منتدى العمق

ممونو الحفلات ملتزمون بقواعد الحرب على الكوفيد.. ضرورة وضع دفتر تحملات

حين يتم إستعراض المهن التي تضررت بفعل الجاءحة نجد مهنة ممون حفلات ضمن  المهن التي أصابتها سهام المرض اللعين في  مقتل . صحيح أن كلمة “حفلات ” قد تدفع البعض إلى وضع هذه المهنة في خانة الكماليات  و بالتالي غير ذات ثقل إجتماعي  و إقتصادي. و هذا يدخل في إطار الجهل بأهمية الحفلات في الثقافة المغربية و في دورها فى دعم التضامن بين مختلف الطبقات  و الفئات و الأسر و المهن الفنية و تلك التي تجتهد للحفاظ على الموروث الشعبي في مجال الطبخ  و صناعة الحلويات في إطار متجدد لتجدر أنواع التعبير الفني. و للايضاح فقد ساهم ممونو الحفلات في إحياء طقوس  و تعابير فنية تمزج بين الإيقاعات و التعبيرات  و الرقصات التي كانت ستذوب و يشملها النسيان لولا الحفلات.  مراكش مدينتي و مكان صنع ميولاتي الثقافية  و المهنية كادت أن تفقد هويتها لولا جهود أبناءها لإعادة الإعتبار إلى مخزونها في مجال الفن  و الطبخ  و مختلف ألوان البهجة.  و للأسف قوبل مجهود عشاق البهجة بالكثير من التجاهل  و ضاعت مناصب الشغل  و افلست شركات صغرى  و متوسطة.  و خلال الإعصار الكوفيدي أظهر الكثير من صانعي الفرح على علو كعبهم في مجال التضامن الاجتماعي.

ممون الحفلات هو ذلك الإنسان المواطن الذي يعيش في  محيطه عشرات المهنيين المختصين في كافة المهن المرتبطة بالحفلات. كم تسعد العائلات بسماع إيقاع الدقة المراكشية كمكون أساسي للبهجة في كافة مناطق المغرب و كم نسعد جميعا حين تحيي الأسر أعراسها بكثير من الوفاء للتقاليد الثقافية التي تضمن حركة إقتصادية لصانعة الحلويات و الجزارين  و مربي الدجاج  و أصحاب الأفران التقليدية و سائقي الشاحنات  المختصة في نقل المأكولات و العشرات ممن يسهرون على تقديم الوجبات في إطار بروتوكول فني.  و للتأكيد وجب ذكر ما يصاحب المأدبة من تعابير فنية ذات نكهة راقية  و متجدرة في تربة الوطن.

ممون الحفلات ليس ذلك الذي يبيع أكلا و يقدم فاتورة  و ينسحب بعد ساعات من موقع الحفل.  إنه ذلك المقاول الصغير الذي يغامر بشخصه  و ماله  و مستقبل أسرته  و الذي تتخلى عنه المؤسسات البنكية حين تتكالب ضده الظروف الصعبة.  هذا المقاول يشغل بطريقة مباشرة عددا كبيرا من المهنيين.  حين بحثت في هذا الموضوع تبين لي ان حفلا لا يتجاوز المدعوون إليه المءة  يمكن من تشغيل مباشر لحوالي ستين شخصا من عمال توزيع الوجبات  و أعضاء الفرق الموسيقية  و النكافات  و غيرهم.  أما العمال  و العاملات الذين يساهمون بطريقة غير مباشرة فيتوزعون بين حلواني  وجزار  و طباخ  و حارس أمن  و اعوانهم وهم عشرات .

من يعتبر ممون الحفلات مهنة ترتبط بالكماليات وجب عليه أن يعتذر لعمال  و عاملات يشتغلون في مجال يتسم بالهشاشة  لكنه يشكل منجما لخلق فرص الشغل بالالاف من المغاربة.  لهذا وجب التوضيح من أجل أن يتم إستخدام الذكاء قبل إتخاذ القرار. أن يتم السماح للمقاهي  و المطاعم  و مؤسسات النقل  و غيرها بالاستمرار في تقديم خدماتها بشروط احترازية تفرضها حالة انتشار المتحور دلتا، فهذا شيء معقول. و لكن لماذا يتم إستثناء مموني الحفلات  و أصحاب قاعات الحفلات و عدم التفكير في فرض شروط دقيقة عليهم تمكن من ضمان تشغيلهم وفقا لبروتوكول صحي احترازي.  يمكن الإجتهاد في وضع شروط هذا البروتوكول بتحديد عدد الجالسين حول المواءد و مسافة الأمان بينها  و منع بعض طقوس الأعراس كالرقص حول العروسين بل  و فرض تحمل تكاليف رجال الأمن الذين يمكن تكليفهم بمراقبة شروط التباعد. كل هذا من أجل حماية العاملين في هذا القطاع من الهشاشة  و الضياع.  و للعلم فإن مراقبة المقاهي  و المطاعم تظل ضعيفة و للتأكد من ذلك وجبت مشاهدة حركية مرتادي المقاهي في أغلب المدن.  المهم هو  تشغيل الذكاء في البحث عن الحلول و عدم التساهل في فرض كل شروط التباعد الإجتماعي خلال الحفلات.  أما المنع فيظل أسهل السبل لكنه لا يضمن الحد من إنتشار الكوفيد  و متحواراته لأن المراقبة يجب أن تكون جد منظمة و هو ما نقتقر. إليه.  و في إنتظار نهاية لا زالت بعيدة للكوفيد،  وجبت حماية أنشطة إقتصادية تضمن أرزاق الآلاف من الأسر  و تحميهم من الوصول إلى  مرحلة  الفقر المدقع و فقدان كرامتهم.  المنع المطلق دون التفكير في الحلول العملية هو نوع من خلق فيروسات إجتماعية لا ينفع معها أي دواء  ولا أي تلقيح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *