اقتصاد، سياسة

محمد مبديع .. من “إمبراطور” يحكم الفقيه بن صالح بقوة المال إلى شخص مطلوب للعدالة

رئيس المجلس البلدي للفقيه بنصالح

أضحى محمد مبديع الذي يترأس المجلس البلدي للفقيه بنصالح لأزيد من عقدين وتدبيره لشؤون لهذه المدينة، مادة دسمة لوسائل الإعلام بالمغرب وإسما حاضرا في مختلف تقارير مؤسسات الرقابة المالية، حتى إنه  لقب بـ”امبراطور الفقيه بن صالح المحمي”.

فالرجل الذي شغل منصب وزير في عهد حكومة بنكيران، ويتولى حاليا رئاسة حزب فريق الحركة الشعبية بمجلس النواب، يؤشر على صفقات بالملايير دون رقيب، قبل أن يأتي تقرير للمفتشية العامة لوزارة الداخلية ويقف عند اختلالات بالجملة همت المال العام.

اختلالات تدبير الشأن العام، وخاصة في جانب الصفقات بالمجلس البلدي للفقيه بن صالح، كانت كذلك موضوع تقارير المجلس الأعلى للحسابات، والتي كشفت هي الأخرى عن اختلالات بالجملة.

في الوقت الحالي تخضع هذه الملفات وهذه الصفقات التي تمت في عهد محمد مبديع، رئيس المجلس البلدي للفقيه بن صالح، للتمحيص والتدقيق من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بعد أن أحيلت عليها من قبل الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء إثر شكاية تقدم بها الفرع الجهوي الدار البيضاء سطات للجمعية المغربية لحماية المال العام.

وهي ملفات وصفقات تتعلق بأفعال تهم إبرام وتنفيذ مجموعة من الصفقات العمومية المتعلقة بالتأهيل الحضري، بما في ذلك الدراسات وصفقات الأشغال المترتبة عنها، دون مراعاة المقتضيات ذات الصلة المنصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.

طلب عروص وصفقة في طور التنفيذ

كشفت المعطيات الواردة بتقرير المفتشية العامة لوزارة الداخلية عن خروقات وإختلالات بالجملة، حيث إن المجلس البلدي لمدينة الفقيه بن صالح، وفي خرق لأحكام المادة الأولى من المرسوم 349-12-2 المتعلق بالصفقات العمومية، أعلن عن طلب عروض للصفقة رقم 8- 2013 الخاصة بالتصميم المديري للتطهير السائل بالرغم من أن أشغال الصفقة كانت في طور التنفيذ ويشرف عليها مكتب الدراسات (BIECTRA) وهو ما يعني أن هذا المكتب له أفضلية على باقي المتنافسين ما دام أن أشغال الصفقة قد دخلت مرحلة التنفيذ عند الإعلان عن طلب العروض.

زيادة على ذلك فالأعمال اللازمة لإنجاز الدراسات الخاصة بالتطهير والمبرمجة في إطار  الصفقة، سبق القيام بها من طرف مكتب الدراسات نفسه، ولا تستوجب سوى تحيينها وملاءمتها مع الدراسات المطلوبة في الصفقة 2-2015، كما أن نائل الصفقة توصل طبقا لمقتضيات المادة 7 من دفتر الشروط الخاصة بالصفقة 8-2013 بكل الوثائق والمعلومات الضرورية لإنجاز التصميم المديري للتطهير السائل بالمدينة.

ورُصد للدراسات المتعلقة بالتصميم المديري للتطهير السائل الخاص بالمدينة مبلغ 800 مليون سنتيم وتوضح الصفقات المبرمة العديد من الاختلالات ومن أبرز تلك الصفقات؛ صفقات تتعلق بأشغال التهيئة الحضرية وبرنامج التأهيل الحضري (حصص التبليط والطرق والتطهير، الإنارة العمومية، المساحات الخضراء …).

صفقة بالملايير دون تحديد مبلغها وأجلها

أبرم  المجلس البلدي لمدينة الفقيه بن صالح صفقة الدراسات رقم 05-2006 دون تحديد مبلغها ولا أجل تنفيذها خلافا للمقتضيات القانونية المعمول بها، وهكذا فإن الصفقة المذكورة تم إبرامها مع تجمع (BIECTRA وFABER) منذ 2006، والتي لا زالت مفتوحة حيث إن دفتر الشروط الخاصة لم يحدد أجلا ومبلغا لإتمام الصفقة مما يتعارض ومقتضيات المادة 75 من مرسوم الصفقات العمومية بتاريخ 30- دجنبر 1996، كما تم أداء مبلغ 29.743.519.80 درهم لفائدة نائل الصفقة، حسب آخر مبلغ الأتعاب المؤدى بتاريخ 2003، وبلغت القيمة التقديرية للأشغال 389.205.136.46 درهم  في حين بلغت الأشغال المنجزة 355.560.474.64 درهم.

وتشير معطيات التقرير إلى أن المراجع التقنية المقدمة من طرف التجمع المذكور (BIECTRA وFABET) غير كافية بالمقارنة مع أهمية وطبيعة أعمال الصفقة، ذلك أن المراجع المقدمة تخص الطريق وشبكات مختلفة خلال سنوات 2001/2005 ووصلت مبالغها المهمة على التوالي 7.6 مليون درهم 3.6 مليون درهم و 3.3 مليون درهم.

المعطيات ذاتها، وفق ما أوردته شكاية للجمعية، استنادا إلى تقرير مفتشية الداخلية، رصدت تناقضا بين نظام الاستشارة وإعلان طلب العروض، حيث إن نظام الاستشارة يحتوي على مقاييس تقييم عروض المتنافسين والتي وضعت لفائدة تجمع (BIECTRA وFABER).

ضمان هزيل وإقصاء لمنافسين

أوردت المعطيات وفق المصدر ذاته، أن قيمة الضمان المؤقت الواجب على كل متنافس  تقديمه محدد فقط في مبلغ 5000 درهم، وهو ضمان تبقى قيمته جد ضئيلة بالمقارنة مع أهمية الأشغال المزمع إنجازها، كما لم يتم طلب الضمان النهائي الأمر الذي يعرض صاحب المشروع ( بلدية الفقيه بن صالح) لمخاطر كثيرة خاصة وأن نائل الصفقة قد حصل في الأداء الأول على مبلغ 7.2 مليون درهم بالنسبة للمشروع الأولي ومشروع التنفيذ، كما أن أعمال التتبع والمراقبة لا تمثل إلا نسبة ضئيلة مقارنة مع نسبة إنجاز الدراسات.

المعطيات نفسها، كشفت أنه تم إقصاء تجمع الشراكة (SMEC وNOVEC)، مما فتح المجال لصالح نائل الصفقة (BIECTRA) وذلك بحجة أن شركة (SMEC) لا تتوفر على الاعتمادات المطلوبة في نظام الاستشارة وهو ما يخالف مقتضيات المادة 157 من المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية مع العلم أن شركة (NOVEC) التي تشكل التجمع مع شركة (SMEC) قدمت شهادة تستجيب لكل الاعتمادات المطلوبة، كما لم يتم إعداد تقرير لتقييم المقترحات من ناحية الجودة التقنية خلافا للمادة 154 من المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية.

ورغم أداء مبلغ 8 ملايين درهم بالنسبة للدراسات التي تخص التصميم المديري للتطهير السائل، فإن الأشغال لم تنجز مما يطرح تساؤلات حول الجدوى من هذه الدراسة والتي كلفت الجماعة أموالا طائلة.

وبخصوص الصفقة 2-2015 المتعلقة بدراسات التأهيل الحضري لمدينة الفقيه بن صالح، فقد تم إعداد ملفات طلبات العروض سلفا، أي قبل تاريخ فتح الأظرفة الذي تم بتاريـخ 13 غشت 2014، وقد أبرمت هذه الصفقة لتسوية أعمال تم الشروع في إنجازها سلفا.

وكشفت المعطيات نفسها، أن مكتب الدراسات (BIECTRA) يشارك في كل لجان طلب العروض بصفة استشارية وفي كل اللجان الفرعية التقنية الخاصة بصفقات الأشغال وهو ما يجعل دوره مؤثرا في اختيار الشركات نائلة الصفقات.

هذا زيادة على أنه تم تقديم شواهد ومراجع تقنية تشتمل على معلومات خاطئة وأخرى مسلمة من طرف مكتب الدراسات الذي يسيره عضو مؤسس لشركة الأشغال (ADAMISTITMAR) والتي قدمت شواهد مراجع تقنية تشتمل على مبالغ تفوق المبالغ المؤداة، كما أن بعضها مسلم في إطار تعاقد من الباطن رغم أن صاحب المشروع (بلدية الفقيه بن صالح) لا تربطه أي علاقة قانونية مع المتعاقدين من الباطن طبقا لمقتضيات المادة 158 من مرسوم الصفقات العمومية. كما أن بعض المراجع التقنية المقدمة من طرف شركة “(DREAMINGENEERING) نائلة الصفقتين عدد 14-2014 و7-2016 تم تسليمها من طرف مكتـب الدراسات (DREAMINGENEERING) الذي يسيره المسمى (م.ف.م) والذي هو عضو مؤسس ويشتغل في فريق الهندسة للشركة المذكورة.

تحايل في الأشغال وطبيعة الصفقات

يظهر أن كميات الأشغال المنجزة في إطار الصفقات مختلفة بشكل كبير جدا مع الكميات المحددة سلفا في دفتر الشروط الخاصة، كما أن هناك نسبة ارتفاع مهمة بالنسبة للمواد ذات الأثمان الأحادية المفرطة والمقترحة من طرف الشركة نائلة الصفقات.

وبمراجعة الصفقات التالية 12-2014 و 14-2014 و 6-2016  و7-2016 و9- 2016، يتضح أن بلدية الفقيه بن صالح أدت مبلغا إجماليا قدره خمسة ملايين درهم مقابل أشغال لم يتم إنجازها من طرف نائلي الصفقات (ADAMISTITAMAR) وLACONTRALE ROUTIERE” مع العلم أن مكتب الدراسات المكلف بتتبع  ومراقبة الأشغال وتقنيو الجماعة قاموا بالإشهاد على صحة ومصداقية الأشغال المنجزة كما أن أتعاب مكتب الدراسات المكلف بالمراقبة والمؤداة لهذا الأخير غير صحيحة لعدم قيامه بمهمته على الشكل الأمثل ودون احترام مقتضيات دفتر الشروط الخاصة بصفقة الدراسات.

وبالإضافة إلى ذلك، تبرز العديد من الاختلالات الأخرى التي شابت مختلف صفقات المجلس البلدي للفقيه بنصالح ومنها عدم توقيع الوثيقة الخاصة بالثمن التـقديري من قبل صاحب المشروع (بلدية الفقيه بن صالح)، وعدم تدوين الثمن بمحضر لجنة طلب العـروض خلافا للمقتضيات التنظيمية والاكتفاء فقط بتوقيع مكتب الدراسات ويتعلق الأمر  بطلبات العروض التالية (23- 2014 و 24-2014) والصفقة 06-2016 وهو ما يخالف المادة 5 من المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية تعديل غير مبرر لإعلان طلب العروض من أجل تخفيض قيمة الضمان المؤقت.

هذا إلى جانب تجاوز الأجل الأقصى لتبليغ المصادقة على الصفقة دون تطبيق المقتضيات التنظيمية (المادة 79 من مرسوم الصفقات العمومية). وعدم توقيع محضر فتح الأضرفة من طرف أحد أعضاء لجنة طلب العروض.  كما أن الأشغال متوقفة لمدة طويلة بالنسبة للصفقتين رقم 3- 2015 و11-2015 دون اتخاد التدابير اللازمة. وتم تسجيل عدة عيوب تخص الأشغال المنجزة وضعف جودة أشغال إنجاز الطريق بحي المخزن المتنقل.

ومن بين الاختلالات كذلك، قبول شهادة الضمان المؤقت المقدمة من طرف  نائل الصفقة رغم أنها تتضمن تحفظا خلافا للمقتضيات التنظيمية. زيادة على إسناد صفقة تكملة  شارع علال بن عبد الله لشركة لا تتوفر على مراجع تقنية كافية تتناسب مع طبيعة وأهمية الأشغال المزمع إنجازها ذلك أنه تم الادلاء بمراجع تخص التطهير والطرق والأرصفة، في حين لا تشتمل أي شهادة على أشغال الإنارة العمومية وتهيئة الأماكن العامة والتي تعتبر جزءا لا يتجزأ من الأشغال المبرمجة، علاوة على تأدية التموينات بأثمنة جد باهظة مقارنة مع الأثمنة المتداولة، كمادة الاسمنت التي قدر ثمنها بـ 4000 درهم للطن الواحد والذي لا يتجاوز ثمنه غالبا 1000 درهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *