إنه مؤشر كبير ولكن هو مؤشر إيجابي في كل الأحوال”.

وخلص بكاري إلى أن هناك أربعة عوامل أدت إلى اتخاذ قرار الإفراج المؤقت عن منجب، أولها عامل “السياق الدولي والضغوط الخارجية” الذي “أثر بنسبة كبيرة”، مع العلم أن هناك حملة تضامن دولية مع قضية المعطي منجب، خصوصا في ظل التغيرات التي وقعت في الإدارة الأمريكية والتي انعكست على عدد من البلدان.

العامل الثاني، حسب بكاري، هو ما يتعلق بالمسطرة القانونية، حيث إن “طبيعة السلطة في المغرب لا تريد أن يظهر الأمر بمظهر أن هناك ضغط خارجي وبالتالي سيتم تقديم الأمر على أنه إجراء قانوني مسطري عادي، خصوصا أن التهم التي وجهت للمعطي منجب رغم أنها ثقيلة، لكن من ناحية القانون الجنائي تعتبر جنحا وفي الجنح لا يمكن أن يتجاوز الاستنطاق التفصيلي عند قاضي التحقيق ثلاثة أشهر، واستنطاق منجب اقترب من إتمام هذا الأجل”.

العامل الآخر الذي يمكن أن يكون دفع في اتجاه الإفراج المؤقت عن منجب، يضيف الناشط الحقوقي خالد بكاري، يتمثل في التغييرات التي تمت مؤخرا على رأس السلطة القضائية.

وكان الملك محمد السادس عيّن، قبل يومين، الأعضاء الخمسة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذين يخول له الدستور حق تعيينهم، ويتعلق الأمر بكل من أحمد غزالي ومحمد أمين بنعبد الله، اللذين قام بإعادة تعيينهما عضوين بالمجلس، ومحمد زاوك، ومحمد نصار، وخالد لعرايشي، الذين عينهم كأعضاء جدد بهذا المجلس.

كما عين الملك أيضا محمد عبد النباوي رئيسا أول لمحكمة النقض، وبهذه الصفة رئيسا منتدبا للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بالإضافة إلى تعيينه الحسن الداكي وكيلا عاما للملك لدى محكمة النقض، وبهذه الصفة رئيسا للنيابة العامة.

أما العامل الرابع الذي ساهم في الإفراج عن منجب، هو الإضراب عن الطعام الذي خاضه وشكل ضغطا كبيرا، يقول بكاري، “خصوصا أن الرجل متقدم في السن ومريض بالقلب.. ولاحظنا كيف أن المندوبية العامة لإدارة السجون أكدت إضرابه عن الطعام وأخلت مسؤوليتها، وهي إشارة إلى أن وضعه الصحي كان متدهورا.. وكأن إدارة السجون تقول لأجهزة أخرى داخل الدولة أنا لا أتحمل امسؤولية ما يمكن أن يقع للرجل”.

بارقة أمل

في الاتجاه ذاته ذهب المحامي والمنسق الوطني للحزب المغربي الحر، إسحاق شارية، معتبرا خطوة الإفراج عن منجب مؤشرا على بداية انفراج حقوقي في المملكة، و”بارقة أمل”.

ورط شارية بين الافراج عن منجب مع الهيكلة الجديدة في المجلس الأعلى للسلطة القضائية والتعيينات الجديدة التي عينها الملك محمد السادس، سواء في الجهاز القضاء أو جهاز النيابة العامة.

وقال في تصريح لـ”العمق”، إن “أي غيور على البلاد لا يمكن له إلا أن يرى بنظرة ايجابية خطوة الإفراج عن منجب”، قائلا إنها تؤشر على “تحول من توجهات قضائية طبعت مسار القضاء طيلة 5 سنوات الأخيرة والتي كانت تغلب منطق التشدد والاعتقال على منطق الحرية والعدالة والبحث عن الحقيقة”.

واعتبر أنه من الواجب على كافة الحقوقيين وكافة القوى السياسية أن تثمن هذه الخطوة وأن تشجع القضاء على أن ينحو في منحى الحرية والبحث عن العدالة، “نتمنى أن يترسخ كتوجه دائم يرى أن الحرية هي أسمى شيء ويتم تقديسها”.

من جهته رأى المحلل السياسي بلال التليدي، في الإفراج عن المعطي منجب، مؤشر إيجابي، مستدرك بأنه غير كافي معبرا عن أمله في حدوث “مصالحة شاملة”.

وكتب التليدي، في تدوينة على صفحته بموقع “فيسبوك”، “نريد إنهاء حالة الاحتقان بشكل كامل.. نريد مصالحة شاملة وطي ملف اعتقال أصحاب الرأي والقطع مع اعتقالهم ومحاكمتهم لأجل آرائهم وإنهاء ملف معتقلي حراك الريف وإيقاف مسلسل العنف والقمع ضد رجال التعليم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *