اقتصاد

الاقتصاديون الاستقلاليون يقترحون 5 تدابير لإخراج المغرب من “الأزمة” ويحذرون من إضاعة الوقت

اقترحت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين 5 مجموعات من التدابير ذات الأولوية من أجل التنفيذ الناجح والفعال للنموذج التنموي بالمغرب، مشيرة إلى أنه بالنظر إلى العمق الاقتصادي والاجتماعي للأزمة الحالية، بات من الضروري تحديد أولويات واضحة لإخراج المملكة من هذه الأزمة في أسرع وقت والاستغلال الأمثل للفرص التي تتيحها إعادة تشكيل سلاسل القيمة ومنظومة الإنتاج العالمي.

ووفق بلاغ للرابطة، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، فإن التوصيات التي اقترحتها اللجنة تتقاطع، في العديد من التوجهات، مع الإطار المرجعي والمساهمات التي قدمها حزب الاستقلال إلى هذه اللجنة، معتبرة أن البرمجة والتنفيد المستعجل لعدد من التغييرات المقترحة من طرف لجنة النموذج التنموي، ضرورية لتحقيق انتعاش اقتصادي شامل ومسؤول، لا سيما على المستوى الجهوي.

وبعد أن هنأت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين اللجنة الخاصة بإعداد النموذج التنموي على “طريقتها الشمولية ومنهجيتها التشاركية المعتمدتين في إعداد الصيغة النهائية للتقرير المقدم”، أوضحت أن هذا التقرير يشكل إطارا مرجعيا لتحقيق “ميثاق وطني” كأداة للتعبئة والالتزام الجماعي لتسريع تنمية المغرب على مدى السنوات الخمس عشرة القادمة.

وقال البلاغ إنه إضافة للمشاريع المهيكلة التي أعطى انطلاقتها الملك، من قبيل تعميم الحماية الاجتماعية، وتوفير المياه والطاقات المتجددة، وإصلاح القطاع العام، وتمويل انطلاقة المقاولات، فإنه يتعين إعطاء الأولوية، بشكل خاص، لتنفيذ الإجراءات واتخاذ التدابير اللازمة لحفظ كرامة وتلبية الحاجيات الملحة للمواطنات والمواطنين، خاصة الشباب والنساء والطبقات المعوزة والمتوسطة.

كما تستهدف هذه التدابير، بحسب المصدر ذاته، الحفاظ على مناصب الشغل وخلق فرص جديدة، وتقوية النسيج المقاولاتي وتطويره، وكذا إرجاع الثقة لجميع فئات المجتمع وتهييئ الظروف المواتية لوضع بلادنا في مسار التنمية الشاملة والمستدامة، حيث أوضحت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين أن الأمر يتعلق بخمس أولويات.

الأولى، وفق البلاغ، هي ضمان شروط نجاح المشروع المجتمعي الملكي المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، معتبرة أنها حرصا على ضمان فعالية التغطية الصحية وبلوغ مبتغاها، يستوجب أن يتم توفير الخدمات الصحية الجيدة في كل أنحاء البلاد، وكونها في متناول الجميع، خاصة الأسر الضعيفة والطبقة الوسطى.

وبالتالي، تقول الرابطة يتطلب هذا المشروع التوفر على خريطة صحية شاملة ومفصلة، وإنشاء بطاقة صحية لكل مستفيد، ومراجعة شاملة وعادلة ومتوازنة لأسعار مختلف الخدمات الصحية.

كما تتطلب التغطية الصحية توفير البنيات والتجهيزات الأساسية وخاصة توفير وتأهيل العنصر البشري من أطباء وطواقم التمريض؛ الأمر الذي يتطلب مضاعفة القدرات التكوينية الوطنية من هذه الأطر، حسب البلاغ.

وفي الأولوية الثانية، اقترحت الرابطة الإسراع في تعميم وتحسين جودة التعليم الأولي، معتبرة أن تعميم التعليم الأولي الجيد أولى أولويات التعليم، وتنزيله على الشكل الأمثل، لن يتأتى إلا بإشراك ومساهمة الجهة والجماعات المحلية في توفير الموارد والظروف المناسبة لاستفادة كل الأطفال من هذه الخدمة التربوية، سنتين قبل انخراطهم في أسلاك التعليم الابتدائي.

وأشارت إلى أن عدة دراسات دولية ودراسة قامت بها المندوبية السامية للتخطيط، أظهرت أن الأطفال الذين استفادوا من التعليم الأولي يستطيعون استكمال دراساتهم وتعليمهم بمعدل يفوق بأربع سنوات ​​مدة متابعة دراسة نظرائهم الذين لم يستفيدوا من السلك الأولي.

وقالت إن الاهتمام وتعميم التعليم الأولي ذي الجودة العالية من شأنه أن يعدّ أجيال ومواطني المستقبل لاكتساب المهارات والقدرات اللازمة وتحقيق الإدماج الاجتماعي والاقتصادي لرفع تحديات التنمية المستدامة من أجل ولوج بلادنا نادي الدول الصاعدة في أفق عام 2035.

ودعت في الأولوية الثالثة إلى العمل على الاستفادة من الاستثمارات المنجزة في البنيات التحتية، وتحفيز المقاولة، وتسريع وتطوير النسيج الإنتاجي من خلال توجيه جزء من ميزانيات الاستثمار العمومي لصالح الإنتاج المباشر للسلع والخدمات.

واعتبرت أن تحرير الطاقات وخلق العديد من فرص الشغل يتطلب إحداث ثورة تنافسية في النسيج المقاولاتي ببلادنا. وتتطلب هذه القطيعة تحولا وتموقعا تكنولوجيا واضحا للجميع، تنخرط فيه كافة الفعاليات المعنية وتستهدفه كافة السياسات العمومية، وما يترتب عن ذلك من تقوية الاستثمار في برامج البحث العلمي والتكنولوجي؛ وإعداد النصوص القانونية الضرورية بما فيها مدونات الاستثمار والضرائب لمسايرة التحولات التي فرضتها الأزمة الحالية، مع مراعاة الخصوصيات الجهوية”.

كما يتطلب “تخفيف ورقمنة المساطر والمواكبة المحلية للمقاولات، على مستوى المراكز الجهوية للاستثمار، وتوفير مناطق مجهزة للأنشطة الاقتصادية وربطها بشبكات النقل والطاقة والاتصال ثم توفير الآليات المناسبة للتمويل. وفي هذا السياق توصي الربطة بتحسين استهداف الاستثمار العمومي وتوجيه نسبة مهمة منه نحو الأنشطة الإنتاجية ذات القيمة المضافة العالية”.

ودعت إلى تخصيص 20 إلى 25٪ بشكل مباشر أو غير مباشر من إجمالي الاستثمار العمومي لدعم هذه الأنشطة الإنتاجية، أي ما يعادل 40 إلى 50 مليار درهم سنويا، وذلك على مدى الخمس سنوات المقبلة. والهدف هو تطوير القدرات الإنتاجية، وإنشاء وتطوير المقاولات المتوسطة والصغيرة والفردية، وكذا الشركات الناشئة startups، والتي تعد أكبر خزان لفرص الشغل.

وقالت إنه يمكن أن يتخذ هذا التمويل شكل إعانات، أو استثمارات مباشرة أو غير مباشرة في رأس المال، تكملها سندات مضمونة أو قروض بنكية. وهنا لا بد من التأكيد على ضرورة دعم هذه المقاولات الصغيرة والمتوسطة والمنظومات الجهوية للإنتاج، من خلال بعض المؤسسات التمويلية، كصندوق محمد السادس أو المقاولات الكبيرة، وذلك بهدف تحقيق وتطوير أنظمة اقتصادية جهوية فعالة ومبتكرة وتنافسية.

وفي الاقتراح الرابع، شددت الرابطة على ضرورة الحد من التفاوتات الاجتماعية والمجالية وتنمية الطبقات المتوسطة، مشيرة إلى أن الدراسات التي أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط، أبانت عن اندحار كبير للقدرات الشرائية للطبقات المتوسطة وعن تفاقم مهول مسجل في التفاوتات الاجتماعية والمجالية والتي بلغت مستويات جد مرتفعة في السنوات الأخيرة، لا سيما في الوسط القروي.

وترى الرابطة أنه أصبح من المستعجل استعادة وتعزيز القدرات الشرائية للطبقات المتوسطة والمعوزة، والتي تآكلت بشدة بسبب عقد من السياسات الجد ليبرالية التي انتهجتها الحكومة منذ اكثر من 6 سنوات، والتي زادتها الأزمة الحالية تعقيدا، حيث دفعت أكثر من مليون مواطن إلى مستويات متدنية من الفقر.

وفي هذا الإطار، توصي الرابطة باتخاذ إجراءات استعجالية لتحسين دخل الأسر، وتخفيف العبء الضريبي على المداخيل المنخفضة والمتوسطة، وتسريع تنزيل الورش الملكي المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، وتقليص التكلفة وتحسين جودة الخدمات العمومية كالصحة والتعليم والنقل والسكن، وتيسير الولوج إلى الخدمات في قطاعات الثقافة والرياضة والترفيه.

واعتبرت أن هذه الإجراءات ستساهم في تحسين الظروف المعيشية للأسر وتعزيز الطلب المحلي، الذي يشكل المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي والسيادة الاقتصادية ببلادنا، داعية إلى وضع استراتيجيات متكاملة ومندمجة وتوجيه الجهود وتعبئة الإمكانيات الضرورية لتحقيق الاستدراك التنموي لصالح المجالات الأكثر فقرا، ولا سيما المناطق الحدودية والجبلية والواحات.

وبخصوص الاقتراح الخامس والأخير، دعت الرابطة إلى تفعيل حكامة اقتصادية شفافة وناجعة لوضع المغرب في مسارات نمو مرتفع، دائم ومسؤول، معتبرة أنه بعد وصول جل الاستراتيجيات القطاعية إلى مداها، يتعين العمل على تقييمها بأسرع ما يمكن، ووضع مخططات عمل، وطنية وجهوية، للقطاعات والأنشطة المحركة للنمو الاقتصادي للسنوات القادمة. كما يجب أن تصاحب هذه المخططات برامج تدريبية وتكوينية لتأهيل الموارد البشرية وتقوية المهارات الضرورية لضمان تنمية القطاعات المعنية وخلق فرص جديدة للشغل.

واقترحت أن تستفيد المقاولات المؤهلة، ولا سيما الوحدات الصغيرة والمتوسطة، القديمة منها والجديدة، من الدعم العمومي (مع تمديد الجدول الزمني للأداءات الجبائية، والاجتماعية، والتمويلية)، وذلك من خلال إبرام عقود تنموية، على المقاس، يسهر على تنفيذها، جهويا، فريق عمل متعدد التخصصات. ويقترح أن تعتمد هذه الفرق الجهوية، في جهودها، على الآلية المقترح إحداثها لدى رئيس الحكومة ويصطلح عليها “المدافع عن المقاولة”.

وفي هذا السياق، اقترحت الرابطة تسريع تفعيل هذا النظام من أجل تفادي كل التأخيرات والعراقيل المحتملة التي قد تتسبب في حدوث خسائر اقتصادية كبيرة في مسار تنفيذ خطط التنمية المرتبطة بالنموذج التنموي الجديد.

وفي ظل محدودية الموارد ببلادنا، خاصة خلال السنوات المقبلة، تقول الرابطة، “فلن يعد من حقنا إضاعة الوقت، أو تشتيت الموارد، أو عدم الاستغلال الأمثل للفرص المتاحة. لذلك، أصبح من الضروري اتخاذ خيارات شجاعة وتحديد الأولويات الضرورية، القطاعية منها والمجالية”.

ووفق البلاغ، فإن تحديد هذه الأولويات والإعلان عنها وبرمجتها المندمجة، بدءً بقانون مالية سنة 2022، لمن شأنه أن يعطي رؤيي أكثر وضوحا، ومزيدا من الثقة لدى كافة القوى الحية من مقاولات ومستثمرين وعموم المواطنات والمواطنين، حسب الرابطة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • Abdessamad
    منذ 3 سنوات

    الذي ادخل المغرب فى الأزمات الاقتصادية المتتالية هي5 عقود من تسيير حزب الاستقلال للشان العام في المغرب وياتون اليوم بالجهاز على ما تبقى زوروا المدن التي يسيرها حزب الميزان المعطوب لتعرفوا حجم المآسي في التسيير