منوعات

أيام قليلة تفصلنا عن سقوط صاروخ على القمر .. لماذا يتخوف العلماء من ذلك؟

يتوقع الباحثون سقوط طابق من صاروخ مهجور على سطح القمر بداية الشهر القادم محدثا حفرة اصطدام جديدة، لكن التأثيرات المحتملة لهذا السقوط تتجاوز -بحسب العلماء- مجرد إحداث حفرة جديدة على التابع الأرضي، حسب “الجزيرة نيت”. فما هذه التأثيرات التي تثير قلق العلماء؟

وأفادت “الجزيرة نيت” نقلا عن مصادرها، أن هذا الطابق يعود لصاروخ “سبيس إكس فالكون 9” (SpaceX Falcon 9)، الذي أطلق عام 2015 إلى الفضاء حاملا مسبار مرصد المناخ في الفضاء السحيق “دسكفر” (DSCOVR) التابع لناسا. وقد نجح في وضعه في مداره على بعد 1.5 مليون كيلومتر من الأرض، في مواجهة الشمس، وفقا لبيان نشر على موقع وكالة الفضاء الأوروبية.

صاروخ جانح

لكن الطابق الأعلى من الصاروخ لم يكتسب -بعد أداء مهمته- السرعة الكافية للهروب إلى مدار مستقل حول الشمس، قبل دخول الطبقات العليا للغلاف الجوي للأرض، حيث يحترق بالكامل كما جرت العادة في جل مهمات الإطلاق السابقة في الغلاف الجوي للأرض، مما يقلل من كمية النفايات في الفضاء القريب من الأرض.

وبحسب نفس المصدر، فقد اتخذ الطابق الجانح -الذي يبلغ طوله 15 مترا ووزنه حوالي 3 أطنان- مدارا فوضويا واسعا حول الأرض، لذلك عجز العلماء عن التنبؤ بحركته بدقة نظرا لتأثره بجاذبية القمر والشمس والأرض في نفس الوقت.

مع ذلك، يتوقع العلماء -بناء على حسابات دقيقة- أن يسقط طابق الصاروخ في الجانب الآخر من القمر قرب خط الاستواء يوم 4 مارس/آذار القادم بسرعة حوالي 2.6 كيلومتر في الثانية، مما سيحدث فوهة بقطر 19 مترا.

وقد أثار خبر هذا الاصطدام المنتظر غضبا واسعا في وسائل التواصل الاجتماعي، لما اعتبر عدم مسؤولية من جانب الإنسان ستشوّه شكل القمر، لكن العلماء يرون أن هناك جوانب أخرى تثير القلق غير تلك المتعلقة بتشويه القمر.

بحسب أستاذ علوم الأرض الكوكبية في الجامعة المفتوحة البريطانية ديفيد روثري، في مقال نشره على موقع “ذا كونفرسيشن” (The Conversation)، فإن سقوط صاروخ قديم على سطح القمر هو أقل ضررا من الناحية البيئة من احتراقه في الغلاف الجوي للأرض وما يسببه من انتشار للأكاسيد المعدنية.

كما أن حفر الاصطدام تتراكم بشكل طبيعي على سطح القمر نتيجة افتقاره لغلاف جوي. وقد قدّر العلماء وجود على ما يقرب من نصف مليار حفرة على القمر يبلغ قطرها 10 أمتار أو أكثر.

إضافة إلى ذلك، فإن الاصطدام المنتظر لن يكون الأول نوعه، فقد تحطمت هناك -على سبيل المثال- الطوابق العليا للصواريخ المستخدمة في مهمات هبوط أبولو، وتحطمت في أجوائه العديد من المركبات كان آخرها المركبة الهندية “فيكرام” (Vikram) عام 2019.

خطر التلوث البيولوجي

لكن ما يتعين القلق بشأنه -بحسب ديفيد روثري- هو احتمال تلويث القمر بالبكتيريا الحية أو المركبات التي قد يساء استخدامها كدليل على وجود حياة سابقة على القمر في المستقبل.

كانت معظم الدول قد وافقت على بروتوكول حماية الكواكب، وهي مجموعة من المعايير التوجيهية لإنجاز مهمة فضائية طرحت منذ خمسينيات القرن الماضي، وتهدف إلى تقليل احتمالية التلوث البيولوجي من الأرض إلى جسم آخر (وأيضا من جسم آخر إلى الأرض)، وعدم تعريض أي نظام بيئي قد يكون موجودا على جسم آخر للخطر عن طريق جلب أنواع من الأرض قد تزدهر هناك.

لكن ذلك لم يمنع من حصول انتهاكات فادحة، كان آخرها في عام 2019، عندما تحطمت مركبة الهبوط القمرية الإسرائيلية التي تحمل عينات من الحمض النووي وآلاف من بطيئات المشية (دب الماء) على سطح القمر.

وبطيئات المشية كائنات يبلغ طولها نصف مليمتر، يمكنها أن تتحمل فراغ الفضاء دون أن تكون نشيطة فيه، ومن المحتمل أن تكون هذه الحيوانات مع البكتيريا التي تسكن أمعاءها، منتشرة الآن في موقع تحطم المركبة.

ورغم أن طابق الصاروخ الذي قضى 7 سنوات في الفضاء، لن يسقط على الأرجح في مكان به كمية كافية من الماء حتى تتعافى البكتيريا التي يحملها وتصبح نشطة من جديد، “لكن هذه ليست مخاطرة يجب أن نتحملها” كما كتب روثري في مقاله، “فكلما أرسلنا أجساما أكثر إلى القمر، تعين علينا أن نكون أكثر حذرا، وزادت صعوبة تطبيق المعايير”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *