وجهة نظر

دواعي ضرورة اعتماد شعبة القانون في منظومة التعليم

تلقى العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما طلبة شعبة القانون بترحاب وتأييد شديدين، سؤال أحد أعضاء مجلس النواب الموجه لوزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، بشأن اعتماد شعبة القانون في سلك البكالوريا، واستهل عضو مجلس النواب سؤاله بقوله أن التعليم الثانوي التأهيلي يكتسي أهمية بالغة في المسار الدراسي للمتعلمين والمتعلمات، وذلك بوصفه مرحلة التخصص، الأمر الذي يرهن حياتهم الدراسية والمهنية، ومن منطلق أن المرحلة الثانوية تمنح للتلاميذ والتلميذات المهارات والكفايات الضرورية بما يؤطر تصورهم للحياة والمستقبل، كما عزز العضو المذكور سؤاله بكون أن المهن القانونية والقضائية بمختلف فروعها، باتت تستوعب أعدادا هائلة من خريجي الجامعات، فإن اعتماد شعبة القانون في سلك البكالوريا سوف يساهم في تنويع العرض التربوي، الأمر الذي من شأنه أن يفتح أمام التلاميذ والطلبة آفاقا دراسية واسعة، ويساهم في تكوينهم تكوينا متينا، بما ينسجم ومتطلبات سوق الشغل.

وإذ نحيي العضو المذكور على حيويته واهتمامه بهذا المطلب المهم، فإننا أبينا إلا أن نعززه بالاعتبارات التي تدعو إلى ضرورة اعتماد شعبة القانون في منظومة التعليم عموما دون استثناء أي سلك، وهذه الاعتبارات تتمثل فيما يلي:

أولا: علاقة المتعلم بالقانون في ضوء دستور المملكة:

جاء في الفصل 06 من الدستور ما يلي: القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له. كما نص الفصل 37 كذلك أن: على جميع المواطنات والمواطنين احترام الدستور والتقيد بالقانون. ويتعين عليهم ممارسة الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور بروح المسؤولية والمواطنة الملتزمة، التي تتلازم فيها ممارسة الحقوق بالنهوض بأداء الواجبات.

وعلى ضوء الفصلين المذكورين، يمكن القول، أن المتعلم، يعد عضوا أساسيا من أعضاء الأمة، وقد يكون المتعلم بالغا سن الرشد مما يؤهله لاكتساب الحق في التصويت والحق في الترشح للوظائف الانتخابية وهذين الحقين يعتبران مدخلين للتعبير عن إرادة الامة، كما أن المتعلم يعد كذلك مواطنا، وإذ يقع عليه بمقتضى الفصل 37 أعلاه واجب احترام الدستور والتقيد بالقانون، والوعي بالحقوق والواجبات؛ فهذا يقتضي أن تضمن له الدولة الحق في تعليم يشمل شقا قانونيا في جميع المستويات الدراسية.

ثانيا: دراسة المتعلم للقانون بوابة أساسية لاكتساب السلوك المدني:

يعد مصطلح السلوك المدني مصطلحا حديث النشأة في تشريعنا المغربي، وأول قانون نص عليه صراحة هو القانون الاطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، حيث عرف السلوك المدني في المادة 02 منه بكونه: التشبث بالثوابت الدستورية للبلاد، في احترام تام لرموزها وقيمها الحضارية المنفتحة، والتمسك بالهوية بشتى روافدها، والاعتزاز بالانتماء للأمة، وإدراك الواجبات والحقوق، والتحلي بفضيلة الاجتهاد المثمر وروح المبادرة، والوعي بالالتزامات الوطنية، وبالمسؤوليات تجاه الذات والأسرة والمجتمع، والتشبع بقيم التسامح والتضامن والتعايش.

إن ما يستوقفنا ونحن نتمعن في قراءة المادة 02 أعلاه هو أنها تطرقت لمسائل يعد القانون هو أساسها المرجعي، من قبيل: الثوابت الدستورية، وهي الثوابت المنصوص عليها في الفقرة ما قبل الأخيرة من الفصل الأول من الدستور: إذ جاء فيها: تستند الأمة في حياتها العامة على ثوابت جامعة، تتمثل في الدين الإسلامي السمح، والوحدة الوطنية متعددة الروافد، والملكية الدستورية، والاختيار الديمقراطي. 

ومن المصطلحات التي أتت بها المادة 02 من القانون 51.17 والتي لها صلة بالقانون، مصطلح: الهوية بشتى روافدها، فلقد أعطى تصدير دستور المملكة لمسألة الهوية مكانة متميزة إذ جاء فيه: كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوإ الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها، وذلك في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء. كما جعل المشرع الدستوري من حقوق المواطن: الحق في التنشئة على التشبث بالهوية المغربية، والثوابت الوطنية الراسخة؛ وجعل الدستور كذلك اللغتين العربية والأمازيغية لغتان رسميتان وهذا بصريح الفصل 05.

كما أن إدراك المتعلم للواجبات والحقوق والوعي بالالتزامات الوطنية وبالمسؤوليات تجاه الأسرة والمجتمع لن يتأتى بدون أن تكون للمتعلم ثقافة قانونية وعلم بأبجديات القانون، وكل هذه مبررات كافية لاعتماد القانون كمادة حيوية في جميع المستويات التعليمية.

*نورالدين مصلوحي، عدل بمدينة خنيفرة، وخريج ماستر القانون والممارسة القضائية بالرباط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *