مجتمع

أطباء وقضاة وإعلاميون ينبهون الدولة لمخاطر تعنيف الأطفال ويطلقون حملة “حنو علينا” (فيديو)

تصوير ومونتاج: إسماعيل البقالي

سلط أطباء وقُضاة وإعلاميون بمدينة طنجة، الضوء على ظاهرة العنف ضد الأطفال والمقاربات الناجحة لمواجهتها، ضمن الندوة الختامية للملتقى السنوي الرابع الذي تنظمه رابطة أطباء التخدير والإنعاش بالشمال، بالتزامن مع إطلاق حملة تحت هاشتاغ “حنو علينا” للفت الأنظار إلى ظاهرة تعنيف الأطفال.

الندوة التي حملت عنوان “حماية الطفولة أولويتنا”، أجمعت خلالها مداخلات أطباء وقضاة وإعلاميين وفعاليات مدنية، على أن المقاربة الجنائية أو الأمنية وحدها غير كافية لمحاصرة ظاهرة العنف على الأطفال أو الحد منها.

ودعا المتدخلون في الندوة التي احتضنتها مدينة البوغاز، أول أمس السبت، الحكومة والسلطات المحلية، إلى تعزيز خدمات الصحة بدءً من المرحلة الإنجابية، وكذا برامج التربية والتعليم، على اعتبار أن تسهيل الولوج لهما يقلل الضغوط على الأسر.

وشددوا على ضرورة تعزيز مراكز الإيواء وتحسين الخدمات الصحية للأطفال وتعميمها، وتحقيق مستوى القرب وتسهيل الولوج، والاعتناء أكثر بالأطفال وضعية إعاقة، وأخذ شكاواهم على محمل الجد.

كما أوصى المتدخلون في الندوة باعتماد دروس طبية وقائية في مقررات التعليم الأولي بهدف التوعية والتحسيس، وتعميم المرافق الرياضية والقرائية والثقافية والفنية للطفولة في مختلف الأحياء.

“بناء الذات البشرية”

الطبيب مولاي إدريس العلوي، اعتبر في مداخلة له، أن تجليات العنف على الطفولة تتحقق ليس فقط بالاعتداء الجسدي والعنف النفسي والاستغلال الجنسي، وإنما يمكن اعتبار الأطفال ضحايا العنف، إذا تعرضوا للإهمال الأسري، أو عايشوا العنف بين الآباء والأمهات.

وأوضح رئيس قطب طب الأطفال بالمركز الاستشفائي الجامعي بالرباط، أن التخلي عن الأطفال يأتي في أول قائمة مظاهر انحراف في نمو الأطفال والجنوح إلى المخدرات، حسب قوله.

من جهته، قال محمد الزردة رئيس قسم قضاء الأسرة بطنجة، إن محاربة الظاهرة لن تنجح بالعقوبات السالبة للحريات في حق المعتدين على الأطفال، داعيا إلى تركيز السياسات العمومية على بناء الذات البشرية.

واقترح المسؤول القضائي الاقتداء بالتجربة الصينية التي لا تقتصر على الجانب القانوني أو الطبي، بل هي منظومة تتكامل في سلسلة حلقات، يتداخل فيها التربوي التعليمي الديني الحقوقي الاقتصادي الاجتماعي كل حسب درجة مسؤوليته في الحماية.

وأضاف أن التشريع المغربي جد متقدم على مستوى الحماية الجنائية للأطفال، لكن مع الأسف هناك تمييز في تطبيق الحق في الهوية المنصوص عليه في الدستور ومدونة الأسرة.

القاضي الذي اشتهر بحكم إلحاق مولودة خارج مؤسسة الزواج بنسب أبيها، قبل أن يسقط في الاستئناف ومرحلة النقض، حمل المسؤولية للمشرع المغربي لمراجعة النصوص الجامدة، معتبرا أن القاضي مؤطر بالمقتضيات والأحكام القانونية.

قاموس “العنف والكراهية”

من جانبه، اعتبر الإعلامي بإذاعة طنجة والباحث في سلك الدكتوراة، خالد اشطيبات، أن الحاجة اليوم تدعو الدولة والمجتمع للنظر إلى الأطفال بمقاربة وجودية باعتبارهم استمرار الحضارة.

وأشار إلى أن هذا الموضوع مقلق، حسب توصيفه، نظرا لأن المؤشرات الواقعية تبين أن تعبيرات الطفولة المغربية اليوم تمتح من قاموس العنف والكراهية للآخر ولمؤسسات الدولة، وهو ما يعني أن الطفولة لها إدراك ووعي بما يحيط بها من إقصاء وتهميش وكل عوامل الشعور بالعنف النفسي والرمزي.

وتساءل اشطيبات بالقول: “لماذا لم تنجح السياسات العمومية التي تهم الطفل وتصب في مصلحته؟” ليجيب إن “الإدارات العمومية تعوزها المقاربة المندمجة والالتقائية في تنزيل الاستراتيجيات والبرامج الموجهة لحماية الطفولة وتمتيعها بحقوقها المنصوص عليها في الدستور والمواثيق الدولية”.

بدورها، تفاعلت الإعلامية إيمان إيغوتان، مع إطلاق حملة “#حنو_علينا” الذي جعلته رابطة الأطباء الاختصاصيين في التخدير والإنعاش بالشمال، عنوان الفيديو الترويجي لملتقاها السنوي الرابع، حيث شددت الإعلامية بقناة “ميدي1” على أهمية تعميم الهاشتاغ على منصات التواصل الاجتماعي.

واعتبرت إيغوتان أن صرخة “حنو علينا” هي “نداء استغاثة من الطفولة المغربية، خصوصا في هذا السياق الذي ما يزال المجتمع المغربي يتذكر بحسرة الفاجعة الأليمة التي أودت بروح الطفل الراحل عدنان، وهي رسالة من الأطفال تطالب بمزيد من الحب والحنان في السياق الأسري والمدرسي والمجتمعي، حسب قولها.

ولفتت الإعلامية إيغوتان إلى أن حضور الطفولة النقاش العمومي وفي السياقات الإعلامية يعتمد على مقاربة مناسباتية، داعية إلى التصالح مع هذا الخطأ في سياق نموذج تنموي جديد، لأن إيلاء أولوية لحماية الطفولة سبيل لإنقاذ الأجيال الصاعدة وإنقاذ المجتمع ككل في أفق 20 سنة المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *