حوارات، مجتمع، مغاربة العالم

بعد قرن ونيف.. مغربي يقود مبادرة للبحث وإقامة صلاة الجنازة على أول مسلم دخل إيرلندا (فيديو)

بعد 123 عاما من وفاته، وجد البروفيسور المسلم “مير أولاد علي” من يعثر على قبره ويقيم عليه صلاة الجنازة رفقة زوجته المدفونة بجواره، كأول مسلم هاجر واستقر في دولة إيرلندا، حيث لم تجد السلطات حين وفاته أي إمام للصلاة عليه، قبل أن يقوم بذلك شاب مغربي بعد أشهر من البحث عن قبره.

ففي مبادرة فريدة من نوعها، قام الباحث المغربي من أفراد الجالية المغربية المقيمة بدولة إيرلندا، عبد الرحمان الركراكي، بالبحث عن قبر أول مسلم هاجر واستقر في هذا البلد الواقع قرب بريطانيا، وأقام عليه صلاة الجنازة بعد مجهود كبير للوصول إلى قبره، وذلك بفضل فكرة ودعم زوجته.

يقول الركراكي في حوار مصور مع جريدة “العمق”، إن فكرة هذه المبادرة جاءت بسبب زوجته التي تجري بحثا عن تاريخ الإسلام والمسلمين في إيرلندا، حيث وجد عندها كتابا يتضمن اسم أول مسلم هاجر واستقر في إيرلندا، مشيرا إلى أن اهتمامه بتاريخ الإسلام والمسلمين في هذا البلد دفعه لهذه المبادرة.

وأوضح أنه لم يعثر في بحثه عن هذا الشخص المسلم، إلا على مصدرين فقط بالإنجليزية، مع عدم وجود أي مصدر بالعربية، حيث لم يكن يتوفر في البداية إلا على اسمه، قبل أن يقوده البحث لمعرفة اسم المقبرة التي دُفن بها “مير” رفقة زوجته “ريبيكا أولاد علي”، ليشرع في رحلة ميدانية للبحث عن قبره وسط مئات آلاف القبور.

وحسب الركراكي، فإن مير أولاد علي كان أول مسلم هاجر إلى إيرلندا، وهو بروفيسور بجامعة “Trinity College” (كلية الثالوث) بالعاصمة دبلن، واحدة من أعرق جامعات العالم حيث تأسست سنة 1592، وظل مير أولاد علي يُدرِّس بها منذ دخوله إيرلندا عام 1861 إلى غاية وفاته سنة 1898، فيما توفيت زوجته بعده بـ6 أعوام.

“وجدنا أنه لم يُصلى عليه صلاة الجنازة بسبب عدم وجود أي إمام في البلاد حينها، ودُفن في مقابر المسيحيين البروتيستانت”، يقول الركراكي في حواره مع “العمق”، مشيرا إلى أن “مير” كانت له مكانة كبيرة جدا في إيرلندا، إذ كان يعتبر من علية القوم، وهو ما جعل السلطات حينها تبحث عن إمام للصلاة عليه بعد وفاته، دون جدوى.

وتابع قوله: “في تلك الحقبة، كان يُمارس في إيرلندا ميز عنصري مقيت ضد المسيحيين الكاثوليك من طرف البروتستانت أثناء الاحتلال الإنجليزي، ولم يكن يُسمح لهم بالتدريس في الجامعات والمدارس، حتى جاء هذا البروفيسور المسلم الذي كان أول شخص خارج البروتستانت يأخذ تلك المكانة في المجتمع، وأول شخص يُدفن في مقابرهم”.

وكشف المتحدث أن البحث عن قبر “مير” في مقبرة دبلن كان كالبحث عن إبرة في كومة قش، في ظل وجود أزيد من 300 ألف قبر، خاصة خلال جائحة كورونا حيث كانت المقبرة تعيش ضغطا رهيبا وتستقبل حوالي 40 جنازة يوميا، مشيرا إلى أنه بعد سلسة من المراسلات الصعبة مع إدارة المقبرة، تمكن من الاقتراب من موقع القبر.

وبعد بحث طويل وبمساعدة أحد حُفار القبور، تمكن المغربي عبد الرحمان الركراكي وزوجته من الوصول إلى قبر “مير أولاد علي” وزوجته “ريبيكا”، لافتا إلى أنه شعر بفرحة عارمة بعد تحقيق هدفه، خاصة أن شاهد القبر كان يضم اسم الزوجين اللذين يُرجح أن تكون أصولهما من الهند.

وقام الركراكي رفقة بعض أصدقائه، بطلاء القبر باللون الأبيض ورسم هلال عليه من أجل تمييزه، قبل أن يقيموا صلاة الجنازة علي أول مسلم دخل البلاد رفقة زوجته، مشيرا إلى أن إدارة المقبرة لم تكن تعرف أهمية هذا القبر من قبل.

واعتبر المصدر ذاته، أن هذه المبادرة كانت فاتحة خير، حيث قادتهم إلى العثور على مقبرة صغيرة خاصة بالمسلمين، تضم ما بين 23 و25 قبرا لمسلمين، دُفن أولهم سنة 1933 وآخرهم عام 1991، ولم يكن يزورهم أحد، وهو ما دفعهم إلى تنظيف المكان وإعادة الاعتباره له.

يُشار إلى أن عبد الرحمان الركراكي، هو والد الشاب عزام الركراكي الذي قُتل بطعنات غادرة سنة 2019 وسط حديقة بالعاصمة الإيرلندية دبلن، أثناء توجهه إلى مسجد لأداء صلاة المغرب والمشاركة في الإفطار خلال شهر رمضان، حيث اعتبرت الجاليات المسلمة أن الجريمة كان دافعها عنصري، فيما صنفها القضاء في خانة القتل غير العمد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *