المغرب العميق، مجتمع

خطر الانهيار يهدد أكبر قنطرة طبيعية بالمغرب.. فهل يستيقظ الضمير قبل فوات الآوان؟ (فيديو)

يبدو أن الإهمال هو قدر قنطرة امنفري الطبيعية الفريدة من نوعها في المغرب، فلا قيمتها التاريخية ولا دورها الهام في تشجيع السياحة الداخلية، ومساهمتها في جلب الزوار من مختلف مناطق المغرب، شفعا لها عند المسؤولين لإنقاذها من انهيار وشيك.

قنطرة امنفري التي تبعد عن مدينة دمنات بستة كيلومترات ممتدّة على طريق ملتوية تبهر كل زائر بجمال طبيعتها، وهي قنطرة كلسية طبيعية، تشكلت عبر ملايين السنين بفضل تفاعلات مياه العيون المالحة مع المكونات الجيولوجية للصخور المحيطة بها؛ كما تعتبر من الفضاءات المميزة للمتنزه الجيولوجي امكون، المصنف عالميا من طرف منظمة اليونسكو.

انهيار وشيك

هذه القنطرة الفريدة المصنفة من طرف إدارة الحماية عام 1949 بمرسوم منشور بالجريدة الرسمية والذي يتحدث عن ضرورة الحفاظ على القنطرة وعدم تغيير معالمها، لم تغير فحسب بل طالها إهمال غير مفهوم من طرف القائمين على تدبير شؤونها.

فالقنطرة الكلسية قد منعت من المياه لسنوات طويلة، خاصة بعد السماح ببناء أكشاك فوقها، وهو ما اعتبره متتبعون بداية نهاية هذه المعلمة الجيولوجية التي يقصدها زوار من مختلف مناطق العالم، بسبب حرمان احجارها الكلسية من المياه.

وفي نفس السياق، وقبل حوالي 4 أشهر من الآن شهدت القنطرة انجرافات وتساقطات صخرية، جراء انهيار جزئي وتسببت في إصابة بعض الزوار حالة شخصين منهم حرجة.

وقد تم نقل شخصين إلى قسم المستعجلات بمستشفى ابن طفيل بمراكش نظرا خطورة الحالة، فيما تلقى المصاب الثالث علاجه بمستشفى مدينة دمنات.

وكأن هذا كله لم يشف غليل من يغض الطرف عما يحدث فوق القنطرة، حيث تم كراء أماكن بالقنطرة الطبيعية كمرآب لعشرات السيارات وهو ما يزيد من خطر الانهيار في أي وقت.

وتزداد هذه الخطورة في فترات الذروة كفصل الصيف والأعياد الدينية حيث يعرف موقع امنفري توافد الآلاف من المواطنين، مضطرين لركن سياراتهم فوق القنطرة مباشرة، فضلا عن الازدحام الشديد والضغط المروري الذي تعرفه القنطرة.

وفي هذا السياق، عاينت جريدة العمق، أمس الجمعة، ازدحاما غير مسبوق بموقع امنفري، دفع العديد من مستعملي السيارات إلى الانتظار فوق القنطرة قبل أن يتمكنوا من مغادرة المكان.

الأعداد الكبيرة التي توافدت على المكان هربا من الحرارة المرتفعة، وغياب مسلك طرقي آخر يخفف الضغط على القنطرة التي تخترقها طريقان الأولى تربط دمنات بورزازات والثانية تربط دمنات بجماعات أيت ابلال وأيت بوولي بأزيلال، صعب العمل على عناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة التي ظلت مرابطة في المكان لتيسير عملية المرور.

استهتار ولا مبالاة

الفاعل الجمعوي أيوب الحجاجي، قال إن ما يقع اليوم بالقنطرة الطبيعية إيمنفري من تهافت هو استهتار ولامبالاة بالموروث الطبيعي والمتنفس الوحيد للمنطقة ككل.

وأشار في تصريح لجريدة العمق إلى أن الزائر أو السائح لا يلام بقدر ما يلام مسؤولو جماعة تفني بالدرجة الأولى ومسؤولو جيوبارك مكون والسلطات الإقليمية بصفة عامة.

وأضاف المتحدث “لا يعقل نهج سياسة الآذان الصماء والهروب للأمام أمام مطالب المختصين والمجتمع المدني الذين دقوا ناقوس الخطر مرارا وتكرارا بكون جفاف القنطرة والحالة التي صارت عليها سيؤديان إلا كارثة بيئية وخيمة العواقب”.

وختم الحجاجي تصريحه بالقول “لا بد اليوم لمسؤولي إقليم أزيلال ككل من البحث عن حلول حقيقية وواقعية من شأنها الحفاظ على نقطة الضوء السياحية الوحيدة بالمنطقة لنورثها لأبنائنا وللأجيال القادمة”.

القادم أفضل

رئيس جماعة تفني التي تقع قنطرة امنفري ضمن ترابها، قال إن الجماعة حريصة على تطوير الموقع وإنقاذه من الانهيار من خلال مجموعة من الخطوات التي ستتخذ في القريب العاجل منها تحويل مرآب السيارات إلى مكان آخر وإعادة المياه إلى القنطرة.

وقال في تصريح لجريدة “العمق” إن المجلس لم يخصص المكان الموجود فوق القنطرة للسيارات وعلى الجهات المختصة أن تقوم بدورها. أما بخصوص الاكشاك المتواجدة فوق قنطرة امنفري قال إنه إرث ورثه عن الرئيس السابق وستنتهي الرخصة المسلمة للمستغل في أبريل 2022.

وقال إن الجماعة لن تقوم بكراء هذا المكان بعد انتهاء مدة الرخصة وستجعله فضاء أخضر لحماية القنطرة الطبيعية وتزويد الأحجار الكلسية بالمياه.

وبخصوص بعض الممارسات التي تقع أسفل القنطرة المتمثلة في ابتزاز المواطنين الراغبين في قضاء أوقاتهم بالقرب من الماء، قال إن الجماعة لم تصدر أي تراخيص لمستغلي هذه الأماكن وعلى المتضررين الإبلاغ عن المضايقات التي قد يتعرضون لها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *