وجهة نظر

حكومة التحالف الثلاثي

يبدو أن كل المعطيات والمؤشرات تدل على أن حكومة ما بعد المصباح، ستكون حاملة لبصمات تحالف ثلاثي سيقوده حزب التجمع الوطني للأحرار الذي تصدر نتائج انتخابات أعضاء مجلس النواب، إلى جانب حزب الأصالة والمعاصرة الذي حل ثانيا وحزب الاستقلال الذي حل ثالثا، وما يزكي هذا الطرح، الرغبة المشتركة التي أبداها الحزبان في المشاركة في الحكومة المقبلة، فضلا عن قرار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الانضمام إلى المعارضة، وبذلك، بات “شبه مؤكدا” أن الحكومة المرتقبة لن تخرج عن نطاق التحالف الثلاثي الذي حضرت طقوسه في تدبيـر عمليات تشكيل المجالس الجهوية والجماعية، مقابل ذلك، أخذت لوحة المعارضة في التشكل إن لم نقل تشكلت، والتي ستكون حاملة لألوان الوردة والسنبلة والكتاب والحصان، فضلا عن المصباح وباقي الأحزاب السياسية الصغيرة التي حجزت مكانا لها داخل قطار المعارضة البرلمانية.

تحالف ثلاثي واقعي ومنطقي، قياسا للنتائج النهائية التي أسفرت عنها استحقاقات ثامن شتنبـر، سيضعنا أمام حكومة ثلاثية الأضلاع عاكسة للإرادة الشعبية، تتوفر على كل الظروف التي تجعل منها حكومة موحدة ومتجانسة ومنسجمة وناجعة، مقارنة مع التجارب الحكومية السابقة الأخيرة على الأقل، كما أن حصر الأحزاب المشاركة في ثلاثة بدل أربعة أو خمسة، من شأنه أن يوحد الرؤية، ويساعد على بلورة برنامج حكومي متوافق عليه، تحضر فيه الخطوط العريضة للبرامج الانتخابية للأحزاب الثلاثة في إطار احترام الوعود والالتزامات المبرمة مع المواطنين / الناخبين، ويشكل مناخا آمنا ومطمئنا، لإعادة الثقة والأمـل وأرضية صلبة لتنزيل مختلف الأوراش التنموية، ومواجهـة مختلف التحديات الخارجية المرتبطة بالوحدة الترابية للمملكة، والمصالح العليا للوطن وقضاياه المصيرية والاستراتيجية، وقبل هـذا وذاك، يضع الأحزاب التي ستقـود القطار الحكومي عبر وزرائها، تحت مجهـر “الرقابة البرلمانية”، وخاصة “الرقابة الشعبية” التي باتت تضطلـع بأدوار حاسمة في تشكيل الخرائط الانتخابية والسياسية عبر آلية “التصويت العقابي” كما حدث مع المصباح الذي تم تجريده من الضوء والتأثيـر والإشعاع.

ولا يمكن أن نختم المقال، دون التأكيد أن الرهانات أقوى والتحديات أكبر، ولا خيار، إلا بتوفر إرادة حقيقية بشأن “ربط المسؤولية بالمحاسبة” وتفعيل آليات “محاربة الفساد” و”عدم الإفلات من العقاب”، وبهذه الأدوات أو الأسلحة، يمكن التصدي لبعض العابثين والفاسدين الذين يعمقون بـؤر اليأس، ويحرمون الوطن من فـرص النهـوض والارتقـاء والازدهـار، على أمل أن تكون “حكومة التحالف الثلاثي” في مستوى التطلعات والرهانات والتحديات، شأنها في ذلك شأن مجالس الجماعات الترابية الجديدة، التي لم تسلم عمليات تشكيلها من أورام العبث واللغط والشجار والوعد والوعيد والتهديد، فاتقوا الله في الوطن معشر المسؤولين الجدد، فبزولـة الوطن أتعبتها أيــادي العبث ولم تعد تحتمل المزيد من الحلب ، اتقــوا الله في الوطن، فيكفينا أعـداء الخارج .. لك الله يا وطــن .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *