وجهة نظر

السياسيون في واد والشعب في واد آخر

يمكن القول بأن خطاب الملك المغربي محمد السادس بمناسبة الذكرى 18 لجلوسه على العرش (2017) يعد بحق من ضمن الخطب المفصلية الاستثنائية، لما تضمنه من رسائل بالغة القيمة، ونظرة نقدية حازمة للحياة السياسية والمشهد الحزبي الوطني، الموسوم بـالترهل والخمول واللاجدوى، والانفصال عن نبض الشارع وتطلعات الشعب نحو العيش الكريم. لقد جسد هذا الخطاب صفعة قوية للهيئة الحزبية المنغلقة على نفسها الغارقة في البحث عن مصالحها الضيقة، والمشغولة بموضوع تقسيم الغنيمة وتثبيت ثقافة “التزكيات” والريع بمعناه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتهميش ذوي الكفاءات في شتى الميادين.

و مما يثير الانتباه أن أربع سنوات مرت على هذا الخطاب الهام إلا أن الوضع الحزبي ببلادنا ظل كما هو، وربما ازداد تخلفا وانهيارا وتأزما، و بمناسبة الاستحقاقات البرلمانية والجماعية والجهوية التي تشهدها بلادنا غدا (21.9.8) فضلنا أن نذكر بفحوى هذه الرؤية الملكية حيال الانتكاسة الحزبية المدوية، مركزين على البنية العميقة المشكلة لهذا الخطاب عالي المكانة، لعل الذكرى تنفع المؤمنين بالديمقراطية كخيار استراتيجي نحو التنمية والتقدم المنشودين.

“الواجب يقتضي أن يتلقى المواطنون أجوبة مقنعة، وفي آجال معقولة، عن تساؤلاتهم وشكاياتهم، مع ضرورة شرح الأسباب وتبرير القرارات، ولو بالرفض الذي لا ينبغي أن يكون دون سند قانوني، وإنما لأنه مخالف للقانون، أو لأنه يجب على المواطن استكمال المساطر الجاري بها العمل.

وأمام هذا الوضع، فمن حق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانون هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟.

فممارسات بعض المسؤولين المنتخبين، تدفع عددا من المواطنين ، وخاصة الشباب، للعزوف عن الانخراط في العمل السياسي، وعن المشاركة في الانتخابات. لأنهم بكل بساطة، لا يثقون في الطبقة السياسية، ولأن بعض الفاعلين أفسدوا السياسة ، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل.

وإذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *