وجهة نظر

وحوش المال والوضع الوبائي في العالم

كاتب رأي

وضعية وبائية حالكة

تجتاح العالم ، ومنذ أكثر من سنتين ثقافة متوجسة ، كرد فعل طبيعي للتصدعات السوسيواقتصادية العميقة التي أحدثها انفجار وباء كوفيد-19 وامتداد تداعياته ليشمل كل بقاع العالم ؛ ثقافة مسيجة بمخاوف لامحدودة حينا، ومتنطعة للاستغلال في أبشع أشكاله حينا آخر ، ولعل من أبرز صوره ظهور شركات عملاقة منتجة للقاحات ، وتصدرها للمشهد السياسي والصحي بخاصة ؛ وبحجمها الضخم واحتكارها لكل أدوات تصنيع وتسويق اللقاحات ؛ هيمنت على كل مواقع القرارات السياسية الصحية ، بدءا بمنظمة الصحة العالمية WHO وانتهاء بالمنظومات الصحية الحكومية في كل أرجاء العالم ، فتحولت إليها قرارات أخصائييها في مجالات توصيف مكونات اللقاحات وتصنيعها وتحديد الجرعات الكافية منها وغير الكافية ، والمدى الزمني لتصبيرها وتطعيمها .

بالأمس القريب كان خطاب المنظمة الأممية منصبا على سياسة تطويق الجائحة والإجراءات الاحترازية التي واكبتها، لكن اليوم ؛ ومع النسب المئوية الهائلة التي إستفادت من التلقيحات ؛ اتجه خطابها فجأة ؛ وبإيعاز من هذه الشركات العملاقة المنتجة للقاحات ؛ إلى صيغة “إجبارية” التطعيم وفرض “جواز التلقيح” ، ومن ثمة صارت تخمن بأن أخذ الجرعة الثانية أصبح غير كاف بالنظر إلى ظهور متحورات جديدة وسلالات أخرى أشد فتكا !

جرعتان ؛ ثلاثة ؛ أربعة …!

خلصت دراسة بريطانية حديثة ؛ أجرتها جامعة أكسفورد إلى “أن الحماية التي يوفرها أكثر لقاحين استخداما للوقاية من سلالة دلتا المتحورة من فيروس كورونا تضعف في غضون ثلاثة أشهر ، وأضافت ” أن أولئك الذين أصيبوا؛ بعد حصولهم على جرعتين من لقاح فايزر أو استرازميكا قد يشكلون خطرا على الآخرين أكبر مما كان عليه الحال في سلالات الفيروس السابق ” ، كما أوضحت الدراسة أنه بعد مرور 90 يوما على الجرعة الثانية للقاحين لوحظ تراجع كفاءتها ، في حين أن إضافة الجرعة الثالثة تجعل كفاءة اللقاحين في مستوى متقدم يصل إلى%85 ..

احتكار مواد الوقاية الوبائية

لاحظ المواطنون ؛ في الآونة الأخيرة؛ على الأقل داخل الصيدليات أن عدة مواد صيدلانية اختفت فجأة كبعض أدوات القياس أو الكشف عن الفيروس لدى الشخص ، علاوة على أدوية أخرى كفيتامين س (vitamine C1000) ، هذا فضلا عن ارتفاع أسعار الكشوفات الصحية داخل المصحات ، أو الحصول على كشف PCR .
وهذه فرنسا التي ازدهرت أسواقها السوداء ببيع شهادات الخلو من كورونا (snap chat) ، بالرغم من الاحتجاجات الشعبية المعارضة للتصاريح الصحية التي فرضتها الحكومة لولوج المقاهي والملاهي والمتاحف والسينما .. وتحتوي هذه التصاريح الصحية الفرنسية على مسح ضوئي يتم الإدلاء بها عند مداخل المؤسسات.

جشع وأرباح خرافية

صرح الرئيس جو بايدن ؛ في خطاب له ؛ بأن ” 20 مليون أمريكي فقدوا وظائفهم جراء الوباء” ، وهو يعلم أو لا يعلم في آن واحد أن ما يقرب من 650 مليارديرا في أمريكا زادت صافي ثرواتهم أكثر من 1 تريليون دولار، ومنهم من وجد في إنتاج اللقاحات ميدانا خصبا للاستثمار ورفع حالة التأهب القصوى لمواجهة سلالات مستجدة للكوفيد ، وحمل الناس على تناول مزيد من الجرعات ..!
وتتوقع شركة فايزر وحدها pFizer 53 مليار كعائدات لها في الثلاثة الأشهر الأولى من ظهور الجائحة . كما أفادت بأنها باعت 7.8 م.د من اللقاحات في الربع الثاني من عام 2021 ، بينما لا تزال هناك فجوة ضخمة بين البلدان الغنية والبلدان منخفضة أو متوسطة الدخل . وقد تساءل البروفيسور جوزيف إي ؛ الخبير في اللقاحات ” هل يطيل جشع الشركات الوباء ؟ ويٌرجع ندرة للقاحات في أنحاء العالم النامي إلى حد كبير إلى جهود مصنعي اللقاحات للحفاظ على سيطرتهم الاحتكارية وأرباحهم الخرافية ومنها بوجه خاص ( جماعات الضغوط الصيدلانية) .

قضية التصبير ومدة الصلاحية

مع وجود ملايين جرعات اللقاحات في طريقها الى بلدان القارة الإفريقية ، يشعر مسؤولو الصحة العمومية بقلق شديد حيال اقتراب تواريخ انتهاء صلاحياتها، مما يحمل الحكومات على الضغط على المواطنين لتناول الحقن قبل نفاد وقت صلاحياتها .
ويضيف مسؤول تابع لمنظمة الصحة العالمية “نحن قلقون وبشكل خاص من بعض التبرعات الوافدة، فقد تكون تواريخها منتهية الصلاحية ” ، وهذا ما حدا ببعض الدول (مثال جمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان ..) بإحراق 20,000جرعة وقد تزايد في الآونة الأخيرة تدمير ما يقارب 450،000 جرعة لتجاوز تواريخ تخزينها مما يجعل موادها عرضة للتحلل وذات خطورة !

إدانة أممية ..

أدانت منظمة الصحة العالمية ؛قبل أسبوع؛ الولايات المتحدة الأمريكية ودول غنية أخرى مثل إسرائيل وألمانيا بالأنانية لطلبها حقنا معززة لمواطنيها ، مشيرة إلى أنه لا توجد أدلة كافية حتى الآن لدعم جرعات ثالثة ، بينما تظل مليارات من الشعوب حول العالم غير محصنة ولم تتلق حتى الآن ولو جرعة واحدة !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *