منتدى العمق

نقطة نظام أيها الرفاق والرفيقات..

إن الدلالات الكبرى للاستقلالية التنظيمية للشبيبة “حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية” عن الحزب، تتعلق بتبني نفس تنظيمي ديمقراطي شامل، ينطلق أولا من رؤية واختيار واعي اتجاه الشباب، كقوى مسؤولة و قادرة على المساهمة في بناء الاختيارات السياسية الكبرى للحزب، في احترام تام لأجهزته و مؤسساته، فالأمر يفترض واقع مؤسساتي نحس بالانتماء إليه جميعا و نحدد أنفسنا كفاعلين من داخله، عبر جعل القطاعات والهياكل الموازية تفكر وفق مسافة ضرورية عن السياق الحزبي، خصوصا أن الأمر يتعلق بتنظيم سياسي اشتراكي، حيث “ليس ثمة إلا آراء و تقديرات” تضفي عليها الأجهزة قوتها المؤسساتية والملزمة، لذلك كان من الضروري أن يخوض الحزب تمرينا ديمقراطيا شاقا و ضروريا، يتعلق بمأسسة التيارات و بناء القرار الحزبي على قاعدة المساهمة الجماعية، فحتى الاعتراضات الممكنة لا يمكن اعتبارها سوى “مساهمات” تقف وراء حركة الحزب وإشعاعه، لكن هذه الاختيارات لم تكن يوما “بياضات” ينسل لها القراصنة لتدبير حسابات حزبية ضيقة عبر رياضيات غير كونية، لا تؤمن بالتناسق أو حتى بتلك القوى المتعاكسة التي تحدث عنها هيراقليطس و التي يجعل تناسبها وتر القوس مشدودا، لأن المطلوب بالنسبة لبعض رفاقنا هو التأكيد على أنه فوق أرض الديمقراطية لن تكون أقدامنا ثابتة .

لازلنا مصرين على أن المطلب الديمقراطي ملح و حاسم و واعون كذلك بالاقتضاء السابق على هذا المطلب والذي يتعلق ببناء “ذهنية ديمقراطية” قادرة على تمثل الفعل الديمقراطي بعيدا عن ثقافة الشعار واللافتات الكبيرة التي فقدت مصداقيتها داخل “عالم الوقائع”، كأن يتحدث بعض رفاقنا عن “الاستقلالية” و”القرار الشبيبي” و هم لا يشكلون سوى احتياطي تنظيمي لآباء صارمين يدفعونهم نحو ملاحقة السحب وقد يتخذ الأمر شكل عقد ندوة صحفية لإطالة أمد محاولة يائسة لتهريب الشبيبة.

تحدث رفاقنا عن القانوني و السياسي و لوحوا بكل العناوين القلقة التي روج لها الصف الانشقاقي من رفاقنا الباحثين عن أصدقاء جدد في نادي الحزبية، جاعلين منها معركة رأي عام، دون تقديم أي معطيات تأسيسية لأي جواب سياسي أو قانوني و يمكنني أن أحدد مختلف ملاحظاتي فيما يلي:

1_تبرير القرار الغير قانوني الداعي لفك الارتباط السياسي بالحزب الاشتراكي الموحد على أساس أن وراءه موقف متعلق بما يرون أنه “أزمة اختيارات” قررت بشأنها الأجهزة الحزبية، فالاستمرار في تحالف فيدرالية اليسار من عدمه، قررت بشأنه مؤسسات الحزب وأكدته القواعد و جملة ما جاء في خلاصات اجتماع المكتب السياسي مع كتاب الفروع، حيث أن التحفظ على القرار تفترض القواعد الديمقراطية مناقشته داخل البنية المؤسساتية للحزب أما الانقلاب على هذه القرارت و تقييمها خارج نطاق الحزب أو اتخاذ موقف تخريبي اتجاهه، لا يمكننا فهمها إلا كتوجه انشقاقي و لذلك نرى أن رفاقنا لا يملكون أي خلافات مبدئية مع الحزب و بأنهم يعيشون ” أزمة موقف ” بين التسليم بالديمقراطية و معاداتها .

2_ قرار إنهاء التحالف من فيدرالية اليسار، ليس قرارا” انفراديا”، بل كان تقدير عدد من الرفاق بأنه واقع آت، حتى أن هناك عدد من رفاقنا الذين عارضوا منذ البدء هذا التحالف و اعتبروه ” فوقيا ” و ليس نتيجة لتداخل قاعدي بين المناضلين أو ركن لأي نضال وحدوي و سجلوا ملاحظاتهم بخصوص تعامل الحلفاء مع العملية الانتخابية (رفاق و رفيقات أرضية التغيير الديمقراطي نموذجا) دون أن يتجه هؤلاء الرفاق نحو أي خيار هجومي أو عدائي اتجاه مؤسسات الحزب وتوجهها العام، محتفظين لأنفسهم بالحق في التقييم النقدي وفتح نقاش من داخل الحزب، كما نقف أيضا على ” أزمة فهم “، فرفض الاندماج القسري ليس تنصلا من الخيار النضالي الوحدوي و سنواصل التحريض على الوحدة مع كل الديمقراطيين وحين تكون ” اختيارنا المشترك ” الذي لا تقودنا نحوه ” هيغيلية التهامية” .

3_ ارتباط رفاقنا في مواقفهم بفاعلين شخصيين، يدفعهم نحو تحليل الوقائع انطلاقا من ” الشخصنة ” و حصر المواقف في دائرة ضيقة، فالاعتقاد بأن معركتهم الهوائية اليوم مع نبيلة منيب، افتراء واضح، ما دامت الرفيقة تتحرك بدعم كامل من القواعد و من المناضلين و المناضلات بمختلف الفروع و بدعم من المكتب السياسي و أغلبية المجلس الوطني و بمختلف تيارات الحزب و توجهاته، لذلك عليهم القول صراحة أنهم في مواجهة مع الحزب الاشتراكي الموحد و من أجل حله و هم الذين اعتبروا إلى أمد قريب أنه استنفذ إمكاناته التاريخية .

4_ ” الشبيبة ” أو موقف الشباب من الاختيارات السياسية و التنظيمية للحزب لا يمكن اختزالها بشكل تعسفي في ” أقلية” من رفاقنا الذين عبروا منذ انتخابهم على مستوى بعض أجهزة الشبيبة على أنهم ” جناح سياسي ” داخل الشبيبة و كان يتداول على نطاق واسع بأنهم مرشحوا طرف سياسي محدد و مساهمتهم كانت فارقة دوما في تشكيل هذا الواقع المنقسم( نقض أطروحة الوحدة) ، أي أنهم نتاج ارتباطات أبوية مستمدة من السياق الحزبي و توازناته و الجواب على اختلال موقفهم تقدمه الفروع و مختلف المناضلين و المناضلات .

5_ يقدم رفاقنا أنفسهم، على أساس أنهم يشاغبون ” تحكمية ” الرفيقة الأمينة العامة نبيلة منيب، لكنهم لا يرفضون ” التحكمية ” من ناحية المبدأ، فإلى عهد قريب تم حل عدد من الفروع ” المشاكسة ” التي لم تقبل بمهادنة ” الديمقراطيات المتنكرة” و تم تجميد عضوية عدد من الرفاق دون أي سند قانوني و تنظيمي، لمجرد تمسكهم باختيارات مبدئية رافضة لجعل الشبيبة جيبا لأحد .

6_ لنتساءل من حيث الجوهر القانوني: ما الذي منع رفاقنا من البحث في أقوى صيغة قانونية ” المؤتمر الاستثنائي ” ما دام القرار شاملا و مصيريا على هذا النحو ؟ لماذا يخشى ديمقراطيونا الأعزاء إشراك الفروع و القواعد و شباب حشدت في اتخاذ هذا القرار و يجرونه إلى حيز ضيق يفقد معه شرعيته القانونية و التنظيمية و يعكس طبيعته الفعلية، أي كرد فعل انطباعي على قوة القرار الحزبي و المؤسساتي، الذي أعاد التمييز بدقة بين ” اختياراتنا ” و ” أقدارنا “، فالأمر الذي لا رجعة فيه بالنسبة لنا هو انحيازنا الدائم لقضايا شعبنا العادلة عبر إحداثيات يسارية دقيقة.

هناك مصوغات قانونية أساسية يحددها القانون الداخلي للشبية و وثائقها الموضوعاتية( المنظور السياسي، الهوية، المرجعية..) و وثائق الندوة الوطنية التأسيسية _6_7_8 شتنبر 1985، لذلك ينبغي التأكيد على أن رفاقنا يحاولون تهريب شبيبة الحزب الاشتراكي الموحد، إلى وسط ستلقى بلغة الفيزياء ” مقاومة” من طرفه، لأنها ليست نتاج بيئته و لم تنشأ داخله و لكونها جزء من تاريخية الحزب الاشتراكي الموحد .

نقطة نظام، من أجل الفهم و للتأكيد مجددا على أن محاولة تهريب الشبيبة محبطة في عمقها .

لنتذكر معا؛ من ينتمي لنفسه فقط، لا يمكنه أن يتوحد مع أحد، المبدأ راسخ و أزلي و صلب، أما ” المصلحة ” فوضعها أرسطو على حدود متحركة و ظرفية و تحت سلطة قوة عظيمة تسمى: الزمن.

قد نكون حزبا صغيرا بمعايير ” التعمير الحزبي”، تقف إلى جانبه شبيبة من الحالمين و الحالمات، لكننا ندافع عن أمل ممكن و ضروري و لسنا مستعدين للتفريط في روابط الثقة مع عموم أبناء و بنات شعبنا و لأن “اليسار” كان كبيرا دوما بمواقفه و تحيزاته الصريحة و انزياحه عن التذبذب، لذلك لن نعاني أبدا من هوس ” الضآلة ” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *