مجتمع

عزل الكاتب “ناشيد” يقسم نشطاء بين مشككين في روايته ومدافعين عنها

تباينت ردود الفعل حول قضية الأستاذ سعيد ناشيد الذي عزل من الوظيفة العمومية بعد سنوات قضاها كمدرس بالسلك الابتدائي والثانوي، ففي الوقت الذي أعلنت فيه شخصيات وهيئات تضامنها الواسع مع قضيته التي نشرها على حائطه الفايسبوكي، شككت أخرى في رواية ناشيد، مشيرة إلى أن الرواية غير مكتملة.

وكشف الكاتب المغربي سعيد ناشيد في وقت سابق عن حيثيات عزله من الوظيفة العمومية بعد أن كان مكلفا بتدريس لمادة الفلسفة بإحدى ثانويات مديرية سطات قادما إليها من السلك الابتدائي، معتبرا قرار عزله انتقاما منه بسبب كتاباته ورغبة في إذلال المشروع الذي يمثله.

لا أصدق ناشيد

الصحافي بموقع الجزيرة نت محمد حداد كتب تدوينة على الفايسبوك قال فيها “إلى حين ظهور الحقيقة، أنا لا أصدق ناشيد”، وأضاف “لم أقتنع إطلاقا بما كتبه سعيد ناشيد، ولا أحب ما يكتب (قرأت له كتابين).

وأضاف حداد “هناك أشياء غامضة في تدوينته تحتاج إلى توضيح: هل إصدار الكتب يعفي من المحاسبة إذا خرقت القانون. طبعا لا؟ هل لأنه ضد الإسلاميين ويحب الفلسفة سيفلت من القانون. طبعا لا. لا أكذبه ولا أصدقه، لكن التدوينة مليئة بالتناقضات ولا أفهم كيف أقحم الإسلاميين والعدالة والتنمية في قضية من المفترض أنها إدارية.

وزاد “طيب، الأكاديمية تقول إنه كان يتغيب ويهمل التلاميذ ويقدم شواهد طبية. من نصدق إذن؟ هل علينا أن ندعم ناشيد هكذا بشكل أعمى دون أن ننصت للرواية الأخرى، ثم لماذا لم نسمع للآن صوتا نقابيا بموقف حاد وحازم وقد كنت شاهدا على قضايا لأساتذة وجدوا سندا نقابيا ولو في حده الأدنى. والعجيب أن ناشيد يستكثر على الوزارة أنها أعادته للتعليم الابتدائي. أين المشكل؟”

وأردف الصحافي “الفيسبوك يصنع الأبطال والأوهام أيضا، وهذه الأسطورة المشروخة بتدخل الفكر الظلامي من أجل إيقاف أستاذ فلسفة هي نفس الفكرة الشباطية القديمة بأن ابن كيران ينتمي للموساد ويناصر تجار المخدرات، وهي التي أوصلت البيجيدي للحكومة رغم أن حصيلته في الحكومة تحوم حول الصفر اللامع. التدوينة تحاول أن تغطي على جوهر المشكل، وتثير أشياء لا يقبلها لا العقل ولا المنطق.”

بدوره أعلن الصحافي عبد الصمد بنعباد بعد ان “قرأ بيان الأستاذ سعيد ناشيد، وقرأ التضامن معه، وقرأ بيانا غير موقع منسوب للأكاديمية الجهوية للتعليم”، (أعلن) أنه ضد الانتقام (إلى كان) وضد التبرهيش (اللي كاين).

وزاد “اللي بقى في هو ممثل نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، ذهب مع سعيد ناشيد ليؤازره أمام المدير الإقليمي للتعليم، فإذا بسعيد نشيد يحمله مسؤولية التسبب في فصله من العمل!!!”.

ناشيد ليس مفكرا

ويرى الناشط إبراهيم حياني أن سعيد ناشيد ليس مفكرا وأبعد من أن يكون ذلك، هو باحث بمعرفة وإنتاجات يمكن لباحث وأستاذ في المستوى المتوسط إنجازها.

وأضاف أن قضية فصله من وظيفته لايمكن أن تكون بالطريقة التي حكاها في تدوينته، والراجح أنه كذب ودلس فيها، ببساطة لأن أي منتمي لقطاع الوظيفة العمومية يعرف أن مسطرة الإعفاء معقدة للغاية ولا يتم اتخاذه إلا بعد استنفاذ جميع المراحل التي تتداخل فيها عناصر كثيرة تجعل من شبه المستحيل الاستفراد بالقرار من أي كان، كما أن لا علاقة لرئيس الحكومة لأن توقيعه أصلا مجرد توقيع إداري روتيني، كما لا يمكن لأي حزب فعل ذلك.

وقال الناشط ذاته إن محاولة جعل الأمر وكأنه انتقام سياسي أو فكري على ما يكتب أو مواقفه فهذا يسمى “تبرهيش وأسلوب صبياني مبتذل ومحاولة استغلال حنق البعض من سياسة الحزب لاستجداء وتسول التعاطف الجماهيري لا غير.”

التضامن واجب إنساني

من جهته قال الناشط عبدالصمد ترباك في تدوينة على الفايسبوك “يجب ان نفصل بين التضامن المبدئي الإنساني القائم على الوقوف مع المظلوم مهما كانت توجهاته السياسية والثقافية والاديولوجية ومواقف ناشيد السياسية وخطه الفكري”.

وأضاف ترباك “نختلف معه في الدعوة الى التطبيع مع الكيان الصهيوني بل وندين الهرولة الى تل أبيب وتشجيع الانظمة العربية على ذلك واعتبار الأمر كله خير، نختلف معه في وقوفه الى جانب الإمارات والسعودية وتهليله لأنظمتهم القمعية”، وزاد “لكننا نقف الى جانبه ونتضامن معه في محنته ضد الظلم الذي تعرض له وهو كاتب ومفكر بإنتاجات غزيرة في مجال الفلسفة والفكر الإنساني انطلق من مجال التدريس في الابتدائي وما ادراك ما سلك التدريس في الابتدائي في هذا البلد السعيد! ورغم ذلك تحدى كل العراقيل واقتحم بقوة مجال أصبح للبعض ثانويا وما يهم منه هو الأجرة والترقيات والدرجات”.

أما الصحافي عمر اسرى فقد عبر عن تضامنه “مع الأستاذ المتنور سعيد ناشيد الذي تم فصله من عمله بحضور قيادي محلي من حزب العدالة والتنمية (كما كتب في صفحته)، بسبب كتاباته الحداثية.

وشدد الصحافي ذاته على ان التنوير والتفكير ضرورة وليسا جريمتين…! لا يمكن أبدا أن نترك أصحاب المرجعية المستوردة يتحكمون في أرزاق المواطنين وأقلام المفكرين، وفق تعبير اسرى.

رفاق مخاريق لم يتأخروا كثيرا في تبني ملف ناشيد، إذ أعلن المكتب الوطني للشبيبة العاملة التابع للاتحاد المغربي للشغل عن تضامنه المطلق واللامشروط مع الكاتب المغربي سعيد ناشيد، مدينا ما وصفها بـ “التضييقات المتواصلة” التي يتعرض لها .

وطالبت الشبيبة في بيان توصلت جريدة “العمق” بسنخة منه بالتراجع الفوري عن قرار العزل التعسفي في حق الأستاذ سعيد ناشيد، وبإرجاعه إلى منصبه ومقر عمله دون قيد أوشرط.

وعبر المكتب الوطني للهيئة ذاتها عن إدانته لتنامي “مسلسل استهداف الأصوات الحرة وحريات التعبير والرأي عبر القرارات التعسفية الانتقامية”، مستنكرا ما وصفها بـ”الردة الحقوقية” التي تعرفها بلادنا على مستوى الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير.

وشدد المصدر ذاته على ضرورة حماية حق الصحفيين والمدونين والمفكرين في التعبير الحر عن الرأي، ووقف المتابعات والاعتقالات والتضييقات و”القرارات التعسفية” في حقهم، وفق تعبيرهم.

وختمت الشبيبة العاملة بيانها بإعلان استعدادها للانخراط في كافة المبادرات التضامنية الداعمة لحق الأستاذ سعيد ناشيد في العودة إلى عمله ووقف المضايقات التي يتعرض لها، وتحقيق مطالبه المشروعة.

رواية “ناشيد” بعيدة عن الحقيقة

قال الكاتب الإقليمي للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بسطات، عبد القادر باكر، إن المعطيات التي أوردها الأستاذ ناشيد في تدوينته الفايسبوكية غير دقيقة، مؤكدا على انه كان في زيارة للمديرية الإقليمية ممثلا للجامعة الوطنية لموظفي التعليم من أجل التدخل لتسوية ملف ناشيد بطلب منه.

وأشار باكير في تصريح لجريدة “العمق” إلى أن المعني بالأمر كان بمعيته في مكتب المدير الإقليمي لوزارة التعليم عندما التمس غفادة في شأن الإجراءات اللازمة لتسوية وضعيته الإدارية قبل أن يحيل له الكلمة لتقديم استفساراته في الموضوع.

وفي السياق ذاته، قال مصدر مسؤول لجريدة العمق إن ما دونه الأستاذ سعيد بعيد كل البعد عن الحقيقة، مشيرا إلى ان المسار المهني للأستاذ تميز بكثرة الإدلاء بالشواهد الطبية لتبرير تغيباته المتكررة، كما تميز بتعرضه لعقوبات غدارية بسبب ما وصف بالاختلالات المهنية.

مصدر جريدة العمق أوضح أن المعني بالأمر كان يدلي بشهادات طبية تصل مدة بعضها على ثلاثة أشهر، وثبت بالدليل أنه لم يكن يستعملها للعلاج، وكان خلال الفترة التي تدخل في إطار الرخصة المرضية خارج التراب الوطني.

وأضاف المصدر ذاته أن ناشيد كان ينشر صورا وتدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي يصرح فيها بمشاركته في تأطير أنشطة وندوات فكرية بأماكن مختلفة معززة بملصقات في مؤسسات عمومية، وذلك خلال فترة استفادته من الرخصة المرضية.

وأكد المصدر على أن العزل قرار إداري، جاء بعد عرض “ناشيد” على أنظار المجلس التأديبي لتقصيره في آداء الواجب المهني، والإدلاء برخص طبية قصد استعمالها لغايات غير العلاج، ومغادرة التراب الوطني دون إذن او إشعار مسبق، والإدلاء بادعاءات مغلوطة لرؤسائه المباشرين وعدم احترامهم وتجاوز قواعد التراسل الإداري، وفق تعبير المصدر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *