خارج الحدود

مجلة أمريكية: الجزائر تحتاج استقلالا ثانيا ونظام الجنرالات لم يعد قادرا على الحكم

خصصت مجلة “فورين بوليسي” تقريرا مطولا للحديث عن النظام الجزائري المكون من الجنرالات والجواسيس والساسة المسنون الذين قالت إنهم أعاقوا تقدم الجزائر لفترة طويلة.

وتحدث تقرير المجلة الذي عنونته بـ” الجزائر تحتاج لاستقلال ثان.. هذه المرة من حكامها المسنين”، عن فترة بوتفليقة الذي حكم لمدة 20 عامًا قبل أن يطرد من السلطة بسبب الاحتجاجات الشعبية في عام 2019 ، تاركا وراءه بلدًا في حالة من الفوضى.

وأشار التقرير إلى بدايات بوتفليقة وهو في سن الـ19 وانضمامه إلى جيش التحرير الوطني الذي حارب فرنسا الاستعمارية، مشككة فيما إذا كان بوتفليقة قد أطلق بالفعل رصاصة واحدة ضد المحتلين أم لا. لكن هذه البداية المبكرة ربطته بهواري بومدين، الذي قاد القوات الخارجية لجيش التحرير في المغرب وتونس وأخذ بوتفليقة تحت قيادته.

بعد وفاة بومدين في عام 1978، يضيف التقرير كان بوتفليقة على وشك أن يصبح خليفته. لكن الجيش اختار مرشحًا آخر هو العقيد الشاذلي بن جديد. بحلول عام 1981، كان بوتفليقة قد تم ترقيته واتُهم باختلاس ملايين الدولارات خلال فترة توليه منصب وزير الخارجية التي دامت لـ16 سنة. سافر إلى الخارج لعدة سنوات، وعاش في المنفى في الإمارات العربية المتحدة وفرنسا وسويسرا، على الأرجح لتجنب العواقب المحتملة.

بعد الحرب الأهلية التي عرفتها الجزائر والتي دامت لحوالي عقد من الزمن، قال المجلة إن الجنرالات كانوا في حاجة إلى رئيس يمكنه أن يدعي الشرعية من حرب التحرير وأن يقبله الفصائل المختلفة داخل النظام الحاكم. دعوا بوتفليقة فتم انتخابه عام 1999، بعد انسحاب المرشحين المتنافسين من المنافسة وسط اتهامات بتزوير الانتخابات.

وقالت إن في عهد بوتفليقة، استُخدمت خطورة الحرب الأهلية لتذكير الجزائريين بأن الفوضى تجلب الفوضى. إلى جانب الزيادات السخية في رواتب ضباط الشرطة وغيرهم من موظفي الخدمة المدنية، والزيادات في دعم القمح والسكر والحليب، مشيرة إلى أن ذلك كان كافياً لتثبيط الاحتجاجات الضخمة في الشوارع خلال احتجاجات الربيع العربي عام 2011 التي أطاحت بالعديد من الحكام العرب.

كانت سنوات حكم بوتفليقة فترة ثراء هائل للجزائر ولكن ليس لمعظم الجزائريين. بحسب المجلة. وأضتفت أنه في أبريل 1999 ، عندما حصل بوتفليقة على الرئاسة لأول مرة، كان سعر النفط 13 دولارًا للبرميل. واستمرت الأسعار في الارتفاع لسنوات، حيث بلغت ذروتها عند 147 دولارًا للبرميل في صيف عام 2008. خلال ذلك الوقت، من المفترض أن أرباح النفط قد تم توجيهها إلى البنية التحتية. ولكن إذا سافرت إلى البلاد اليوم، فمن الصعب أن ترى أين ذهبت هذه الأموال، وفق تعبير المصدر.

وأشار التقرير إلى أنه بحلول الوقت الذي انهارت فيه أسعار النفط العالمية في عام 2014، لم يتم إصلاح أي شيء في الجزائر. إذ كان الاقتصاد لا يزال يعتمد على تصدير النفط والغاز واستيراد كل شيء آخر. تم بناء طرق سريعة جديدة ومشاريع إسكان اجتماعي. لكن الكثير منها دمر بسبب الفساد وسوء الإدارة من قبل المؤسسة العسكرية والأوليغارشية التي نشأت خلال سنوات بوتفليقة.

وقالت المجلة الامريكية إن حكم بوتفليقة “الكئيب” شكل الضربة القاضية لبذرة الشرعية التي يدعيها النظام الجزائري الغامض. مشيرة إلى أنه منذ سقوط بوتفليقة قبل عامين، لم يتمكن حكام البلاد من إعادة ترسيخ فكرة الاستقرار التي اعتمدوا عليها لتقوية النظام لعقود.

وأضافت “فورين بوليسي” أن عدم موافقة النظام على خطة تغيير الرئيس المريض ومحاولة فرض ولاية خامسة لبوتفليقة على الجزائريين وإبقاء الأمور على ما هي عليه دفعت ملايين الشباب الذين لم يعيشوا الحرب الأهلية في التسعينيات إلى النزول إلى الشارع، وبالتالي فقد كانوا محصنين ضد ادعاء النظام بأن الاستقرار الاستبدادي هو أفضل ما يمكن أن تأمله الجزائر.

وأضافت انه على الرغم من أن نزول الشباب إلى الشوارع كان في البداية ضد ولاية خامسة لبوتفليقة، إلا أنهم عبر بعد ذلك عن رفضهم للاستبداد العسكري الذي حكم البلاد منذ الاستقلال.

ولفت التقرير إلى انه مع إبعاد بوتفليقة عن الطريق، واصل متظاهرو الحراك مسيرتهم الاحتجاجية بشكل أسبوعي، وكانوا يعلمون أن الرئيس كان مجرد جزء من نظام أكبر وطالبوا بانتخابات جمعية تأسيسية لإصلاح النظام الحاكم، وليس رئيسًا آخر يتم اختياره خلف الأبواب المغلقة.

وقالت إنه بعد استمرار المأزق السياسي لشهور، فرض الجنرالات انتخابات رئاسية جديدة في أواخر عام 2019. وعلى الرغم من قلة الإقبال، فقد أعادوا إحياء شخصية أخرى في النظام لملء منصب الرئيس، والتي لم تكن سوى عبد المجيد تبون ، الذي كان آنذاك 74 عامًا ، وكان رئيسًا للوزراء. وزير في عهد بوتفليقة.

وقالت إن نظام الجنرالات لم يعد قادرا على حكم الجزائر من وراء الستائر، فاعتمد على كتاب قواعد لعب مألوف المتمثلة في وصف المعارضة السياسية بأنها مؤامرة لزعزعة استقرار البلاد. وألقت باللوم على المغرب في موجة حرائق الصيف التي أودت بحياة العشرات ودمرت مناطق واسعة في منطقة القبائل ذات الأغلبية البربرية. واعتقال الصحفيين والنشطاء والمتظاهرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *