وجهة نظر

هل ستختبىء الحكومة المقبلة وراء الظرفية الصعبة ؟

حكومة الغد تعرف كل المشاكل… نعم تعرف!

الأحزاب الثلاثة تعرف الكثير عن المشاكل الإقتصادية و الإجتماعية للبلاد. الحزب الأول يعرفها من الداخل من خلال تقلده أهم الوزارات في عهد حزب العدالة والتنمية بينما كان شريكاه في حزبي الإستقلال و الأصالة و المعاصرة في معارضة لم تر شيئا إيجابيا في عمل الحكومة السابقة. و لنا في مرافعات النواب والمستشارين التابعين لهذين الحزبين خير دليل على حدة النقد إتجاه حكومة كان فيها شريكهم و قاءد تحالفهم حزب التجمع الوطني للأحرار في مراكز ارتبطت بالقرار المالي والزراعي والصناعي والتجاري والسياحي والبنكي والتاميني وغيره من المجآلات المرتبطة بقيادة الجمعيات المهنية لارباب المقاولات.

الحالة أمامكم و كل المشاكل الهيكلية تعرفونها جيدا و رفعتم شعارات انتخابية لإنقاذ المواطن من الهشاشة و الفقر و العزلة و نقص الولوج إلى المرافق العمومية في مجال الماء و الكهرباء و الطرق و الصحة و التعليم. ووجد خطابكم صدى كبيرا رغم ما اكتوى به هذا المواطن من عدم الوفاء بالالتزامات لسنين كثيرة. تعرفون جيدا يا وزراء الغد أن أكثر من مليوني مغربي لا شغل لهم و أن أكثر من ثلث العاملين يوجدون في القطاع غير المهيكل. تعرفون أن الأطباء عددهم قليل و أن العالم القروي و الكثير من المدن تعتبر صحاري من الناحية الطبية و أن منظومة الرقابة لا تطال الغشاشين الذين يقضون يومين على الأكثر في منطقة ناءية ليتنقلوا خلسة إلى المدن الكبرى للعمل في المصحات الخاصة.

تعلمون يا وزراء الغد أن أن أسلافهم خلقوا نظاما ظالما في مجال التعليم أطلقوا عليه إسم التعاقد. وعدت احزابكم على توحيد النظام الأساسي للأساتذة و حل مشكل إجتماعي كان ضحاياه أطفالنا في مختلف ربوع الوطن. كل هذا دون أي آثار مالية تذكر. حل هذا الملف بيدكم ويكفي قرار لكي ننتهي من وضعية كانت لها آثار على الوضعية الحقوقية ببلادنا. و لعلكم تتذكرون ذلك البلطجي الجاهل الذي اعتدى على من قال فيهم الشاعر ” كاد المعلم أن يكون رسولا”.

تعملون جيدا يا وزراء الغد أن المداخيل الضريبية ضعيفة ببلادنا بالمقارنة مع مستوى ما يتحقق من أرباح و مداخيل لفءات إجتماعية قليلة العدد و كثيرة الثروات. تعرفتم خلال المناظرة الضريبية الأخيرة على حجم الظلم الذي يوجد في نظامنا الجباءي و الذي استوجب تنظيم هذه المناظرة تحت شعار تحقيق العدالة الضريبية. تعرفون حجم الغش الضريبي و الذي يضيع على الدولة ، ملايير. تمكنت الإدارة العامة للضرائب في عهد مديرها ،المستقيل لأسباب متعددة ، من كشف حقيقة عشرات الآلاف من الفواتير المغشوشة التي تبيعها مقاولات ميتة قانونيا لمقاولات تزيد في حجم تكاليفها لتنقص من مساهمتها الضريبية التي ينص عليها الدستور. الأمر يتعلق كذلك بالفوضى الكبيرة التي تعيشها إدارة و تقييم النفقات الضريبية و التي تتجاوز سنويا 30 مليار درهم. لقد ساهم دافع الضرائب في بلادنا في زيادة ثروات كثير من أصحاب المداخيل الكبيرة عبر عدة صناديق توزع التسهيلات التمويلية و لا تقيم الآثار الإقتصادية و الإجتماعية لما يدفعه المغاربة للاغنياء الكبار في كثير من المجالات. و لا أتمنى أن يسقط وزراء الغد في فخ التركيز على صندوق المقاصة و الذي صيغت حوله خرافات أخفت غابة الامتيازات التي لا زالت صامدة أمام كل إصلاح إجتماعي و سياسي.

كل المتمنيات في أن يقول وزراء الغد الحقيقة للمغاربة و أن لا يبحثون عن مبررات عدم قدرتهم على محاربة الفساد و إقتصاد الريع في مجال إستغلال خيرات البلاد و غض الطرف عن توزيع الامتيازات في مجالات النقل و استغلال المقالع و عدم إخضاع كبريات الشركات لنظام كذلك الذي يطبق على الابناك و شركات التأمين. ومن ضمن هذه الشركات تلك التي تحقق أرباحا في مجال الإتصالات و تلك التي تقوم بدور الوسيط لبيع المحروقات للمغاربة. إذا أردنا مدخولا ضريبيا يوسع الوعاء الضريبي، وجب رفع الضريبة على الشركات إلى نسبة 40% بالنسبة للشركات التي يقتصر دورها على العمليات البنكية و التأمينية و شركات تسويق المحروقات و شركات الإتصالات مع التعامل بعنف قانوني مع الشركات التي تهرب جزءا من عملياتها إلى القطاع غير المهيكل.

نرجو أن لا نسمع من حكومة الغد خطابات تعزي الفشل إلى الطقس و صعوبة المحيط الإقليمي و العالمي. و للعلم فالاقتصادات الصاعدت سجلت قوة صمود كبيرة أمام أزمة كوفيد. مناخ الأعمال يعكس بالأساس إحترام القانون و توازن المؤسسات و صرامة التعامل مع يراكم الملايير دون أن يخلق ثروات و نموا مستداما. ولقد أعذر من أنذر يا حكومة الغد حتى لا تصدق فيكم مقولة إبن خلدون عن الفساد الذي يعم التجارة و السياسة إذا اختلطتا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *