أما بعد

أما بعد .. ارحموا مغاربة يخنقهم الفقر أكثر من “كورونا”

من الخلاصة نبدأ هذه الافتتاحية: الحاجة إلى تخفيف وإلغاء جميع التدابير التي تحد من النشاط الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين، والتي فرضتها الحكومة لمواجهة انتشار فيروس “كورونا” المتحور، أضحت ماسة وضرورية ومستعجلة، خصوصا وأن التقارير اليومية لوزارة الصحة تؤكد خروج المغرب من مرحلة الخطر جراء تحسن الحالة الوبائية، مما يجعل الإجراءات المذكورة غير ذات مبرر، وذلك باعتراف صريح من بعض أعضاء اللجنة العملية المكلفة بتتبع الحالة الوبائية في المغرب.

إن المغاربة تقبلوا على مضض قرارات الإغلاق وتقليص حركية الناس في عز الصيف قبل غروب الشمس، وانصاعوا وأطاعوا أملا في أن تتحسن الحالة الوبائية وتعود الحياة إلى طبيعتها، وانخرطوا بقوة في حملة التلقيح حتى إن المراكز التي خصصتها وزارة الصحة لهذا الغرض لم تستطع مقاومة الكم الهائل من الوافدين ولم تتحمل ضغط الاكتظاظ، ولم تفلح الوزارة في تخصيص الجرعات اليومية اللازمة لجميع الوافدين على جميع المراكز… الخ.

إذن، فقليل من الرحمة حق لمن تحمل الألم والمرارة لننعم جميعا باستقرار الحالة الوبائية، والالتفات إلى المتضررين واجب على من بيده قرار الفتح ورفع الإغلاق.

فلا يعقل أن تستمر الحكومة في فرض الإغلاق الشامل على قطاعات اقتصادية تعيل الآلاف إن لم يكن الملايين من المغاربة، دون أي تعويض أو دعم من الدولة للمشغلين والمشتغلين، ولا يستقيم أن تؤكد التقارير اليومية لوزارة الصحة تحسن الحالة الوبائية وتجاوز مرحلة خطر دون أن يفكر أحد في الاختناق الذي يفرضه الفقر على مئات آلاف البيوت المغربية، ولا يحق أن تفرض الحكومة عليهم الجوع والفقر دون تعويض أو دون توضيح لسبب استمرار الإغلاق، وذلك أضعف الإيمان.

طبعا لن يكفي المجال هنا للحديث عن قطاعات مشلولة بالكامل بفعل تأثير الجائحة على العالم، وعلى رأسها السياحة والقطاعات المتقاطعة معها، ولن يكفي المجال للتذكير بتكالب الأبناك والمؤسسات المانحة للقروض على المقاولات في ظل صمت وتواطؤ الحكومة التي لم تحم حتى قرارات لجنة اليقظة، ولن تسعنا الأسطر القليلة للحديث عن قطاعات تجاوزها المد الالكتروني الذي عجلت الجائحة بانتشاره، ولن نستطيع كذلك أن نسلط الضوء على قطاعات اغتنت ومازالت تغتني في عز الأزمة وبخلت رغم أرباحها الخيالية أن تنخرط في المبادرات التضامنية، ولكن يكفنا سطران لنؤكد أن المغرب بعد تجاوزه لمرحلة الخطر الوبائي ونجح في الحد من الاكتظاظ على أجهزة التنفس الاصطناعي، فإنه مازال في حاجة ماسة ومستعجلة إلى أجهزة التنفس الاجتماعي قبل أن يصيبه الاختناق القاتل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *