منوعات

آلة “أنيقة وراقية” للإنتحار تخضع للتجربة تثير مخاوف من تفشي الظاهرة

آلة "Sarco" التي تساعد على الانتحار

يتوقع أن ينطلق تجريب آلة تساعد الأشخاص على الانتحار بداية السنة الجارية في سويسرا حسب ما صرح به مبتكرها.

وأشار “فيليب نيتشكي”، لصحيفة “واشنطن بوست”، إلى أن آلة “Sarco”، وهي حجرة تشبه التابوت، لن تخرق أي قوانين في سويسرا، التي تعد واحدة من بين دول قليلة تمنح خيار الانتحار.

ويدعي “نيتشكي” أن آلته تساعد في سلب حياة الأشخاص، “دون ألم وفي غضون دقائق”، وفقا للصحيفة الأميركية.

ويضيف “بضغطة زر، تمتلئ الحجرة بغاز النتروجين، الذي يعمل بسرعة على خفض معدلات الأوكسجين، ليفقد المستخدم وعيه خلال دقيقة”، مضيفا أن “المستخدم لن يختنق أو يشعر بالخوف أو الألم، لكنه سيفقد حياته جراء الحرمان من الأوكسجين بعد الإغماء”.

ويصف المبتكر جهازه بـ “الأنيق والراقي”، ويقول إنه يمكن نقله إلى الموقع الذي يوده المستخدم. ويخطط “نيتشكي” إلى نشر تعليمات طباعة الجهاز بالتقنية ثلاثية الأبعاد عبر الإنترنت.

وتفيد منظمة الصحة العالمية أنه ينتحر كل عام أزيد من 700,000 شخص. وأكدت أنه يأتي في المرتبة الرابعة من الأسباب المؤدية للوفاة لدى فئة الشباب بين عمر 15 إلى 29 عاما، بعد حوادث الطرق والسل والعنف بين الأشخاص.

وحسب المنظمة العالمية تقابل كل حالة انتحار حالات أخرى عديدة من محاولات الانتحار. موضحة أن محاولة الانتحار من قبل هي العامل الوحيد الأهم الذي يزيد من احتمال الإقدام مرة أخرى على الانتحار لدى المنتحرين. وأضافت في صفحتها الرسمية أن % 77من حالات الانتحار في العالم تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

وحول وسائل الانتحار الأكثر شيوعا أوضحت المنظمة أنها تشمل ابتلاع المبيدات، والشنق والأسلحة النارية.

ومنذ أن قدم “نيتشكي” ابتكاره قبل أربعة أعوام، واجه انتقادات عديدة، تنوعت بين الدهشة والغضب، في حين انتقد البعض شكل الجهاز واعتبروه المشكلة الأكبر.

يرى مدير مركز كينيدي للأخلاقيات في جامعة “جورج واشنطن”، “دانييل سولماسي”، أن المظهر الملفت للآلة، والتي تبدو كالسيارات الفاخرة تشجع على “تمجيد الانتحار”.

ويحذر “سولماسي”، في حديثه لواشنطن بوست من أن نشر تعليمات طباعة الجهاز عبر الإنترنت قد تشجع على انتشار ظاهرة تعرف باسم “الانتحار بالتقليد” (suicide contagion)، حيث يمكن لانتشار أسلوب معين للانتحار أن يدفع المزيد من الأشخاص إلى سلب حياتهم بتلك الطريقة.

وحتى الأشخاص الذين يؤيدون أساليب “القتل الرحيم” انتقدوا الجهاز، منهم ستيفن دكوورث، وهو ناشط في حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ قال في مقال رأي نشرته صحيفة “ذا إندبندنت”، في دجنبر الماضي، إنه “مرعوب” من آلة “Sarco”، ويضيف “الأمان يجب أن يكون في مقدمة الجهود التي قد تسمح بتوفير الخيار الأفضل لإنهاء الحياة”، مشددا على أن استخدام الآلة تترتب عليه العديد من المخاوف.

وأضاف “ماذا لو وقعت الآلة بين يدي شخص غير سليم عقليا؟ أو طفل؟ أو استخدمت لإيذاء الآخرين؟ وماذا لو لم تكن النتيجة موتا فوريا أو مسالما، هل سينتهي المطاف بالمستخدم في الحجرة دون وسيلة لطلب المساعدة؟”

وفي الوقت ذاته، يصر نيتشكي على أن الآلة آمنة، مستبعدا أن تكون هناك أي مفاجآت في الاختبارات التي ستقام بمختبر سويسري متخصص للمساعدة على الانتحار، حيث من المتوقع أن يشارك ستة أشخاص بالتجربة.

وأكد أن منظمته غير الربحية “Exit International” ستوفر التعليمات للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاما، والذين ثبتت صحتهم العقلية أو يعانون من أمراض مستعصية.

ويعتبر كل من “القتل الرحيم” أو “المساعدة على الانتحار” أساليب قانونية في دول قليلة، ففي الولايات المتحدة تتاح فرصة اختيار الموت، في عشر ولايات والعاصمة واشنطن، للأشخاص المصابين بأمراض مستعصية تؤدي إلى وفاتهم.

وفي كولومبيا، حيث تم حظر تجريم القتل الرحيم منذ عام 1997، رفض مسؤولون، في أكتوبر، إخضاع امرأة للعملية بعد أن تحسنت إصابته الشديدة بمرض السكري. بينما تسمح دول أخرى، مثل سويسرا وهولندا وبلجيكا، في المساعدة على الانتحار، للأشخاص الذين يعانون ألما جسديا أو نفسيا.

ويشير القانون السويسري إلى أن أي شخص يمكنه مساعدة آخر على الانتحار، طالما كانت العملية خالية “من أي دوافع أنانية”، أي ألا تكون المساعدة بهدف خبيث أو لتحقيق أرباح.

كما يشترط أن يكون الأشخاص الخاضعون لهذه العملية سليمين عقليا، وهو أمر يحدده أخصائيو الأمراض العقلية، ويجب عليهم أن يبادر هؤلاء الأشخاص بالخطوة الأولى التي من شأنها إنهاء حياتهم.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، تتفاوت نسب الانتحار بين البلدان والأقاليم، وبين الذكور والإناث.

فعدد الذكور الذين يلقون حتفهم بسبب الانتحار يزيد بأكثر من مرتين عن عدد الإناث (12.6 من كل 100,000 ذكر مقارنة بـ 5.4 من كل 100,000 أنثى).

وتعدّ معدلات الانتحار بين الرجال أعلى عموما في البلدان ذات الدخل المرتفع (16.5 من كل 100,000). أما بالنسبة للإناث، فتُسجّل أعلى معدلات الانتحار في بلدان الشريحة الأدنى من الدخل المتوسط (7.1 من كل 100,000).

وجاءت معدلات الانتحار في أقاليم المنظمة لأفريقيا (11.2 لكل 100,000) وأوروبا (10.5 لكل 100,000) وجنوب شرق آسيا (10.2 لكل 100,000) أعلى من المتوسط العالمي (9 لكل 100,000) في عام 2019، فيما سُجل أدنى معدل للانتحار في إقليم شرق المتوسط (6.4 لكل 100,000).

وسجّلت معدلات الانتحار انخفاضا خلال العشرين سنة من عام 2000 إلى عام 2019، حيث تراجع معدلها العالمي بنسبة 36 في المائة وتراوحت نسبة الانخفاض من 17 في المائة في إقليم شرق المتوسط إلى 47 في المائة في إقليم أوروبا و49 في المائة في إقليم غرب المحيط الهادئ.

غير أن معدلات الانتحار سجلت ارتفاعاً بنسبة 17 في المائة خلال الفترة نفسها في إقليم الأميركيتين.

المصدر: “الحرة” + موقع منظمة الصحة العالمية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *