وجهة نظر

جواز الجدل

بعد أقل من ثلاثة أيام من دخول قرار فرض إلزامية جواز التلقيح حيز التنفيذ، كانت إحدى المقاهي مسرحا لحالة عنف تعرض لها نادل مقهى من قبل زبـون لم يستوعب أو يتقبل أن تتم مطالبته بالإدلاء بجواز تلقيحه، من قبل النادل المغلوب على أمره، الذي كان أول ضحايا قرار حكومي، لازال يحرك أوثار اللغط والقلق والجدل والارتباك، لأسباب تقاطع فيها الدستوري بالقانوني والحقوقي بالسياسي والصحي بالاجتماعي والاقتصادي.

واقعة الاعتداء على نادل المقهى إن دلت على شيء، فإنما تدل على أن قرار فرض إلزامية جواز التلقيح، جاء معيبا لما شابه من تسرع غير محسوب العواقب، حال دون وضعه تحت المجهر الدستوري والقانوني والحقوقي والصحي والاجتماعي والاقتصادي، بالشكل الذي يسمح بتنزيله في أجواء من التوافق والقبول والارتياح والسلاسة، بعيدا عن جدل، نحن في غنى عنه، في ظل ظرفية وبائية تقتضي المزيد من الحذر والتعبئة الفردية والجماعية، وفي سياق لحظة سياسية، مرتبطة بسياق تنصيب الحكومة الجديدة، كان يفترض أن تحضر فيها مفردات الثقة والأمل والمصداقية والتغيير وترقب الوفاء بالعهود والالتزامات.

وإذا ما تركنا جانبا، ما أثاره القرار الحكومي من أسئلة دستورية وقانونية وحقوقية، تبقى الأسئلة مطروحة بخصوص سبل الأجرأة والتنزيل على أرض الواقع، بعدما ألقت الحكومة بشكل مفاجئ، الكرة في مرمى عدد من الأطراف كالإدارات العمومية والشبه عمومية والخاصة والأسواق الممتازة ، والفنادق والمطاعم والمقاهي والحمامات وقاعات الرياضة وغير ذلك من الفضاءات العامة المغلقة، وهذه الجهات وغيرها، وجدت نفسها في صلب وضعية مشكلة تفرض تطبيق إجراءات قانونية دون أن تكون مؤهلة للقيام بذلك من زاوية القانون، وفي ذات الآن الحفاظ على علاقات متوازنة مع الزبناء، ونخص بالذكر الفنادق والمطاعم والمقاهي والحمامات وقاعات الرياضة.

وتوضيحا للصورة، فرب المقهـى مثلا، أو النادل أو مستخدم في حمام أو فندق أوقاعة رياضية، ليست له الأهلية القانونية، ليطالب الزبناء بالإدلاء بجواز التلقيح أو البطاقة الوطنية، لما لذلك من مساس بالمعطيات ذات الطابع الشخصي، ومن تضييق على حرية الزبناء وراحتهم، دون إغفال ما يمكن أن تسبب فيه عمليات المطالبة بجوازات التلقيح، من ملاسنات ومشاحنات ومشادات كلامية مع بعض الزبنــاء المصابين بفيروس العناد والعجرفة، قد تتحول إلى ممارسة العنف، كما حدث مع نادل المقهى الذي حاول تطبيق الإجراء بشكل حرفي، فكان مصيره العنف والإهانة والتحقير، وفي ظل هذه الظروف الموضوعية، نــرى أنه من الصعب التنزيل الأمثل لقرار فرض إلزامية جوازات التلقيح، خاصة على مستوى بعض القطاعات التي تضررت دون غيرها بسبب الجائحة كما هو الشأن بالنسبة للمطاعم والمقاهي والحمامات، وربما ليست مستعدة نفسيا وماديا، للدخول في أية مشاكل هي في غنى عنها، مع زبنائها خاصة الاعتياديين منهم، وهو ما تبين لنا من خلال إقبالنا على عدد من المقاهي والأسواق والمحلات التجارية، حيث لا شيء يوحي بوجود قرار حكومي يقضي بفرض إلزامية جواز التلقيح، بل ولا شئ يعطي الانطباع أن هناك إجراءات وقائية واحترازية معتمدة.

ونحن ندلي بهذه الصور على سبيل المثال لا الحصر، نرى أن القرار الحكومي، جاء متسرعا، ولم يستحضر الواقع والعقليات والنفسيات والإكراهات الموضوعية ذات الصلة بالأجرأة والتنزيل، وكان يفترض المرور من مرحلة انتقالية قصيرة قبل الشروع في التنزيل الفعلي، يتم الرهان فيها على الجانب التواصلي والتوعوي والتحسيسي، بالموازاة، مع تهيئة كل الشروط القانونية والواقعية، التي من شأنها الإسهام في التنزيل الأمثل للخطة الاحترازية الجديدة التي يعد “جواز التلقيح” خيطها الناظم، وفي ذات الآن منح مهلة كافية وميسرة أمام غير الملحقين من المترددين والمشككين، تتيح لهم فرص الإقبال على حملة التطعيم، لتفادي مشاهد الارتباك والفوضى على مستوى مراكز التطعيم، خاصة وأن الوضعية الوبائية مريحة جدا، ولا تدعو إلى القلق أو الخوف أو الاستعجال.

وبدون شك، نتصور أن تكون هناك مسافة فاصلة بين النظري والتطبيقي، لأن الإشكال ليس فيما أعلنت عنه الحكومة من قرارات احترازية جديدة في أفق بلوغ المناعة الجماعية التي قد تستعجل العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية، بل في مدى القدرة على الالتزام بها أولا، والحرص على تنزيلها وأجرأتها على أرض الواقــع ثانيا، وبصيغة أخــرى، فالعبرة ليست في القانون مهما كان ضعفه أو قوته ومتانته، بل في احترامه والانضباط لقواعده ومقتضياته، وما يؤسف له، أننا مجتمع لازالت تحضر فيه صور العبث والتهور، وتتواضع فيه مشاهد الانضباط والالتزام واحترام سلطة القانــون، ومهما كنا متفقين مع القرار الحكومي أو معارضين له، فيفترض أن يتم القبول به والالتزام به، كما يفترض أن تسري مقتضياته على جميـع المواطنين بدون استثناء، وأن يطبق بدون تمييز أو انتقاء أو محاباة، من منطلق المواطنة والالتزام بالقانون، ومن باب تحمل المسؤوليات الفردية والجماعية في حماية الصحة العامة التي تبقى مسؤولية دولة كما هي مسؤولية مواطنين.

وفي جميع الحالات، فبين النظري والتطبيقي، نحمل كغيرنا من المواطنين حزمة من الأسئلة المشروعة، من قبيل ما الدافع الذي جعل الحكومة تستعجل فرض الجواز التلقيحي والمرور إلى السرعة القصوى فيما يتعلق بحملة التلقيح، رغم أن الوضعية الوبائية مطمئنة ولا تدعو إلى الاستعجال ؟ ما التداعيات الصحية الآنية والمستقبلية للقاحات المعتمدة ؟ ما حقيقة اللجــوء إلى “الحقنة الثالثة” التي لم تكن مطروحة في بداية الحملة الوطنية للتلقيح ؟ وما تأثير هذه الحقنة الثالثة على الصحة، خاصة إذا كانت غير مماثلة للجرعتين الأولى والثانية ؟ ما حقيقة الجدل الذي يحــوم حول لقاح فايزر وما صلته بمضاعفات القلب ؟ ما تداعيات التطعيم على صحة الأطفال الصغـار، خاصة وأن هذه الفئة لم تكن مبرمجة في إطار البروتوكولات الصحية المعتمدة عبر دول العالم ؟ما حقيقة الادعاءات التي تخرج هنا وهناك المشككة في اللقاحات ومخاطرها على صحة الإنسـان، خاصة وأن بعضها صادر عن أطباء من أهل الدار على علم بخبايا الأمــور ؟ ما الجدوى من استعمال الكمامات بعد العودة إلى الحياة شبه الطبيعية؟ وما آثارها على الصحة ؟ ما مسؤولية الدولة فيما قد يتعرض له المواطن الملقح من تداعيات ومضاعفات صحية بسبب الخضــوع إلى التلقيح ؟من يتحكم في القرارات الصحية العالمية ذات الصلة بحملات التلقيح ؟ وما الأدوار التي تضطلع بها اللجنة العلمية والتقنية الوطنية، في إطار الحرص على الصحة العامة والحفاظ على السلامة الصحية للمواطنات والمواطنين ؟ وإلى أي حد تستطيع الدولة/الحكومة اقتحام خلوة الحقوق والحريات تحت يافطة قانون الطوارئ الصحية، وفي ظل مسؤوليتها في حماية الصحة العامة ؟ وإلى أي مدى يمكن التوفيق بين حق الفرد في حماية صحته الخاصة وبين واجب الدولة في حماية الصحة العامة ؟وإلى حد يمكن أن يصمد الحق الأول أمام الواجب الثاني؟ وما مصير بعض الفئات التي تعاني من مشاكل صحية، يتعذر معها الخضوع إلى التلقيح، في ظل فرض إلزامية جواز التلقيح كوثيقة رسمية تسمح بالتنقل والسفر وولوج الإدارات ومختلف الفضاءات العامة ؟

أسئلة من ضمن أخرى تسائل حق المواطن في الحصول على المعلومة الصحية والوبائية، كما تسائل الأجهزة الوطنية المعنية بصناعة القرار الصحي، التي لابد لها أن ترفع من منسوب التواصل وجرعات الإخبار، لتقديم المعلومة الصحيحة والإجابة عن التساؤلات المشروعة للمواطنات والمواطنين، والرد على بعض الأصوات المشككة بالحجة والبرهان العلمي، وإذا كنا لا نختلف في أهمية الحرص على الصحة العامة، فلابد بالموازاة مع ذلك، أن نحرص على صحة وسلامة المواطنين ونمدهم بالمعلومات الصحية الضرورية المرغوب فيها، والتي من شأنها الطمأنة وتذويب جليد التردد والتشكيك، وخلق مناخ من الثقة والشفافية والوضــوح، لأن الصحة العامة في جميع الأحوال هي جزء لا يتجزأ من صحة المواطنين، أما طرح القرارات الصحية بشكل فجائي، ودون أن تراعى فيها الجوانب القانونية والواقعية والنفسية، فلن يكون إلا محركا لعجلات الرفض والقلق والتوجس والتبخيس والتشكيك، ومبـررا مشروعا بالنسبة للبعض، للتعامل مع هذه القرارات بنوع من الاستخفاف واللامبالاة وعدم الالتــزام، وفرصة بالنسبة للبعض الآخر، من أجل الركوب على الموجة، وحسن استثمارها لأغراض سياسية خالصة.

ندرك أن الحكومة الجديدة، التي تحملت إرث الحكومة السابقة خاصة في بعده الصحي والوبائي، كان لها أن تتحرك في اتجاه تخفيف القيود، بعدما باتت الوضعية الوبائية أكثـر اطمئنانا أكثر من أي وقت مضى، فكان الرهان على اعتماد جواز التلقيح كوثيقة رسمية للتنقل والسفر وولوج مختلف الإدارات والمؤسسات والفضاءات العامة، على غرار ما قامت به مجموعة من الدول عبر العالم ومن بينها الدولة العربية الجارة “تونس” التي لجأت إلى نفــس الإجراء الاحترازي، وحتى نكون واقعيين ومنصفين، فهذا الخيار كان ضروريا لاعتبارين اثنيــن : أولهما: الرغبة في الرفع من إيقاع الحملة الوطنية للتطعيم بعدما تبين أن هناك فئات من المواطنين لم تنخرط في حملة التلقيح بسبب التردد أو التشكيك، مما عاق ويعيق عملية الوصول إلى المناعة الجماعية، وثانيها: أن جواز التلقيح أو الجواز الصحي بات معمولا به في عدد من البلدان ، وكان من الضروري الانخراط في المنظومة الاحترازية والوقائية العالمية، وما نحتاجه اليوم، المزيد من التواصل والتوعية والتحسيس، ووضع المعلومة الصحية والوبائية الصحيحة تحت تصـرف الرأي العام الوطني، من باب الشفافية والوضوح والمسؤولية، لكبح جماح التبخيس والتشكيك، في أفـق أن تحقق حملة التطعيم الأهداف المرسومة لها، بالشكل الذي يسمح بالمرور الآمن إلى الحياة الطبيعية.

وحتى نضع الصورة في حجمها الحقيقي، فما هو مؤكد أن فئـة المغاربة الذين أقبلوا على أخذ الجرعات بكل حرية وجاهزية واستعداد، تفـوق بكثير فئة المترددين والمشككين، بدليل أن المغرب بات نموذجا في محيطه الإفريقي والعربي في تدبير الحملة الوطنية للتلقيح، بل ومن الدول التي تتجه بخطوات رصينة في اتجاه كسب معركة التطعيم وتحقيق المناعة الجماعية لساكنتها، والمرحلة تحتاج فقط إلى التواصل والإنصات والإخبار، كما تحتاج إلى الصبر من جانب المواطنين، واستحضار مسؤولية الدولة في حماية الصحة العامة، خاصة في ظل ارتفاع الإصابات المؤكدة في عدد من بلدان الجوار الأوربي، واستيعاب أن منظومة احترازية آخذة في التشكل عبر العالم، تمنح للدول صلاحيات واسعة في اتخاذ ما تراه مناسبا من التدابير والإجراءات حرصا على حماية الصحة العامة لسكانها، والمغرب لن يخرج عن هذه القاعـدة، بدليل أن جواز التلقيح أو الجواز الصحي، بات معتمدا في مجموعة من الدول ومنها دول الجـوار الأوربي التي نرتبط معها في إطار شراكة اقتصادية واستراتيجية متعددة الزوايا، في انتظار “الانفراج الوبائي” عبر العالم، الذي ستتحقق معه “العودة الميمونة” إلى الحياة الطبيعية وما يرتبط بها من حقوق وحريات.

ونحذر في خاتمة المقال، من أن يتحول “جواز التلقيح” بالنسبة إلى بعض الفعاليات السياسية والحقوقية، إلى فرصة للركوب على الموجة، بالظهور مظهر المناضل الشرس والمعارض العنيد، لأن صحة المغاربة فوق كل الاعتبارات، ولايمكن قطعا أن تتحول إلى أداة للمساومة والضغط وتصفية الحسابات والابتزاز السياسي الرخيص، كما لا يمكن أن تكون مبررا بالنسبة للدولة/الحكومة لانتهاك الحقوق والحريات والمساس بالاختيارات، وفي هذا الإطار، نوجه رسالة إلى من يستهويه النضال ، مفادها أن المعارك النضالية الحقيقية، لابد أن تحضر صورها في النضال المواطن والمستدام، ضد الفقر والبؤس والأمية وانعدام المساواة والعدالة الاجتماعية، وأن تحضر مشاهدها في الترافع من أجل تعليم عصري عادل وناجع ومنصف ومحفز، ومنظومة صحية متينة خادمة للمواطنات والمواطنين، وحماية اجتماعية حقيقية تضع جميع المغاربة في صلب الكرامة والحماية الاجتماعية، وباختصار، فمعارك اليوم، مرتبطة بالأساس بمحاربة كل أشكال العبث والفساد والريع، وبالانخراط الإيجابي والمسؤول في كسب رهانات التنمية الشاملة، والإسهام في تشكيل جبهة داخلية قوية ومتينة، تسمح بمواجهة مختلف التحديات الخارجية.

وقبل الختم، نعتقد أن المغاربة أو على الأقل شريحة واسعة منهم، غير معنية بالجدل الذي حام ويحوم حول جواز التلقيح، لكنها معنية بلقمة العيش وفاتورة الماء والكهرباء ومصاريف تمدرس الأبناء، وتسديد القروض وأداء سومة الكراء وشراء الدواء وحرية التنقل والسفر، وبالنسبة للفعاليات السياسية والحقوقية التي خرجت للاحتجاج في شوارع الرباط رفضا للتلقيح، نقول من حقكم الاحتجاج والتعبير عن مواقفكم من باب الديمقراطية واحترام حريـة الرأي والتعبير، لكن، أين كنتم لما فرض الإصلاح البئيس للتقاعد؟ أين كنتم لما تم تنزيل “آلية التعاقد” سنة 2016 في قطاع حيوي واستراتيجي كالتعليم ؟ أين كنتم عندما كانت المدرسة العمومية ولازالت تعيش على وقع الاحتجاج والاحتقان ؟ أين كنتم لما كان المواطن المغلوب على أمره ولا يزال ، يجد صعوبات في الولوج إلى الخدمة الصحية ويشكو من ارتفاع الأسعار ويعاني من الفقر والبؤس؟ أين كنتم، لما كان المدرسون يتذوقون حلاوة “الطونفا” في شوارع الرباط ؟ أين أنتم ومجموعة من المغاربة يعيشون في أحياء القصدير تحت قسوة الطبيعة ؟ أين أنتم في ظل امتداد ظواهر اجتماعية وتربوية مقلقة كالتسول وأطفال الشوارع والأطفال المتخلى عنهم والمتشردين والأمهات العازبات وأطفال الشوارع وجنوح الأحداث وجرائم الاختطاف والقتل والهدر المدرسي والجامعي ؟ أين كنتم وأين أنتم – معشر المناضلات والمناضلين – من هذا الواقع المؤسف عليه ؟ لا نسلبكم جميعا، الحق في الاحتجاج، ولايمكن أن نطالب قطعا بخضوعكم الجبري للقـاح، ولا حرمانكم من الحق في اللجوء إلى القضـاء في مواجهة القرار الحكومي، لكن نؤكد لكم ولكن، أن النضال هو جزء لايتجزأ، فإما أن تناضلوا من أجل حياة المغاربة بكل أبعادها ومستوياتها، وإلا فنضالكم واحتجاجكم، لا مذاق فيه ولا رائحة، وعموما نؤكد مجددا أن الحكومة – عبر اللجنة العلمية والتقنية – مدعوة إلى التواصل مع الرأي العام في إطار الحق في المعلومة، ومحاولة إقناع المغاربة بما أقدمت عليه من إجراءات وتدابير احترازية خاصة فيما يتعلق بإلزامية الجواز التلقيحي المثيـر للجدل، إذ، من غير المقبول أن ترتفع الأصوات الرافضة والمنددة هنا وهناك، دون أن تتحرك الحكومة من أجل التواصل والطمأنة والإقنــاع، وفي الختام، إذا كان من دعاء، فلا مناص أمامنا في هذه الأزمة الوبائية العالمية، إلا أن نتضرع إلى الخالق جل علاه، في أن يزيـل عنا هم الوبـاء، وأن يشملنا بموفور الصحة والعافية والهناء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *