حوارات، سياسة

البرلماني عن البيجيدي بن جلون يكشف لـ”العمق” حيثيات اجتماعه بأخنوش وعلاقته بـ”الأحرار”

يوسف بن جلون، برلماني عن البيجيدي ورئيس الغرفة المتوسطية للصيد البحري

كشف المستشار البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، ورئيس الغرفة المتوسطية للصيد البحري، يوسف بن جلون، أسباب حضوره في لقاء وُصف بالسري، جمعه مع عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، إلى جانب قيادات محلية بحزب “الحمامة” في مدينة طنجة.

وقدم بن جلون في حوار مع جريدة “العمق”، توضيحات بخصوص ما تم تداوله من كونه نال تزكيته عزيز أخنوش والقيادات المحلية للأحرار، من أجل الترشح لمنصب عمودية مدينة طنجة خلال الانتخابات المقبلة، باسم حزب التجمع الوطني للأحرار.

رجل الأعمال المعروف بطنجة، والذي يرأس الغرفة المتوسطية للصيد البحري منذ ثلاث ولايات، اعتبر في حواره مع “العمق”، أن بقاءه في العدالة والتنمية هو مسألة وقت لا غير، لافتا إلى أنه في لحظة تفكير عميقة حاليا لحسم الخيارات المطروحة أمامه.

بن جلون الذي يوصف بكونه “رجل التوافقات” بين الأحزاب السياسية بمدينة طنجة، عبَّر عن اختلافه مع حزبه الحالي “البيجيدي” في عدد من القضايا المرتبطة بخطه السياسي ووضعه الداخلي، مشيرا إلى أنه يحتفظ بعلاقات طيبة مع قيادة “المصباح” بالمدينة، وخاصة العمدة البشير العبدلاوي.

يقول في هذا الصدد: “ما أنتقده على الحزب (البيجيدي) اليوم هو عدم فهم طبيعة المرحلة السياسية، والرهانات الكبرى التي تروم الدولة تحقيقها، وضعف حاسة الالتقاط لديه”، مشددا على أن علاقته بنخب الحزب لا يسودها أي توتر، بل محكومة في الغالب بالاحترام والتقدير.

وفيما يلي نص الحوار كاملا

حضرتم مؤخرا في لقاء حزبي بطنجة، جمعكم بعزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار وبعض رموز حزبه بالمدينة، وذكرت وسائل إعلام أن اللقاء كان بقصد هيكلة الحزب وتقديم المرشحين الوازنين للانتخابات القادمة، ما سياق هذا اللقاء؟ وكيف حضرت اللقاء وأنت من العدالة والتنمية؟

خبر اللقاء صحيح لا غبار عليه، لكن توصيفه، ليس دقيقا. فاللقاء لم يكن حزبيا، وإنما كان تشاوريا، وحضوري فيه، لم يأت من جهة كوني عضوا في حزب الأحرار، وإنما باعتبار الصلة التي تجمعني بالسيد عزيز أخنوش.

فأنا أولا لست طارئا على حزب التجمع الوطني للأحرار، وكنت أنتمي إليه وأترشح باسمه قبل الالتحاق بالعدالة والتنمية، ثم إن ما يجمعني بالسيد عزيز أخنوش، هو أكبر من مجرد شأن حزبي، فأنا انتمي إلى للصيد البحري، الذي يتولى القطاع الوصي عنه.

وقد كانت لنا عمل مشترك طيلة أكثر من عقد من الزمن، ولم نكن في السابق في توافق تام على عدد من القضايا التي تخص القطاع وكنت أعبر عن رأيي في هذه القضايا بشكل معلن عبر وسائل الإعلام، ثم بدأت تتقارب وجهة نظرنا في الوقت الذي قررت الوزارة أن تتجه إلى عصرنة القطاع وتحديثه من خلال المخطط الأزرق أليوتيس، واشتغلنا طيلة فترة تنزيل هذا المخطط في نفس توافقي وتشاركي.

والرجل ينظر إلي باعتباري أحد وجهاء مدينة طنجة، وبحكم أني كنت دائما محل قبول من قبل مختلف النخب السياسية، بل وأحيانا كنت أمثل الجسر الذي تمر عليه كثير من التوافقات بين النخب المحلية في المدنية، فقد كانت دعوتي لحضور هذا اللقاء في هذا الإطار.

هل صحيح أن السيد عزيز أخنوش رشحكم لعمودية المدنية باسم الأحرار في طنجة؟

أعتقد أنه من السابق لأوانه الحديث عن ترشيح لعمودية المدينة، كل ما في الأمر، أن ما دار في القاء مما يرتبط بشخصي كان أشبه ما يكون باستمزاج رأي حول الموقع الذي يفكر فيه السيد يوسف ابن جلون داخل مدينة طنجة، بغض النظر عن قضية الانتماء، ولا أخفي أن رأيي بالنسبة لمواضيع أخرى، كان يحظى بقدر من الاهتمام.

منذ ولايتين اثنتين وأنتم تكتفون بالترشيح في الانتخابات المهنية للصيد البحري، هل تنوون هذه المرة تغيير بوصلتكم الانتخابية؟

لحد الآن لا أفكر بشكل جدي في تغيير الموقع الذي أنا فيه، سواء ما يرتبط بالتمثيلية المهنية، أو ما يرتبط بالدور الذي كنت أقوم به في المدنية كمحطة عبور وجسر لالتقاء النخب السياسية.

لقد جربت ممارسة السياسية طويلا في هذه المدنية، وقادتني التجربة إلى أن ما يفسد السياسية ويجعل المدنية تتراجع في أدائها، هو جو الاحتقان والتوتر بين النخب السياسية، ولذلك، اخترت الموقع الذي يجعلني دائما قريبا من كل الأحزاب، حتى إن حزب الأحرار اليوم لا يشعر أني غادرته.

كما أن حزب العدالة والتنمية يتفهم علاقتي بالأحرار، فليس المهم اليوم أي موقع حزبي تكون فيه، هل في العدالة والتنمية أم في الأحرار، بقدر ما يهم أن تختار الموقع الذي يجعلك تقوم بدور مهم للتجسير بين النخب، لكي تكون مدينة طنجة هي الرابح الأول في نهاية المطاف.

ما رأيك في ظاهرة الاستقالات التي يعرفها العدالة والتنمية؟

شخصيا أحترم قرار كل شخص، فكل عضو يملك اختياره الذاتي المستقل، وداخل العدالة والتنمية، دائما كان يقول قياديوها، بمن في ذلك القيادة السابقة، أن الحزب يريد أن يجمع الأحرار، ولا يريد أن يضم بين صفوفه العبيد والأتباع، فقط ما ينبغي أن يلتزمه كل عضو، أن يبرر قراره، وأن يفهم الرأي العام السبب الذي جعله يقرر المغادرة، أما ما سوى ذلك، فهو تكريس لمنطق الترحال السياسي، الذي يناضل الجميع من أجدل مقاومته ومحاربته.

هل تفكرون في مغادرة العدالة والتنمية؟

قد يبدو من تحليلك لجزء من مساري السياسي، أن قدري أن أبقى في هذا الحزب، وأن مستقبلي السياسي أصبح مرتبطا به، فقد دخلت هذا الحزب في اللحظة التي كان فيها رجال الأعمال مثلي يتهيبون الدخول إليه، وكان هناك رهاب شديد من الالتحاق بهذا الحزب، ودعني أكون صريحا معك، فرجال الأعمال – مثلي- الذين التحقوا بالعدالة والتنمية ما قبل حراك 20 فبراير كان ينظر إليهم على أساس أنهم حمقى، أو يسيرون ضد مصالحهم، ومع ذلك، تحملت مسؤوليتي الكاملة، والتحقت بهذا الحزب في ساعة الشدة، بل تحملت كلفة التحالف معه لما كنت في موقع حزبي آخر.

والرأي العام، وبخاصة الفاعلون السياسيون وكذا رجال الصحافة، كانوا يعلمون وقتها ماذا يعني التحالف مع العدالة والتنمية في انتخابات 2009 الجماعية، وقد تابعوا مصير هذه التحالفات، وحجم الضغوط التي تحملتها وقتها حتى أفي بالتزاماتي، رغم أن ذلك كان يلحق ضررا كبيرا بمصالحي كرجل أعمال، أن المزاج السياسي في المغرب تغير، وظهرت مؤشرات على أن زمن العدالة والتنمية قد أوشك على النهاية.

لقد كانت الظرفية السياسية جد صعبة، ومع ذلك، تحملت مسؤولية الاستمرار في هذا الحزب، لكن ذلك لم يمنعني من التعبير في لحظات مختلفة عن انتقاداتي للخط السياسي لهذا الحزب.

قصدت أن أذكر بهذا السياق من مساري، حتى يعلم الرأي العام أن قرار بقائي في الحزب أو تفكيري في مغادرته هو خارج الحسابات الانتخابية، ولا يمكن أن يزايد علي أحد فيه، متى ما ظهرت لي قناعات خاصة تدفع لاتخاذ هذا الإقرار أو ذاك.

هل قررتم الرحيل؟

لي حساسية شديدة من مصطلح الرحيل، وأفضل إن قررت مغادرة هذا الحزب أن استعمل مصطلح الاستقالة بدل الرحيل، فكلمة الرحيل لها إيحاءات سلبية، ولها شحنة أخلاقية غير سوية، ومساري السياسي داخل الحزب، تجعل هذا المصطلح غير متناسب مع حالتي إذا ما فكرت في المغادرة.

يعني ذلك أنكم لم تتخذوا قراركم بعد بمغادرة الحزب؟

سأكون كاذبا إن قلت إني لا أفكر في المغادرة، لكن في الوقت نفسه، لا يزال أمامي وقت للحسم في هذا الموضوع، فالمعطيات التي تجمعت لدي، والمؤشرات التي أبني عليها قراري وصلت لمرحلة من نضج الموقف، أو ربما بدأت تسائل وجودي واستمراري في الحزب، لكن، لدي بعض الوقت لاتخاذ القرار المناسب.

ما الذي أزعجك حتى بدأت تضع وجودك واستمرارك في العدالة والتنمية في منطقة الشك والتساؤل؟

على الأقل هناك أربعة أسباب قوية، بعضها مرتبط بالحزب وخطه السياسي، وبعضها الآخر، مرتبط بوضعي داخله، ونمط العلاقات التي تربطني بنختبه المحلية.

هل لكم ملاحظات على الخط السياسي لقيادة العدالة والتنمية ممثلة في شخص سعد الدين العثماني؟

لا أحب أن أختصر الموضوع في الأشخاص، وأسلوبهم في التدبير، فالموضوع أكبر من ذلك. لا أريد أن يفهم أحد من اختلافي مع الخط السياسي للعدالة والتنمية أني أتحسر على زمن ابن كيران، كما لا أريد أن يفهم البعض الآخر، أني لا أجد نفسي في الأسلوب الذي تنتهجه القيادة الحالية.

فما أنتقده على الحزب اليوم هو عدم فهم طبيعة المرحلة السياسية، والرهانات الكبرى التي تروم الدولة تحقيقها، وضعف حاسة الالتقاط لديه، فالمعطيات الدولية والإقليمية تغيرت بشكل كبير، والمغرب كدولة، يحاول اقتناص الفرص المتاحة، ويضع الخيارات الذكية لكسب هذه الفرص، لكن الحزب، لم يستوعب بعد هذه التحولات، ولا يزال يفكر بنفس الطريقة التي كان يفكر بها سنة 2011، أي التفكير في كسب انتخابي يبوء العدالة والتنمية مركز الصدارة، لاستكمال الإصلاحات، فالحزب بهذه الرؤية يربط الإصلاح بوجوده، ولم يرد أن يفهم ما يريد المغرب – كدولة- أن يحققه، هو أمر يتجاوز بكثير الرؤية الضيقة التي يحملها العدالة والتنمية للإصلاح.

وحتى أكون واضحا وصريحا، على العدالة والتنمية اليوم أن يدرك أن استثمار الفرص الدولية والإقليمية، يقتضي أن يتوارى قليلا إلى الوراء، فقد تحملت الدولة كثيرا كلفة تمنيع الخيار الديمقراطي وعدم تعريض المؤسسات لعدم الاستقرار، وعلى العدالة والتنمية اليوم، أن يفهم أن مصلحة الوطن تقتضي ألا يحتل المرتبة الأولى في الانتخابات الحالية، لأن ذلك سيربك رهانات الدولة في الإقلاع.

هل هناك أسباب أخرى تدفعك للمغادرة؟

هناك ثلاثة أسباب تخص وضعي داخل الحزب، أول هذه الأسباب أني رجل أعمال. صحيح أن مساري يثبت أني خالفت القاعدة التي تقول إن “الرأسمال جبان”، ولكن، ما لا أستطيع أن أتحمله، هو أن تظهر بعض المؤشرات التي تشوش على الصيغة التي تبناها الحزب في الإصلاح، فقد كان دائما يرفع شعار “الإصلاح في إطار الاستقرار”، لكني بدأت ألمح مؤخرا، كما لوكان الإصلاح مرتبطا فقط بوجود الحزب في قيادة المشهد السياسي، إلى درجة أن بعض القيادات بدأت تصدر تصريحات متشنجة، تشوش كثيرا على القواعد الأساسية التي بني عليها هذا الحزب.

تقصد بعض تصريحات قادة البيجيدي عقب التصويت في الجلسة العامة على القاسم الانتخابي؟

على العدالة والتنمية، أو أي حزب آخر، أن يفهم أن مستقبل المغرب غير متوقف أبدا على أي حزب، وأنه في اللحظة التي يظهر له أن استمراره في قيادة الحكومة سيضر بمصلحة الوطن، أن يفكر في خيارات للتراجع.

الدولة ساهمت في 2011 في صعود العدالة والتنمية لقيادة الحكومة، وتحملت ولاية أخرى له في مواجهة ضغوط دولية وإقليمية، لكنها اليوم، لم تعد قادرة على تضييع الفرص المتاحة لإقلاع المغرب ونهوضه.

إن الأمر لا يتعلق بنكسة ديمقراطية أو رغبة في استهداف العدالة والتنمية، كما هي تصريحات بعض قيادات العدالة والتنمية، وإنما هو تقدير مدروس يرى أن استمرار العدالة والتنمية في قيادة الحكومة، يعوق تحقيق هذه الفرص التي يوفرها المناخ الدولي والإقليمي.

بالنسبة إلي، أنا رجل أعمال، أفهم لغة المصالح بشكل أفضل من السياسيين، وأفهم أنه في اللحظة التي تقتضي مصالح البلد أن أتراجع، فينبغي أن أتراجع، وأعفي الدولة من الحرج، أما أن أزيد على سوء الفهم، ملأ الدنيا بالضجيج وتشويه الصورة الديمقراطية للمغرب، فهذا يعني بالنسبة إلي أن الحزب الذي الذي التحقت به قد غير منطقه

ثمة سبب ثالث، يرجع إلى نشاطي المهني، فأنا ترشحت في لوائح العدالة والتنمية في قطاع الصيد البحري، وأمثل اليوم رئيس الغرفة المتوسطية، وقد دخلت لهذا الحزب وتجربته في العمل المهني جد محدودة، بل ربما معدومة، وقد كنت آمل أن تتوسع مداركه السياسية، فهذا الحزب حزب فتي، ويتطور، وتطوره ربما يدفعه لتطوير منظومته المهنية، لكن للأسف، مر عقد من الزمن، وبقيت الحالة جامدة، وربما كانت الصورة الدقيقة لما يجري، أن تجربة الحزب في جزيرة، وما يعرفه الصيد البحري من مشاريع وتحديات في جزيرة أخرى.

فإذا استثنينا ما نقوم به في هذا القطاع، مما تحصل لدينا من تراكم مهني، فلا نكاد نجد شيئا في العدالة والتنمية اسمه قطاع الصيد البحري، وذلك لسبب بسيط، هو أن عقل الحزب، لا يوجد فيه اهتمام اسمه الصيد البحري، وحتى الكفاءات التي يتوفر عليها الحزب في هذا المجال، لا تنال الاهتمام المؤسساتي والتمثيلي، فضلا عن سلطة التأثير والتوجيه.

هل يعود انزعاجك لتوتر ما في العلاقات التي تجمعك بنخب الحزب المحلية؟

أحتفظ بعلاقات طيبة مع النخبة قيادة في المدينة، وبشكل خاص السيد عمدة المدنية البشير العبدلاوي، لكن للأسف، ألاحظ أن الشكل الذي كان يدار به الحزب في السابق صار مختلفا، فقد كان هناك تشاور قبلي وحرص على التداول وتقصي الآراء، وأحيانا طلب ملح على الرأي والمشاركة.

اليوم، تراجعت هذه القيم كثيرا، ولم أعد شخصيا أفهم الطريقة التي يدار بها الحزب. أتفهم جيدا الظرفية الصعبة التي يمر منها عمدة المدينة، ولا أنكر أنه لا يتردد في الاتصال بي في بعض الأحيان، لكن، القضية كما قلت لا يمكن اختصارها في الأشخاص.

علاقتي بنخب الحزب لا يسودها أي توتر، بل محكومة في الغالب بالاحترام والتقدير، وهم يعلمون أن لي تقييمي الخاص، وهذا مهم بالنسبة للمستقبل سواء بقيت في الحزب، أم قررت المغادرة.

بوضوح نريد جوابا صريحا، هل قررتم مغادرة سفينة العدالة والتنمية؟

أنا في لحظة تفكير عميقة، والخيارات مفتوحة بالنسبة إلي، بما في ذلك ترك العمل السياسي، لكن ما هو راجح بالنسبة لي الآن، أن بقائي في العدالة والتنمية ربما هو مسألة وقت لا غير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • سعيد
    منذ 3 سنوات

    حوار براغماتي مدافع بشراسة على خيارات الدولة التي يسميها مرة بالشعب المغربي وأخرى بشيء آخر نعم نخالف العدالة والتنمية لكن هذا البرلماني عنها يطالب بإعدامهم بشكل مبطن يحاول الدفاع عن نفسه لكن هو رجل أعمال لا يهمه إلا المال ويعتبر أفق الدولة العميقة اﻹصلاحي أوسع وغيرها أضيق . غالب كلامه يرد عليه وهل اﻵخر لا يكون اﻹصلاح إلا به ...