مجتمع

في ذكرى الثورة الجزائرية.. المغاربة ضحايا الطرد التعسفي يطالبون النظام الجزائري باعتذار رسمي

جدد المغاربة ضحايا الترحيل التعسفي الجماعي من الجزائر، مطالبتهم للنظام الجزائري بتسوية قضيتهم الحقوقية والإنسانية، والعمل على إنصافهم وجبر ضررهم المادي والمعنوي، مع تقديم اعتذار رسمي للدولة المغربية ولهذه الفئة من المغاربة الذين طُردوا تعسفيا من منازلهم وممتلكاتهم سنة 1975.

وقالت جمعية الدفاع عن المغاربة ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر، إن تخليد الشعب الجزائري للذكرى 67 لثورة فاتح نونبر 1954، فرصة للتذكير بملف المغاربة ضحايا الطرد التعسفي الجماعي من الجزائر، وإبراز تضحيات آبائهم وأجدادهم بأرواحهم وممتلكاتهم ضمن حرب التحرير الجزائرية.

وهنأت الجمعية في بلاغ لها، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، الشعب الجزائري بذكرى الثورة الجزائرية، مشيرة إلى ما تربطه مع المغرب من أواصر الدم والدين واللغة والتقاليد.

وأوضحت الهيئة ذاتها أن المغاربة ضحايا الترحيل التعسفي كانوا مستقرين بطريقة شرعية وقانونية فوق التراب الجزائري منذ عقود وقبل استقلال الجزائر، وكانوا يعتبرونها بلدهم لأنهم ولدوا وترعرعوا فيها وساهموا في تحريرها واستقلالها وتنميتها الاقتصادية بكل ما أوتوا من عزيمة وقوة، إيمانا وقناعة منهم بالمصير المشترك لوحدة الشعوب العربية.

وأضاف البلاغ أنه “إذا كانت الجزائر قد قدمت مليونا ونصف المليون شهيد في سبيل تحريرها من الاستعمار، فإن عددا كبيرا يقدر بالآلاف من الشهداء المغاربة، خاصة منهم الجالية المغربية التي كانت مستقرة بالجزائر والتي شاركت بكثافة في صفوف جيش التحرير الجزائري والمنظمة المدنية، قامت بدور فعال في تقديم الدعم المادي والمعنوي مدعومة من الجهات الرسمية بالمغرب وقتها، لذلك لم يكن غريبا أن يحتضن الشعب المغربي الثورة الجزائرية وأن يقدم لها مراكز للتدريب والإيواء في كل من وجدة والناضور وبركان”.

وذكرت الجمعية بأن قيادة الثورة الجزائرية كانت تتسلم شحنات السلاح والتموين في عدة أماكن ومرافئ سرية بعيدة عن أعين المستعمر، ما عرض الجالية المغربية بالجزائر إلى حملات انتقامية من طرف جيش الاحتلال الفرنسي، حيث كان ينكل بالرعايا المغاربة ويقتل البعض منهم بدون محاكمة، كما أن جنود المحتل الفرنسي عمدوا إلى حرق مساكن المغاربة ومحاصيلهم الزراعية.

وفي هذا الصدد، أشار المصدر ذاته إلى أن وزارة المجاهدين الجزائرية تتوفر على لوائح أبناء الشهداء والأرامل ولوائح المجاهدين المسجلين في السجلات المنظمة المدنية، وهو دليل على تقديمهم لتضحيات جسام لهذا البلد الشقيق الجار.

كما أن هناك العديد من المغاربة دافعوا بكل قوة وعزم جنبا إلى جنب مع الجزائريين واستشهدوا معا في سبيل استقلال الجزائر ووحدة أراضيها وليس الأراضي الموروثة عن المستعمر الفرنسي التي اقتطع أجزاء من أراضي دول الجوار وضمها إلى الأراضي الجزائرية والتي مع الأسف يتبناها النظام الجزائري الحالي، يضيف البلاغ.

وصمة عار في جبين الجزائر

حميد العاطي الله، رئيس جمعية الدفاع عن المغاربة ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر، قال في اتصال لجريدة “العمق”، إن والدته التي وُلدت بالجزائر، استشهد 5 من أفراد عائلتها المغاربة في الثورة الجزائرية، منهم شقيقها محمد زناسني الذي كان مجاهدا شرسا وتم القبض عليه من طرف المستعمر الفرنسي وأجبروه على حفر قبره بيده، وبعدها رموا عليه الرصاص ومرت من فوقه جرافة بعد أن رمت عليه التراب.

العاطي الله الذي تم ترحيله رفقة أسرته سنة 1975 إلى المغرب، وهو لا يتجاوز 5 سنوات حينها، أوضح أن هناك آلاف من قصص المغاربة المشابه لخاله محمد زناسني، أغلبهم تُجهل مقابرهم، لافتا إلى أنه بعد استقلال الجزائر، ساهمت الجالية المغربية المقيمة بالجزائر آنذاك بشكل كبير وفعال في تنمية وبناء دولة الجزائر الحديثة وإرساء هياكلها الاقتصادية.

وتابع قوله: “النظام الجزائري خير ما جاز به هؤلاء المغاربة جزاء السنمار، لم تشفع لهم تلك التضحيات التي قدموها لتحرير واستقلال الجزائر، حيث انتهكت في حقهم جرائم ضد الإنسانية بقيت إلى يومنا هذا وصمة عار في جبين النظام الجزائري، حيث رحلتهم بشكل تعسفي وانتهكت حقوقهم وكرامتهم وتم الاستحواذ على خيراتهم وممتلكاتهم وعقاراتهم ومعاشاتهم وشردتهم وفرقت أسرهم وعائلاتهم”.

وأشار المتحدث في تصريح لـ”العمق”، إلى أن قبيل ترحيل المغاربة من الجزائر سنة 1975، كان تحريض رسمي ضدهم من طرف السلطات، كما شاركت بعض الفئات من المجتمع في عمليات اقتحام منازل المغاربة ونهب ممتلكاتهم، نتيجة التحريض المذكور، كما كان يتم اعتقال المئات من المغاربة، بمن فيهم المرضى في المستشفيات، في “جريمة ضد الإنسانية ستظل وصمة عار في جبينهم”، وفق تعبيره.

وأبرز في هذا السياق، أن والده تم اعتقاله مرارا من طرف قوات الأمن، وهو بالكاد كان قد افتتح مشروعه الصغير في وهران، مضيفا أن السلطات كانت تأمره بالاعتراف بجبهة البوليساريو والمساهمة في دعمها ماديا، غير أن مصيره التعذيب النفسي والترهيب بسبب رفضه لهذه المساومات، قبل أن يُطرد رفقة أسرته إلى جانب عشرات الآلاف يوم عيد الأضحى.

وشدد حميد العاطي الله، على أن المغاربة ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر مستمرون في نضالهم ولن ييأسوا تجاه مطالبهم العادلة، مضيفا: “نريد استرجاع كرامتنا وحقوقنا وممتلكاتنا المسلوبة في الجزائر، ولدينا أدلتنا وشهادات الناس ولن نتنازل، علما أن هناك ملفات لمغاربة اختفوا أثناء الترحيل التعسفي”.

يُشار إلى أن النظام الجزائري كان قد أقدم على طرد عشرات الآلاف من المغاربة سنة 1975 ضمن ما سمي بـ”المسيرة الكحلاء”، في عملية تهجير قسري شملت زهاء 350 ألف شخص، وذلك صبيحة عيد الأضحى 18 دجنبر 1975 في ظل نظام حكم الرئيس هواري بومدين، وهي العملية التي جاءت كرد من النظام الجزائري على المسيرة الخضراء التي استرجع من خلالها المغرب صحراءه من الاستعمار الإسباني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *