وجهة نظر

رمطان لعمامرة وديبلوماسية الذهاب بعيدا نحو القاع..

قرأت، قبل قليل، البيان الذي أصدرته اليوم، وزارة الخارجية في الدولة التي تقول عن نفسها أنها لا علاقة لها بملف الصحراء المغربية، و أنها ليست طرفا فيه. و هو بيان يحمل تفاعل الجزائر مع القرار الأممي الجديد بشأن الصحراء المغربية. طبعا، لن أتناول مضمونه الركيك لما فيه من عبث، لم يحلني على منطق التفكير الديبلوماسي الموضوعي، بقدر ما عاد بذاكرتي إلى صور صولات علال القادوس، و هو يدخل برأسه تحت المياه غير الصالحة للشرب.

و في الغالب، قد يكون السبب هو إحساسي بأن “الشقيق” رمطان العمامرة، قد ذهب بعيدا جدا في اتجاه القاع، عبر إصدار بيان يعكس خيبة أمل كبيرة سببتها الانتكاسة التي حملها القرار الأممي الأخير للدولة الجارة، و الموقف الروسي الإيجابي بالامتناع عن التصويت. و كل الخوف هو أن لا ينتبه الرجل الثالث في سلم الكيد لبلادنا داخل الدولة الجزائرية، أن مرحلته قد انتهت مع هذا الفشل، و أكيد لن يجد في القاع سوى “بالوعة”، نسميها بالدارجة “القادوس”، مهمتها تصريف المياه العادمة.

لذلك، كنت أتمنى أن يتحلى بقيم الديبلوماسية الحقة، و يتوقف عما هو بصدده من مسار انحدار قيمي، يسير به إلى بالوعة كبيرة ستأخذه بعيدا عن منصبه و عن نظرات الإعلاميين الذين كانوا ينحنون لمناولته الميكروفونات وأخذ تصريحاته، ظنا منهم، و بعض الظن إثم كبير، أن لدى الرجل شيء مفيد يمكن أن يقوله.

سأراقب الوضع و أتابع مستجداته، و كلي أمل بأن لا يصل الرجل إلى “القادوس”، و إلا ستفقد البشرية أحد أكثر وزراء الخارجية، في القرن الواحد والعشرين، مراكمة للفشل و الخيبات. و في هذا السياق، لن أكشف سرا إذا قلت أن في “كواليس” صالونات النخبة، في بلد ال 5.630.000 شهيد، بدأت تطرح تساؤلات ملحة حول طبيعة القيمة المضافة التي قدمها “المجاهد” رمطان العمامرة، منذ تعيينه وزيرا للخارجية. و يتسائل المتتبعون عن جدوى استمراره و هو الذي راكم الفشل في كل جولات التحريض التي قادها ضد عدوه “المروك”، و لم تعد تلتفت إليه و إلى رئيسه، لا الصين و لا الهند و لا نيجيريا و لا إثيوبيا و لا إسبانيا. بل، أول أمس تلقت شباكه هدفا روسيا رائعا، و قريبا ستفاجئه جنوب إفريقيا باصطفافها في دائرة الفعل الديبلوماسي المسؤول لتحقيق التنمية و تعزيز التعاون و خدمة مصالح شعوب القارة، بعد انجلاء الغشاوة عن الذاكرة السياسية هناك، و استحضار الأيادي البيضاء للمملكة المغربية في قضية دعم نضال الشعب الجنوب إفريقي ضد نظام الأبارتايد العنصري.

لذلك، أتوقع أن يتم، قريبا جدا، “تدوير Recyclage” وزير الخارجية الجزائري مرة أخرى. لكن، هذه المرة في اتجاه السحب الكلي من التداول في مناصب المسؤولية. و البحث جار عن اسم جديد، يكون أقل شيخوخة، و أكثر قدرة على بيع “القرد و الضحك على من يشتريه”، و أكثر قدرة على إقناع من بقي من أنظمة سياسية لا تزال تحن إلى ديبلوماسية الستينيات والسبعينيات، عبر ديبلوماسية الكذب و تزوير التاريخ.

كل التضامن مع “الشقيق” رمطان، في رحلته و هو ذاهب بعيدا جدا نحو القاع و من تم نحو “التدوير”. و لو أنني لم أكن أعتقد، أو أتمنى يوما، أن يمتد “التدوير”، باعتباره خاصا بمجال البيئة و التنمية المستدامة، إلى رجل مشكلته هي أنه لم يرغب يوما في ممارسة الديبلوماسية بإيجابية، و اختار امتهان التدليس و البهتان، و نشر العداوة و البغضاء، و هدر الزمن التنموي لبلدين جارين و شعبين شقيقين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *