منتدى العمق

4 أكتوبر.. اليوم العالمي لقتل الحيوان

جميلة هي إنسانية الإنسان عندما تتدفق لتقرر إقامة يوم عالمي للحيوان (4 أكتوبر) ، لكن قبل لحظات من كتابة هذه الأسطر عزيزي القارئ -للأسف- و أنا أنتظر دوري بمحل لبيع الدجاج الحي قرب المارشي بخنيفرة، سأشاهد خضرة الدجايجي وقد التقط قطا صغيرا بريئا من ذيله ليرميه في السماء ببعد يقدر ب7 أمتار عنه، مسافة زمنية طويلة قطعها القط الصغير في السماء ليس مستبعدا أن تصيبه بعد السقوط بجروح بليغة بسبب هزالته ثمنا للجوع الذي جلبه إلى هذا المكان الكريه، ….

استغربت لجزاء هذه البراءة بعد أن تفرست في القط الصغير الذي مر بهدوء و نعومة بالقرب من قدماي، لأحدج ضعفه الواضح، و ضلوعه الظاهرة من صدره، و عيناه “المعمشتان” ، …. . استغرقت في شيء من التأمل بشأنه ليرحل بي التفكير الى مناحي أخرى، وإلى حقول دلالية في ذات هذا السياق، فتخاطرت العديد من الأسئلة علي وأنا المنبهر بسلوك الحيوان الناطق تجاه بني جلدته من الجنس : كيف تشعر الحيوانات و كيف نبدو لها ؟، لماذا لا يكون لها الحق في رفع دعوى ضدنا كلما انتهكت كرامتها، لماذا لا تحاكِم الحيوانات البشر ؟ وهل الوجود حكر على الإنسان وحده؟ من نحن العقلاءُ إذا لم نشعر بمن يفتقد هذا العقل، مثلما نقدر الحمقى والمجانين منا؟ …

بكل الأسى و الأسف، يجب أن نشعر بحجم الانتهاكات الوجودية التي تقع في الجانب الآخر من حياتنا الظاهرة، تلك التي لا نراها و نحن مستهلكون وجوديا في عالمنا الكريه هذا، فلا نصل بذلك الى مرتبة الانوجاد في الذات الأخرى (إنسانية كانت او حيوانية، او نباتية، او جمادا…)، وجود بئيس يحجب عنا الحياة حتى كندا لا نراها، فلا نهتم الا لوجودنا البشري (و ليس الانساني: لأن الوجود الإنساني أكثر اتساعا ورقيا بما يسمح للشعور بالحيوان ) الخاص، فكيف لنا أن نتحسس مشاعر قط صغير جائع، أو شجرة عطشانة تتهددها اليبوسة في ذلك الجبل النائي، وكيف لنا أن نتحسس شعور كلب تقتنصه بندقية الجماعة الحضرية وهو ليس مسعورا، متى سنهتم بهواء يتوسل منا نظافته لصالحنا نحن كي نعيش به، أو مياه عذبة على مشارف النضوب والانتهاء، متى سنستبطن جيدا أن الجو يزيد سخونة كل سنة، وقد تصل سخونته إلى ما فوق الخمسين درجة مئوية خلال ثلاثة عشر سنة القادمة ….

لقد أغرقنا الوضع الاستهلاكي المعاصر في ال EGO وأنسانا أن لا وجود للEGO إلا بالECO ؟ متى سنُفهِم أبناءَنا أن الوجود لن يكون مرِحاً إلا إذا أسسنا لإيكولوجيا مرحة؟ .

إن ما نعيشه ارتباطا بما حولنا من طبيعة (حيوانات كانت أو نباتا أو جمادات) ، يجعلني في كل لحظة أتذكر قولة مأثورة لمصطفى شكدالي السوسيولوجي المغربي حين قال: “حربائية الحرباء بريئة من إنسانية الإنسان”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *