خارج الحدود

تقرير يكشف فشل بريطانيا في حماية أطفالها ونسائها من الاتجار بهم في سوريا

كشف تقرير برلماني بريطاني عن “أدلة قاطعة” على وجود إتجار بالنساء والأطفال البريطانيين في سوريا. وكشف عن الفرص الضائعة لحماية المعرضين للخطر منهم والذين جردوا لاحقا من جنسياتهم.

وحسب “القدس العربي”، أكدت “تسليمة بيغوم” في تناولها للتقرير في صحيفة “الغارديان” أن النساء والأطفال المعتقلين الآن في شمال شرق سوريا تم إجبارهم على السفر دون رغبة منهم وبطريقة تصل إلى حد الإتجار بهم.

وبعد ستة أشهر من التحقيق، الذي قامت به لجنة برلمانية عن الإتجار بالبريطانيات في سوريا، كُشف عن فشل منظم للمؤسسات البريطانية العامة والذي ساعد تنظيم “الدولة” على استهداف النساء والأطفال الضعاف الذين لم تزد أعمارهم عن 12 عاما. ولا تزال هناك 20 عائلة بريطانية في معسكرات الاعتقال في شمال شرق سوريا، وهي معسكرات يسيطر عليها الأكراد السوريون بشكل عام.

وتقترح التحقيقات التي قامت بها منظمة الدفاع عن السجناء في الخارج “ريبريف” أن معظم السجينات هن ضحايا عملية اتجار بالبشر. وكشفت المنظمة عن تعرضهن للانتهاكات الجنسية وأشكال الاستغلال الأخرى. وتم نقلهن إلى سوريا وإكراه أطفالهن على السفر معهن. وفي حالات تم نقلهم جميعا من مكان إلى آخر في سوريا وضد رغبتهم. وحصلت اللجنة البرلمانية أثناء التحقيق على أدلة من عدة خبراء، بمن فيهم خبراء في القانون وفي عمليات الإتجار بالبشر ومسؤولون حكوميون حاليون وسابقون في بريطانيا والدول الحليفة ورجال شرطة سابقون ومن الادعاء العام، بالإضافة إلى مستشارين دوليين بالأمن.

واستمعت اللجنة للنهج المنعزل في مكافحة الإرهاب ومكافحة الإتجار بالبشر الذي تبنته الشرطة البريطانية والسلطات الأخرى. ونتيجة لهذا فقد فشل صناع القرار الرئيسيين في تحديد ملامح عمليات التحضير والاستغلال للفتيات اللاتي كن في خطر الإغراء بترك البلد على يد تجار البشر.

وحسب “القدس العربي”، أشار التقرير إلى نفس الأسلوب الذي استخدم مع الأطفال. وكمثال، منعت السلطات البريطانية مغادرة طفل مع شخص ليس من أقاربه. ورغم قلقها من مغادرة الطفل إلا أنها لم تقم بإخبار عائلته عن الحادث. لكن الطفل غادر بريطانيا بطرق مختلفة بعد يوم. وتعتقد عائلة الطفل أنها لو أخبرت في نفس الوقت لكانت قد منعت سفره إلى سوريا. وفي حالة أخرى، كانت السلطات الصحية والتعليمية والشرطة والسلطات المحلية تعرف بعنف منزلي ضد فتيات، وأنه تم إخراجهن من المدرسة بشكل مفاجئ. لكن لم تتحرك السلطات إلا بعد شهر وعبرت عن مخاوفها مع طبيب العائلة وإكمال طلب تعليم الفتيات المفقودات.

وأشار التقرير، حسب المصدر ذاته، إلى أن رفض السلطات البريطانية إعادة العائلات البريطانية فاقم من مخاطر إعادة الإتجار بها وإجبار النساء على التفكير بترك معسكرات الاعتقال ورهن حياتهن وأطفالهن في يد مهربين وتجار بشر عديمي الضمير مما يعني مزيدا من الاستغلال.

أشار التقرير إلى أن رفض السلطات البريطانية إعادة العائلات البريطانية فاقم من مخاطر إعادة الإتجار بها وإجبار النساء على التفكير بترك معسكرات الاعتقال ورهن حياتهن وأطفالهن في يد مهربين وتجار بشر عديمي الضمير مما يعني مزيدا من الاستغلال

ورغم كل هذه المخاطر، وجد التقرير أن الحكومة البريطانية رفضت تقديم الدعم القنصلي الضروري للعائلات ولم تقم بالجهود للتأكد فيما إن كانت هذه العائلات ضحية إتجار بالبشر. وبدلا من ذلك طبقت سياسة تجريد شامل للجنسية بناء على فرضية أن هؤلاء النساء سافرن إلى سوريا بمحض إرادتهن، مع أن الكثير منهن تم تحضيرهن وإغراؤهن وإكراههن وخداعهن للسفر إلى سوريا.

واستمعت اللجنة إلى شهادات من عائلات المعتقلات في سوريا تحدث فيها أفرادها عن الآثار المدمرة لهذه السياسات التمييزية على أمنهم وشعورهم بالانتماء داخل بريطانيا. وقال الكثيرون منهم إنهم عوملوا كمواطنين من الدرجة الثانية نتيجة للرد الحكومي.

واستنتج التقرير البرلماني أن الحكومة فشلت بالوفاء في التزاماتها في التحقيق وحماية الضحايا المحتملين للإتجار بالبشر.

وفي تقرير مماثل أعدته فيونا هاميلتون لصحيفة “التايمز”، أكدت أن إدارة الرئيس جو بايدن عبرت عن “ارتباكها وغضبها” من رفض الحكومة البريطانية إعادة مقاتلي تنظيم “الدولة” وعائلاتهم من سوريا.

إدارة الرئيس جو بايدن عبرت عن ارتباكها وغضبها من رفض الحكومة البريطانية إعادة مقاتلي تنظيم الدولة وعائلاتهم من سوريا

وحذر المسؤولون من أن “الثقة بالحكومة البريطانية كشريك أمني قد تآكلت بشكل كبير نتيجة لهذه السياسة الفاترة”. وسمحت الحكومة بعودة عدد صغير من الأيتام لكن بدون عائلاتهم بحجة الخطر الأمني. وبالمقارنة فقد أعادت الولايات المتحدة عشرات من الأمريكيين الذي انضموا للتنظيم الإرهابي وحذرت من أن بقاءهم في مخيمات بائسة يعني تحضير جيل جديد من الجهاديين. وتعتقد السلطات الأمريكية أن عدم إعادة المقاتلين وعائلاتهم سيضر بالاستقرار الإقليمي وأمن الغرب، لأن المخيمات ليست مدارة ويمكن للعائلات الاختلاط مع المتطرفين.

ونقلت الصحيفة عن أندرو ميتشل، رئيس اللجنة البرلمانية، قوله: “نحن في تضاد مع حلفائنا الرئيسيين وقوضنا سمعتنا في مجلس الأمن وكزعماء دوليين في قضايا الأمن والسلام. أدى ذلك إلى احتكاكات، ليس أقل مع الولايات المتحدة التي تعتقد أن هذا يضر الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب”. وأخبر جون غوديفي، القائم بأعمال المنسق الأمريكي لمكافحة الإرهاب، اللجنة البرلمانية، أن سحب الجنسيات ومنع الناس من العودة هو “تأخير للمشكلة”.

وحذر قائلا إن “هذا يحول العبء إلى الشركاء المحليين والمجتمع الدولي والذين لا يملكون التفويض أو الوسائل لحل المشاكل بنجاح”. وقال إن الحكومة الأمريكية “تحث دول المنشأ على إعادة دمج ومحاكمة وسجن المقاتلين الأجانب وعائلاتهم حسب ما تراه مناسبا”. وقال ريتشارد باريت، المدير السابق لعمليات مكافحة الإرهاب في أم أي 6، للجنة البرلمانية “عبر القادة الأمريكيون عن ارتباك وغضب من تشدد بريطانيا”.

واتهم التقرير مكتب الفرع الخاص في مطار هيثرو بالفشل وعدم التدخل لمنع شابات بمن فيهن شميما بيغوم، طالبة المدرسة في منطقة بيثنال غرين، من السفر مع صديقتين إلى سوريا عام 2015. وجردتها الحكومة البريطانية من جنسيتها وهي معتقلة الآن في معسكر بشمال- شرق سوريا. وقال ميتشل “لقد تم الإتجار بها للجنس وهي في عمر 15 عاما. وفي مجال آخر من الحياة، كنا سنقدم الحماية لها ولكننا قمنا بشيطنتها. ولو ارتكبت جرما فعليها تحمل مسؤولية عملها وبموجب القانون البريطاني”.

وحذر تقرير “القدس العربي” من أن المواطنين البريطانيين، بمن فيهم الأطفال، هم ضحايا الإتجار بالبشر و”اعتقلوا بطريقة تعسفية وغير قانونية في المعتقلات وفي ظروف مهينة وتشكل تهديدا محتوما على حياتهم ورفاههم”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *