انتخابات 2021، حوارات، سياسة

يحياوي: الشروط متوفرة لتراجع المصباح وعدم تصدره المشهد الانتخابي المقبل

قال أستاذ الجغرافيا السياسية وتقييم السياسات العمومية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، مصطفى يحياوي إن نتائج الانتخابات الغرف المهنية أكدت أمرين اثنين، أولهما أننا أمام مشهد انتخابي متحول يؤشر على وجود متغيرات تطال مختلف مناحي الحياة السياسية والنقابية والمهنية، وثانيهما عدم تأثر هذه الانتخابات بشكل ملحوظ من سياق ارتفاع حالات الإصابات بوباء كوفيد 19 بالنظر إلى نسبة المشاركة.

وقال المتحدث في حوار مع جريدة “العمق”، إن جميع شروط التغيير متوفرة لتراجع العدالة والتنمية وعدم تصدرها للمشهد الانتخابي المقبل، مشيرا إلى أن القرب الزمني بين هذه الانتخابات وبقية الاستحقاقات الجماعية والجهوية والتشريعية المزمع تنظيمها يوم 8 شتنبر المقبل (22 يوما) سيؤثر على المزاج الانتخابي العام، إذ سيستقر في الأذهان أن العدالة والتنمية ودرعها النقابي قد خسرا استحقاقين متتاليين خلال أقل من شهرين.

فيما يلي نص الحوار كاملا:

ما تعليقكم على نتائج انتخابات الغرف المهنية؟

أعتقد أن النتائج أكدت أمرين: أولا نحن أمام مشهد انتخابي متحول يؤشر على وجود متغيرات تطال مختلف مناحي الحياة السياسية والنقابية والمهنية. فإذا نظرنا إلى نتائج انتخابات الأمس في علاقتها مع ما أفرزته انتخابات المأجورين في القطاعين العام والخاص، فلعل أهم ملاحظة يمكن إبداؤها أن العدالة والتنمية ودرعها النقابي الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب هما الأكبر الخاسرين في هذين الموعدين الانتخابيين. بالمقابل، بينت نتائج انتخابات الغرف المهنية البارحة أن حزب الأحرار يسير بثبات ليؤكد أنه الأكثر استعدادا وتنظيما، بحيث تصدر عدد الترشيحات بـ%15,65، وبتغطية بلغت %87، وقد فاز بـمعدل 3.3 مقاعد على 10، وقد ضاعف عدد المقاعد المحصل عليها في 2015 بمعدل %196. بهذه النتيجة، تفوق الأحرار على بقية الأحزاب الثمانية الأولى التي، ما عدا حزب الاستقلال الذي رفع عدد مقاعده من 351 في 2015 إلى 360 مقعدا، فكلها تراجعت بنسبة تتراوح بين 10 بالنسبة للاتحاد الاشتراكي و75٪ بالنسبة للعدالة والتنمية الذي تراجع من الرتبة الخامسة إلى المرتبة الثامنة.

الأمر الثاني الذي أفرزته انتخابات الغرف المهنية لـ6 غشت الجاري، أن معدل المشاركة بلغ 47,24٪ أي بزيادة أكثر من 4 نقط عن نسبة المشاركة في 2015، وهو ما يؤشر على عدم تأثر هذه الانتخابات بشكل ملحوظ من سياق ارتفاع حالات الإصابات بوباء كوفيد 19.

كيف تفسرون تراجع حزب العدالة والتنمية خلال هذه الانتخابات، خصوصا أنه انتقل من 196 مقعدا في انتخابات 2015 إلى 49مقعدا في انتخابات 2021؟

كما سبق وأن قلت في إحدى حواراتي السابقة تعليقا على نتائج انتخابات المأجورين في يونيو 2021، فإن جميع شروط التغيير متوفرة لتراجع العدالة والتنمية وعدم تصدرها للمشهد الانتخابي المقبل، ومرد ذلك، في اعتقادي، أن الحزب على المستوى التنظيمي يعرف منذ مؤتمره الوطني الأخير رجات أكدتها موجة الاستقالات والتوترات التي عرفها خلال السنتين الأخيرتين، إن على مستوى المجالس الجماعية التي يترأسها الحزب، وإن على مستوى التنظيمات المركزية أو القاعدية؛ ينضاف إلى هذا العامل الداخلي عوامل سياقية تجعل من الحزب عرضة لانتقادات شعبية أفقدته هامش التميز عن باقي الأحزاب الأخرى، والقدرة على استمالة شرائح اجتماعية تحصن تفوقه الانتخابي.

 هل يمكن اعتبار هذه النتائج مؤشرا لما سيقع خلال الانتخابات البرلمانية والجماعية المقبلة؟

أعتقد أن القرب الزمني بين هذه الانتخابات وبقية الاستحقاقات الجماعية والجهوية والتشريعية المزمع تنظيمها يوم 8 شتنبر المقبل (22 يوما) سيؤثر على المزاج الانتخابي العام، إذ سيستقر في الأذهان أن العدالة والتنمية ودرعها النقابي قد خسرا استحقاقين متتاليين خلال أقل من شهرين، وأن هناك حزبا آخر (الأحرار) بصدد تكريس وجوده في المشهد الانتخابي باعتباره بديلا أسعفته مدة 5 سنوات الأخيرة من استقطاب أعضاء جدد عبر نسج علاقات وتحالفات براغماتية داخل جغرافية القرب الاجتماعي، بشكل يسر له تأهيل شبكة تنظيماته القاعدية، وتطوير مقاربة جديدة في التواصل والتعاقد مع الناخبين المهيئين للتصويت بمنطق يتعالى على الالتزام السياسي الضيق المحكوم بمقدمات إيديولوجية تتناسب والأطروحات التقليدية للتقاطبات الحزبية التي اعتاد عليها المشهد الانتخابي المغربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *