وجهة نظر

تجربة العدالة والتنمية.. نهاية أطروحة ونكسة مشروع (7): هدم الخيمة

يقدم الكاتب والإعلامي، والعضو سابقا بالمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، ماهر الملاخ، دراسة في مسار حزب المصباح  وأسباب الخسارة التي لحقته في الانتخابات التشريعية والانتخابية الجماعية والجهوية التي جرت يوم الأربعاء 8 شتنبر.

هذه الدراسة تنشرها جريدة “العمق” على حلقات.

 

إقرأ الجزء السابق: تجربة العدالة والتنمية.. نهاية أطروحة ونكسة مشروع (6): التماهي في سبيل الإنصات والإنجاز

 

الحلقة 7:

تجربة العدالة والتنمية.. نهاية أطروحة ونكسة مشروع

 الثامن من سبتمبر: هدم الخيمة:

 

من عند أنفسكم… أولا

أمام كل ذلك، يمكن أن نستخلص، أن جزءا مهما من هذا الواقع الذي يعيشه حزب العدالة والتنمية اليوم، يرجع بالأساس إلى مجموعة من العوامل الذاتية، والتي اطرتها تلك الاطروحة الساقطة. ويمكن التنصيص بسرعة على بعض من تلك العوامل فيما يلي:

– تضخم النرجسية الشعبية للحزب، إلى درجة الاستهانة بالمجازفة بها.

– تسامح قادة الحزب المفرط مع سلطة التحكم، طمعا في بناء الثقة مع المؤسسة الملكية.

– وقوع مناضلي الحزب، وخاصة منتخبيهم، في فخ التنافس الداخلي على الامتيازات الانتخابية، مما أضعف الروح النضالية الطوعية.

– تنازل الحزب على بعض مقومات هويته، مصدر شرعيته، مما شل قدراته الذاتية، وأضعف انخراط هيآته الموازية والداعمة له.

هدم الخيمة على من فيها.. ثانيا

من طبيعة التحولات المذهبية داخل الأحزاب، أنه بعد سقوط الأطروحة المجرّبة، يتحول الحزب مباشرة إلى الاطروحة المقابلة. وهو ما كان منتظرا حدوثه في حالة حزب العدالة والتنمية. أي أن يتحول من أطروحة التماهي بنوعيها، إلى أطروحة التمايز. وهو سيناريو لم تكن لتسمح به سلطة التحكم.

كما كان من المعتاد، أن سلطة التحكم بالمغرب، حينما لا تسمح بصعود تيار معين داخل أي حزب، أن تلجأ إلى السياسة الانقسامية، باستخدام ميكانيزمات الديكتاتورية الداخلية للحزب.

غير أن سلطة التحكم، وقفت لأول مرة أمام حالة حزب مقبِل على التحوّل نحو أطروحة غير مرضي عنها، فوجدت نفسها عاجزة عن تقسيمه، بسبب اعتماده المفرط على الديمقراطية الداخلية.

تلكم الديمقراطية، التي جسدها الحزبحديثا، حينما استقال أمينه العام ومعه الأمانة العامة، بشكل ذاتي، حتى قبل انقضاء أربع وعشرين ساعة من إعلان النتائج، فاسحا المجال لمطارحة البدائل المذهبية واختيارالقياداتالجديدة.

كانت سلطة التحكم، منذ البداية، تعي هذه الطبيعة، ولذلككانت “مضطرة” للجوء، ولأول مرة في تاريخ السياسة المغربية، إلى ما يمكن أن نسميه بالتقليد المغربي: “سياسة هدم الخيمة على من فيها.”. وذلك ما جسدته بالضبط نتائج 8سبتمبر. حتى إذا لم يؤد ذلك الهدم إلى تدمير الحزب تماما، فعلى الأقل سيضمن انشغاله بذاته لمدة لا تقل عن عشر سنين.

وهو أسلوب يوازي ما كان قد ذكره محمد البخاري في مذكراته، حيث أكد أن السلطات كانت حينما تعجز عن التحكم في أي قيادة نقابية أو سياسية، عن طريق صناعة ملف فساد مالي أو أخلاقي، فقد كانت تجد نفسها “مضطرة” لاغتياله.

وإذا ما أضفنا هذا العامل الخارجي، إلى عامل تضرر رصيد الحزب بأنواعه الثلاثة، فسوف تكون صورة ما حدث له يوم 8 سبتمبر واضحة تمام الوضوح.

إقرأ الجزء الموالي: تجربة العدالة والتنمية.. نهاية أطروحة ونكسة مشروع (8): نهاية متحققة وخيارات ممكنة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *