مجتمع

“زحف” المتسولين بالشوارع يؤرق البيضاويين.. وفعاليات تطالب بمحاربة استغلال الأطفال

بات من الصعب المرور بشوارع الدار البيضاء، دون أن يعترض طريقك متسول أو متسولة، بأيادي توحي للعوز والحاجة، يظفرون بسخاء المحسنين، عبر استغلال الأطفال الصغار والرضع.

وحسب ما عاينته جريدة “العمق”، فإن المتسولين يتنافسون على تحصيل أكبر قدر من المال، أمام إشارات المرور، والمساجد والأسواق والحافلات والأبناك، أينما حل المواطن يصادف طوابير طويلة منهم.

وتختلف الأساليب والطرق التي ينهجها هؤولاء المتسولين، لإستدرار عطف الناس، فمنهم من يكتري طفلا، أو يستغل فلذة كبده للتسول به، فيما اتجه البعض الآخر لإستخدام دمى.

ورغم تجريم المشرع لظاهرة التسول، وتشديده للعقوبات، خاصة عندما يتعلق الأمر باستغلال الأطفال، غير أن الظاهرة تسجل انتشارا كبيرا على مستوى مختلف مدن المملكة، تتصدرها مدينة الدار البيضاء.

وعبر أحد السائقين في تصريح للجريدة، عن استيائه من استغلال بعض الآباء والأمهات لأطفالهم، من أجل التسول بهم، حيث يفترض تواجدهم بالمدارس وليس بالشوارع.

فيما دعت سيدة أخرى في تصريح للجريدة، الجهات المختصة بالتدخل الفوري لمحاربة هذه الفئة، مؤكدة أن تنامي هذه الظاهرة أضحى يقلق راحة البيضاويين.

فعاليات تدعو لتشديد المراقة الأمنية

بشرى عبدو، رئيسة جمعية “التحدي والمساواة”، وصفت ظاهرة استغلال الأطفال في التسول بـ”الخطيرة”، وطالبت بتخصيص دوريات أمنية، أمام المدارس والمستشفيات والأماكن العامة، من أجل التصدي للمتسولين بشكل عام، ولمستغلي الأطفال بشكل خاص.

وقالت المتحدثة ذاتها، في تصريح لجريدة “العمق”، إن معظم المتسولين يقدمون على سرقة الرضع  للتسول بهم، ولم يقتصر الأمر على هذا الحد فقط، بل سجلت الجمعية تورط مربيات يشتغلن بحضانات بالأحياء الشعبية، في قضايا استئجار الأطفال واستغلالهم في التسول.

وتساءلت رئيسة الجمعية، عن الدور الذي تلعبه الوزارة الوصية، لمحاربة ظاهرة التسول، حيث صرحت بالقول، “أين نحن من اتفاقية حقوق الطفل؟”، مشيرة إلى أنه يتم استغلال بعض الفتيات في الدعارة أيضا، عن طريق التسول مقابل دراهم معدودات.

ودعت عبدو إلى سن عقوبات زجرية صارمة، في حق الأشخاص الذين يستغلون الأطفال في مثل هذه القضايا، والذين يتسببون في تشريدهم وحرمانهم من التعلم.

حملات للتحسيس بخطورة الوضع

صرحت هند العيدي، رئيسة جمعية “جود”، أن الحملة التي أطلقتها الجمعية تحت شعار “الخير لي تدير فيه هو متعطيهش”، للتحسيس بخطورة استغلال الأطفال في التسول، تكللت بالنجاح، والذي ساهم نسبيا، في التصدي لهذه الظاهرة.

وأفادت العيدي في تصريح لجريدة “العمق”، أن الحملة لم تحظى في البداية بالقبول أثناء شنها على منصات مواقع التواصل الإجتماعي، حيث اعتبر بعض النشطاء أن هذه الخطوة غير إنسانية، وستقف أمام قوت عيش المتسولين، لكن سرعان ما غيرت فئة عريضة رأيها ودعمت الحملة.

وأوضحت المتحدثة ذاتها، أن هذه المبادرة شهدت فور إطلاقها تفاعلا بنسبة 17 بالمائة فقط، لترتفع هذه النسبة إلى 83 بالمائة بعد انتهاء الحملة، أملا في ترسيخ الوعي الدائم بخطروة الوضع لدى المواطنين والمواطنات.

فعاليات مدنية بالدار البيضاء، أطلقت هي الأخرى، حملة تحسيسية منذ أسابيع، لتوعية الآباء والأمهات بعدم استغلال أطفالهم في التسول، والحرص على تمدرسهم.

وفي هذا الصدد، أكد محمد كليوين، رئيس الجمعية المغربية لتربية الشبيبة، أن الأخيرة سجلت وجود عصابات منظمة، تقوم بتأجير الأطفال لإستغلالهم في التسول.

وأوضح كليوين في تصريح لجريدة “العمق”، أن بعض الأسر تكري أطفالها لنساء متسولات، ما يجعلهم عرضة للعنف الجسدي واللفظي، في حال عدم حصولهم على مبالغ مالية مهمة خلال نهاية اليوم، أو في حال عدم امتثالهم للأوامر.

وأشار المتحدث ذاته، إلى أن الأبحاث التي أشرفت عليها الجمعية في هذا الصدد، أفادت أن نسبة كبيرة من الأطفال المتسولين، ينحدرون من أسر معوزة، وأن ثمن إكرائهم يصل إلى 150 درهما في اليوم، وقد يرتفع الثمن إلى 300 درهم لليوم خلال المناسبات الدينية.

وتقترح الجمعية كحل لمواجهة هذه الظاهرة، تطبيق الترسانة القانونية، التي تجرم التسول الاحترافي، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يستغلون الأطفال والمعاقين والمسنين، إلى جانب الحرص على تحقيق الإدماج الأسري، والإدماج المؤسساتي في مراكز الرعاية، والإدماج الاقتصادي لهم ولأسرهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *