وجهة نظر

تجربة العدالة والتنمية.. نهاية أطروحة ونكسة مشروع (6): التماهي في سبيل الإنصات والإنجاز

المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية

يقدم الكاتب والإعلامي، والعضو سابقا بالمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، ماهر الملاخ، دراسة في مسار حزب المصباح  وأسباب الخسارة التي لحقته في الانتخابات التشريعية والانتخابية الجماعية والجهوية التي جرت يوم الأربعاء 8 شتنبر.

هذه الدراسة تنشرها جريدة “العمق” على حلقات.

إقرأ الجزء السابق: تجربة العدالة والتنمية.. نهاية أطروحة ونكسة مشروع (5): التماهي في سبيل الإصلاح

 

الحلقة 6:

تجربة العدالة والتنمية.. نهاية أطروحة ونكسة مشروع

العثماني: أطروحة التماهي في سبيل “الإنصات والإنجاز” (2016-2012)

 

وبتفضيله عدم الاعتراف بفشل أطروحته، ولجوئه إلى لعبة الاستقطاب الثنائي، ضيّع عبد الإله بنكيران على الحزب فرصة ذهبية للدخول إلى تجربة الولاية الثانية بأطروحة بديلة، ربما كانت ساعدت على تحجيم الآفات التي ارتكبها العثماني في الولاية التالية. إذ عقد المؤتمر الوطني الثامن سنة2017 في أجواءتقاطبية سيئة. ولم يستطع كوادر الحزب حتى صياغة أوراق نقاشية لأعمال اللجن، كما لم يخرج المؤتمر بأي أطروحة يشتغل عليها، خلال خمس سنوات قادمة. فدخل الحزب بذلك في مرحلة “فراغ الاطروحة”. وهو ما جعل ما طبع ولاية رئيس الحكومة الجديد.

أطروحة ” التماهي بالإنصات والإنجاز”

لم يكن سعد الدين العثماني محظوظا، مثل سابقه، فقد كان أمامه تحديات عديدة، وكان على رأسها ترميم البيت الداخلي للحزب، وتحسين صورته لدى الشركاء الحزبيين، والأكثر من ذلك، إصلاح العلاقة مع المحيط الملكي، ثم التعاطي مع التحديات الاقتصادية الاستثنائية، لوباء لم يشهد المغرب مثيلا له في العهد الحديث.

فقبِل العثماني بالتحالفات التي كانت سببا مباشرا في البلوكاج، دون استشارة رئيس الحكومة السابق، مع اختلاف بين الراويات بخصوص الاستشارة القبلية للأمانة العامة.. وذلك سعيا لإصلاح العلاقة بالمحيط الحزبي.

ثم فَتح أوراش الحوار الداخلي، التي لم تفلح إلا في تسكين الخلاف، والدفع بأنصار الشخصانية الكيرانية إلى الانزواء و”التفرج” على ما سينجزه العثماني.

وقَبِل بتمرير قرارات مصيرية مست فئات واسعة من الشعب، وفرطت في بعض مقومات الهوية. وتوج كل ذلك بمشهد توقيع اتفاقية التطبيع مع الكيان الصهيوني.

لقد تم استنزاف شعبية الحزب بشكل عنيف، وذلك بالتماهي مع رغبات سلطة التحكم، وتمرير إجراءات تدبيرية ما كان يجرؤ على المجازفة بتمريرها أي حزب سياسي آخر.

حقيقة، لم يكن العثماني يتبنى من قبل أطروحة التماهي، ولكن رغبته في محو آثار ما خلّفه سابقه من توتر مع المحيط الملكي والحزبي، دفعه لاعتمادها بشكل أكثر تطرفا. وذلك حينما رفع شعار: “الإنصات والإنجاز”. وكانت تلك هي الضربة المزدوجة التي منيت بها تجربته: فقد حوّل بذلك فعله الحكومي من طبيعته السياسية إلى الطبيعة التكنوقراطية، فعزف عن التواصل السياسي، وركز على المشاريع العملية، وقرر عدم مقاومة أي إكراه يعترضه في ذلك السبيل.

وبالرغم من تحقيقه لمجموعة من الإنجازات في ميادين مختلفة، إلا أنه لم يواجه تلك الحملة الإعلامية الشرسة، والتي كانت تشوش على إنجازاته، وتتصيد كل كبيرة وصغيرة من زلاته وإخفاقاته.

وهو نفس ما حصل لرفيقه الرميد، حيث نهج نفس النهج التكنوقراطي، وتعاطى مع ملفات حقوقية ذات حساسية سياسية بالغة، بمنطق تقني صرف، ومنها ملفا توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني.مما أوقعه في تنافر معرفي ذاتي، وهو صاحب الرصيد الحقوقي المحترم، دفعه لتقديم استقالته أكثر من مرة، لا على مستوى الحكومة ولا على مستوى الأمانة العامة. فانضاف ذلك الإخفاق في مجال الحقوق والحريات إلى بقية الإخفاقات الأخرى القاصمة للظهر.

لقد كانت مرحلة العثماني مجرد رد فعل عكسي لمرحلة بنكيران، فغاب الفعل السياسي وغلبت الطبيعة التكنوقراطية، كما وقع الحزب في حالة: “فراغ الأطروحة”، التي كرسها مؤتمره الثامن منذ بداية الولاية. فتضرر رصيده الشعبي والفعلي والتوقعي.

إقرأ الجزء الموالي: تجربة العدالة والتنمية.. نهاية أطروحة ونكسة مشروع (7): هدم الخيمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *