سياسة

ذكرى “وعد بلفور”.. هيئات مغربية تطالب بريطانيا بتقديم اعتذار رسمي للفلسطينيين

وجهت هيئات مغربية، ضمنها أحزاب ونقابات، مراسلة إلى رئيس الحكومة البريطانية ووزرائها وأعضاء البرلمان البريطاني، في ذكرى “وعد بلفور” سنة 1917، والذي مهد لاحتلال دولة فلسطين، مطالبين فيها بإعلان دولة بريطانيا اعتذارها رسميا للشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة الأخرى عن جريمة التمكين للكيان الصهيوني.

المراسلة التي اطلعت عليها جريدة “العمق”، وجهتها الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع، والتي تتكون من أكثر من 17 هيئة مغربية، منها أحزاب ونقابات وجمعيات وهيآت وطنية كبرى، وشبكات وائتلافات تدعم الشعب الفلسطيني.

وطالبت المراسة من بريطانيا أن تعترف للشعب الفلسطيني بمسؤوليتها عن المآسي التي نتجت عن “وعد بالفور” بفتحه لهذا المسلسل التاريخي من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

كما طالبتها، أيضا، بالاعتذار وجبر الأضرار التي تسببت فيها من جراء الوعد المشؤوم، وكذلك جبر الأضرار الناتجة عن استمرارها في حمايتها للمشروع الصهيوني إلى يومنا هذا، بحسب المراسلة ذاتها.

ودعت الجبهة إلى إعلان دولة بريطانيا اعتذارها لشعب فلسطين وشعوب المنطقة الأخرى عن جريمة التمكين للكيان الصهيوني، مع ما يستتبع هذا الاعتذار من آثار قانونية وسياسية ودبلوماسية تفضي إلى إزالة نتائج ومخرجات وعد بلفور كاملة، ليتسنى للشعب الفلسطيني التمتع بكامل حقوقه في الحرية والعودة والتعويض وتقرير المصير.

المراسلة التي تحمل عنوان “وعد بلفور.. جرائم مستمرة”، اعتبرت أن الثاني من نونبر 1917، سيظل موعدا مشؤوما للشعب الفلسطيني ولكل الشعوب التواقة للحرية والاستقلال، موسوما بالعار بالنسبة للدولة البريطانية، حيث أصدرت حكومتها حينها وعدا بـ”منح وطن قومي لليهود في فلسطين”، وقعه وزير خارجية بريطانيا آنذاك “آرتور بلفور”.

وقال المصدر ذاته، إن هذا “الوعد المشؤوم تم تنفيذه عبر سرقة أرض فلسطين وتمكين الحركة الصهيونية منها تحت حماية ورعاية الانتداب البريطاني وتهجير يهود العالم إليها، موازاة مع تسليح وتدريب العصابات الصهيونية التي ارتكبت سلسلة من المذابح والمحارق بحق شعب فلسطين بشكل ممنهج ومدروس ومستمر”.

وشدد على أن “وعد من لا يملك لمن لا يستحق”، سيبقى هو الوصف التاريخي القانوني الملائم للجريمة التاريخية التي ارتكبتها دولتكم “بريطانيا العظمى” بإصدار وتوقيع وعد بلفور المشؤوم، بحسب المراسلة ذاتها.

وقالت الجبهة المغربية، إن بالفور “كان سياسياً عنصرياً متعصباً لفكرة “تفوق البيض”، يدافع في كتاباته عن تفوق “العرق الأبيض، وفي نفس الوقت هو معادي للسامية مشهور حيث أنه لما كان رئيساً للوزراء اتخذ خطوات لمنع هجرة الهاربين اليهود من أوروبا الشرقية إلى المملكة المتحدة عندما كانوا يبحثون عن اللجوء في بريطانيا”.

واعتبرت أن إعلان بالفور هي “نقطة الانطلاق التاريخية للويلات التي يعيشها الشعب الفلسطيني وكافة شعوب المنطقة منذ آنذاك، وهو ضحية للتطهير العرقي الممنهج بسبب نوعية الاستعمار الاستيطاني ذي الطابع الإحلالي الذي ينبنيعليه المشروع الصهيوني”.

وأشارت إلى أن سياسة التطهير هذه بلغت ذروتها مع النكبة 1947/1948، وهي نتيجة وهدف “خطة داليث” التي نفذتها العصابات المسلحة الصهيونية تحت القيادة الشخصية لدافيد بن غوريون، حيث تم تدمير مئات القرى الفلسطينية وترحيل 800 ألف من السكان الفلسطينيين، وكانت تلك هي بداية لمسيرتهم الطويلة كلاجئين.

وترى الجبهة المغربية أن هذا التطهير العرقي، بعيدا عن كونه موضوعا للماضي، لا يزال مستمرا منذ عام 1948، فالاعتداءات التي شاهدناها أخيراً في القدس حول حي الشيخ جراح، وكذلك أحدث المشاريع الاستيطانية المعلنة في الخليل، هي عبارة واضحة عن هذا الاستمرار.

كما أنه من أدوات هذه السياسة الإجرامية، الجحيم المتعدد الأشكال الذي يعيشه اضطراراً الشعب الفلسطيني كل يوم بفعل سياسات المحتلين، عبر سرقة الحصاد واقتلاع الأشجار، وعرقلة حركة المرور من خلال نقاط التفتيش، ومن خلال جدار الفصل العنصري الذي أمرت محكمة لاهاي الدولية في 2004 بتفكيكه.

كما أشارت المراسلة إلى أن “التطهير العرقي، والإعدام خارج نطاق القضاء، بل قتل مدنيين فلسطينيين دون أدنى مبرر، والقوانين الـ 65 التمييزية ضد سكان فلسطين الأصليين داخل الخط الأخضر، ما هي إلا بعض أوجه نظام الفصل العنصري الذي عرف منذ يوليوز 2018 تعبيراً رسمياً في قانون أساسي جديد”.

وأفادت الجبهة بأن بريطانيا “تتحمل مسؤولية أساسية وبالغة الأهمية، ليس فقط في اندلاع المآسي، ولكن أيضا في استدامة المشروع الصهيوني في فلسطين، الذي لم يتوقف على الرغم من الانتهاك المنهجي للقانون الإنساني الدولي وخرق العشرات من قرارات المجتمع الدولي ذات الصلة”.

وقالت المراسة “إن افتخار حكومتكم بوعد بلفور واحتفالها بذكراها لمئوية، لهو افتخار واحتفال بجريمة لن تسقط بالتقادم، راح ضحيتها على يد الاحتلال أكثر من مائة ألف شهيد فلسطيني منذ النكبة إلى الآن، وشرد بسببها أكثر من 5.7 مليون لاجئ فلسطيني حسب آخر تقرير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وغير المسجلين أكثر من ذلك، أغلبهم يعيشون في مخيمات تنعدم فيها شروط الحياة الإنسانية”.

وشددت على أن هذه “جريمة فرضت على الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، خيار المقاومة للتصدي للأطماع الصهيونية التوسعية، والاستمرار في الكفاح حتى إزالة الكيان الذي نشأ على وعدكم المشؤوم”.

واعتبرت أن “ما تعيشه المنطقة والعالم اليوم من صراع وعنف وغياب للأمن والسلام منشؤه جريمة زرع كيان عنصري إرهابي في أرض غير أرضه، وأن تحقيق الأمن والسلم الذي ننشده لشعوبنا وشعوب العالم رهين بإنصاف الشعب الفلسطيني وإعادة الأمور إلى نصابها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *