مجتمع

محامون يرفضون مضمون المادة 14 من مشروع قانون التنظيم القضائي

عبر مجموعة من المحامين عن رفضهم لمضمون المادة 14 من مشروع قانون التنظيم القضائي الذي طرحته الحكومة أمام مجلسي البرلمان للتصويت عليه وإجازته قبل نهاية الدورة البرلمانية الحالية.

وتنص المادة 14 من مشروع قانون التنظيم القضائي التي ستصير واجبة التطبيق إذا ما اعتمدت على حالتها، على إلزامية ترجمة جميع الوثائق المدلى بها أمام القضاء إلى اللغة العربية بواسطة ترجمان محلف ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك.

واعتبر هؤلاء المحامين الرافضين لمضمون المادة 14 من مشروع قانون التنظيم القضائي، ، أن الأخيرة من شأنها أن تطيل آجال البت في النزاعات القضائية وأن تعرقل المساطر القضائية بسبب كثرة الطلب (العدد الضخم للوثائق وآجال الترجمة) مقابل قلة عدد التراجمة المحلفين على الصعيد الوطني، بالإضافة إلى أنها ستكشف عبئا ماديا إضافيا على كاهل المتقاضين، كما من شأنها أن تمس بحق المواطنين محدودي الدخل في اللجوء للقضاء.

وأبرزوا أن اعتماد المادة 14 دون تعديل “سيؤدي بصفة آلية إلى إطالة أمد البت في النزاعات على اعتبار أن قرار قبول الوثائق غير المترجمة أو رفض الوثائق غير المترجمة وضرورة الإدلاء بالترجمة، لا يتم اتخاذه في الجانب العملي إلا في مراحل متقدمة من النزاع وبالضبط عند دراسة القضية والوثائق المدلى بها وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى إطالة آجال الفصل في النزاعات، لأن المحكمة المعروض عليها النزاع لا تقوم مبدئيا وعمليا بدراسة الوثائق، إلا على إثر حجز الملف للتأمل أو المداولة، وهو ما سيفرض إعادة إدراج الملف في الجلسة للإدلاء بالترجمة مما سيؤدي إلى إطالة المساطر، كما أن الطرف الخصم في الدعوى سيقتصر على التمسك بالدفع بعدم قبول الوثائق نظرا لعدم ترجمتها، بشكل سيؤدي إلى تأخير الملف لجلسات متعددة في انتظار الإدلاء بالترجمة”.

كما نبهوا إلى كون المادة المذكورة من شأنها تمس بحق الفئات الهشة من المتقاضين في اللجوء إلى القضاء، وذلك بسبب أن “هذا المقتضى سيؤثر على حق المتقاضي ذي الدخل المحدود في اللجوء إلى القضاء بالنظر إلى التكلفة المادية الإضافية التي سيضطر إلى تحملها مسبقا، قبل طرق باب القضاء، في حال المصادقة على هذا النص على حالته. وعلى سبيل المثال، فإن الأُجَرَاء المتقاضين الراغبين في مقاضاة مُشغِّليهم سيضطرون إلى ترجمة عقود الشغل وكشوف الأداء وشواهد العمل وغيرها من الوثائق، قبل اللجوء إلى القضاء، وسيكونون مضطرين إلى تحمل مصاريف كبيرة نتيجة تكاليف الترجمة قبل اللجوء إلى المحكمة، والحال أنهم يستفيدون بقوة القانون من المساعدة القضائية”.

وبالإضافة إلى كل ما ذكر، يضيف هؤلاء، فإن عدد التراجمة المحلفين في المغرب يتحدد في 406 ترجمان مُحلف فقط حسب جدول التراجمة المحلفين المقبولين لدى محاكم الاستئناف والمنشور في الجريدة الرسمية الصادرة بتاريخ 14 يونيو 2021 (الصفحات 4651 إلى 4701)، في حين يبلغ عدد محاكم الموضوع التابعة للتنظيم القضائي للمملكة 120 محكمة دون احتساب محكمة النقض، مع التذكير بأن عدد القضايا المسجلة لدى المحاكم المذكورة (محاكم الموضوع) سنة 2020، قد ارتفع إلى 2.782.048 قضية، مؤكدين أنه “من المستحيل أن يقوم التراجمة المحلفون، مهما بلغت درجة تجندهم، بتأمين عمليات الترجمة داخل آجال مقبولة ومعقولة بالنظر إلى الكم الهائل لطلبات الترجمة التي ستعرض عليهم، في حالة اعتماد مشروع القانون كما هوعليه، وعلى الخصوص المادة 14 منه”.

واعتبروا أن المادة من شأنها تشكل تراجعا عن مميزات الانفتاح والتعددية التي تميز المغرب والمساس بالاستثمارات الأجنبية، مبرزين أن “فعالية وسرعة القضاء تعتبر من أهم المؤشرات التي يعتمدها المستثمر الأجنبي قصد الاستقرار في دولة معينة، والحال أن اعتماد المادة 14 من المشروع من شأنه أن يعطل إجراءات التقاضي بشكل سينعكس بالضرورة على الاستثمارات الأجنبية التي تعتمد على وثائق محررة بلغات أجنبية من آلاف الصفحات والتي ستحتاج ترجمتها إلى مدة طويلة جدا بشكل سيؤثر على الآجال التي تستغرقها المساطر القضائية”.

وأشاروا إلى أن “التناقض بين المادة 14 و الواقع العملي يتجلى أيضا وبشكل واضح في كون الجريدة الرسمية وجرائد الإعلانات القانونية والقوائم التركيبية وكمية كبيرة من الوثائق الإدارية تحرر كلها باللغة الفرنسية، لتتحول إلزامية ترجمها إلى أولوية مطلقــة بين عشية وضحاها. كما يطرح التساؤل حول الغاية من تكوين القضاة في اللغات الأجنبية إذا كانت ترجمة الوثائق إلى اللغة العربية ضرورية؟”.

وتبعا لذلك، دعا هؤلاء المحامين إلى ضرورة تعديل المادة 14 من المشروع، منبهين المُشَرِّعِ إلى ضرورة إعادة النظر في الصياغة المقترحة بما لا يجعل ترجمة الوثائق إلزامية، إذ تقتضي فعالية النظام القضائي المغربي والحفاظ على حقوق المواطنين أن يتم تعديل الصياغة بما لا يستلزم الترجمة إلا إذا أمرت بها المحكمة.

واقترحوا أن يتم تعديل صياغة الفقرة الثانية من المادة 14 لتصير كما يلي: “يتعين تقديم المقالات والمذكرات والعرائض للمحكمة باللغة العربية. ويمكن الإدلاء أمام المحكمة بالوثائق والمستندات و غيرها من وسائل الإثبات بأي لغة أخرى، ما لم تقرر المحكمة ضرورة الإدلاء بترجمتها للغة العربية مصادق على صحتها من قبل ترجمان محلف. كما يمكن للمحكمة ولأطراف النزاع أو الشهود الاستعانة أثناء الجلسات بترجمان محلف تعينه المحكمة أو تكلف شخصا بالترجمة بعد أن يؤدي اليمين أمامها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • حسن
    منذ 3 سنوات

    تناقض صارخ من جهة يقولن ان المستثمر الأجنبي سيؤدي الثمن ويعرقل هدا المشروع ألإستثمار ومن جهة أخرى يتباكون على الفئات الهشة من الشعب المغربي وكأن هده الفئة تتكلم الألمانية . والهدف الحقيقي محاربة اللغة العربية