وجهة نظر

حبذا لو …!

في سياق اتفاقنا الجماعي على التضامن مع إخواننا الفلسطينيين في المحنة القاسية التي يمرون منها، حبذا لو نركز مع الأمور الأساسية التالية، التي يغفل عنها كثير من الناس تحت ضغط الانفعال و الصراخ الفارغ من عمق و من معنى :

1/ حبذا لو نتعلم من الفلسطينيين إصرارهم على الحياة بأمل و تفاؤل رغم كل شيء، و نتأمل في معاني احتفاظهم بابتساماتهم حتى وهم يسكنون المخيمات، و حتى وهم يتعرضون للضرب أو هم قيد الإعتقال، وحتى وهم ممددون على الأرض تحت الأقدام.

2/ حبذا لو نتأمل في الفرح المنبعث من زغاريد النساء الفلسطينيات حتى و أسقف منازلهن تسقط فوق رؤوس أهاليهن وأبنائهن، ولسان الجميع يلهج بحب الوطن.

3/ حبذا لو أن بعض أبناء وطننا، ممن لا يتركون مناسبة إلا و سفهوا فيها سياسة بلادهم و مواقف مؤسساتها، يتعلمون من أبناء فلسطين، فضيلة التشبث بأن على أرضهم ما يستحق الحياة، رغم أنهم يبيتون الليالي في العراء بدون مقومات حياة كريمة في الأفق.

4/ حبذا لو أن بعض “المتضامنين” توقفوا عن اعتبار أن النضال من أجل القضية الفلسطينية، و من أجل كل القضايا، لا بد أن تسبقه الإساءة لوطنهم، و عدم ترك أي مناسبة تمر دون تسفيه سياسة بلادهم و مؤسساتها. رجاء توقفوا عن ذلك لأن المغرب كبير على العابثين.

5/ حبذا لو فكر من يسفهون كل شيء على هذه الأرض الغالية، في قيمة أنهم يبيتون في بيوتهم آمنين في كل المدن المغربية، لأن هنالك دولة وطنية مغربية تسهر مؤسساتها وأجهزتها الأمنية المختلفة، وقواتها المسلحة الملكية، و إداراتها المتنوعة، على أن تجعل حياتهم أفضل بكثير من غيرهم، و تضمن لهم في وطنهم المستقر نعمة الطمأنينة على أنفسهم و منازلهم و أرزاقهم و أهلهم.

فقط باستيعاب هذه الحقائق، سيفهم المسفهون أن على أرض المغرب ما يستحق الحياة و الأمل و التشبت بثوابت الأمة المغربية. لذلك، أقول لمن كان يريد أن يتضامن مع كل القضايا المشروعة، و في نفسه بقية من الحياء، أن يناضل بشرف، ويتضامن بعزة و افتخار بالذات الوطنية المغربية، لأنه لا أحد سيحترمه إذا لم يحترم هو وطنه.

و ليعلم الجميع أن لا أحد في الدنيا يحتاج تضامنا يكون صاحبه متحللا من الغيرة على وطنه أولا، و متجردا من واجب الدفاع عن قضايا وطنه بنفس الحماس الذي يصدر عنه في اتجاهات و مواقف أخرى.

ببساطة، من لم يجد فيه وطنه الخير، لن تجد فيه فلسطين الخير حتى و لو صرخ مليون مرة “تحيا فلسطين …!”. ومن لا يحب لوطنه الخير، لن يستطيع أن يجد في قلبه ما يكفي من الطاقة ليتضامن مع فقراء بلاده و مع فقراء العالم وعاطليه عن العمل و شبابه، و #سالات_الهضرة، ليبقى المغرب فخر الانتماء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *