اقتصاد

الجفاف والتقلبات الدولية ترفع من أسعار الزيوت وتلقي بظلالها على المغرب

بعد الزيادات الحادة في أسعار السلع الأساسية في عام 2021، يتوقع أن تكون الأسعار في عام 2022 غير مستقرة مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، لاسيما حول الغاز الروسي، والمخاطر المناخية على المنتجات الزراعية، وغياب رؤية واضحة حول استمرار أزمة اللوجستيات والنقل البحري الدولي.

إلى جانب ذلك، ساهمت الأزمة الصحية في ارتفاع الأسعار، وذلك بالنظر إلى الاختلال الذي عرفته سلسلة التوريد على الصعيد العالمي، وكذا تأثير السياسات القومية لبعض البلدان على وتيرة التزود بالمواد الأساسية.

وقد أدى الجفاف الذي تعرفه عدد من المناطق في العالم إلى جانب التقلبات الدولية واختلالات سلسلة التموين عالميا، إلى ارتفاع أسعار زيوت المائدة في الأسواق الدولية.

وفي هذا الصدد، أفاد تقرير Wasde الأمريكي الصادر عن وزارة الزراعة الأمريكية، أن أسعار الذرة والصوجا التي تشكل المواد الأولية الأساسية التي تستخرج منها الزيوت، وبدرجة أقل القمح ، عرفت ارتفاعا، في الوقت الذي عرف فيه إنتاج البذور الزيتية والذرة في البرازيل والأرجنتين على وجه الخصوص باعتبارهما المنتجين الأساسين في العالم.

وكان لهذه العوامل كلها، تأثير على الأسعار في المغرب، حيث تضاعف سعر الصوجا والنخيل في 18 شهرا، ويستورد المغرب المواد الخام حاليا بنسبة 98 في المائة، في ظرفية لا يمكن فيها التحكم في تقلبات الأسعار، وهو ما يفتح الباب على الزيادات التي لا يمكن تجنبها بحيث ارتفعت أسعار المواد الخام من 800 إلى 1600 دولار أمريكي، وارتفع سعر زيت المائدة كذلك خلال الفترة نفسها وبنفس النسبة.

وتسبب الجفاف الذي عاشته وتعيشه البرازيل والأرجنتين في ارتفاع أسعار زيت المائدة، بحيث توقع تقرير Wasde  لوزارة الزراعة الأمريكية، انخفاض إنتاج الصوجا في البرازيل التي تعتبر أول منتج في العالم، إلى 134 مليون طن، أي بانخفاض قدره 5 ملايين طن مقارنة مع توقعات شهر يناير، وذلك بعد انخفاض أخر بـ 5 ملايين طن الشهر الماضي.

وفي الأرجنتين، راجع التقرير توقعاته نحو الانخفاض بنحو 1.5 مليون طن إلى 45 مليون طن، وفي البراغواي توقع انخفاضا بـ 2.2 مليون طن إلى 6.3 مليون طن.

هذا التراجع في الإنتاج كان متوقعا بالنظر إلى الجفاف الذي عرفته منطقة أمريكا الجنوبية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الصوجا والذرة في سياق يشهد طلبا مرتفعا على الزيوت النباتية.  كما تم تسجيل انخفاض في المردودية المرتبطة بقلة التساقطات خلال الأشهر الماضية.

وهكذا ارتفع سعر وحدة من الصوجا ( 27 كيلوغراما تقريبا) بالنسبة لتسليم مارس بنسبة 1.64 في المائة حيث بلغ 15.94 دولارا عوض  15.69 دولار في اليوم السابق.

إلى جانب ذلك، ما زال عدم وضوح الرؤية بخصوص سلسلة التموين عالميا، يطغى على الواقع.  وشهد زيت النخيل الذي يعد من بين أهم المواد الأولية الفلاحية، ارتفاعا في أسعاره في سنة 2021.  كما ارتفع سعر المواد الأولية بأكثر من 30 في المائة على طول السنة مع استمرار التخوفات المرتبطة بالتموين انطلاقا من ماليزيا.

وأدى هذا التخوف إلى أن تعيش الأسواق  تحت الضغط، وزادت الإجراءات التي أعلنت عنها اندونيسيا في يناير الماضي من حدة هذه التخوفات على التجارة الدولية.

وبلغ السعر المرجعي الدولي لزيت النخيل الخام، في بورصة ماليزيا 1347 دولار بتاريخ 31 يناير الماضي. وسجل هذا الارتفاع بنحو 238.81 دولار مقارنة مع أسعار الإغلاق نهاية شهر دجنبر.

وجاءت هذه الارتفاعات نتيجة مجموعة من الإعلانات التي قامت بها اندونيسيا التي تعد البلد الأول من حيث العرض كما من حيث الاستهلاك. وفي 27 يناير الماضي، أعلنت الحكومة الاندونيسية عن إجراء يقضي بتسليم المصدرين 20٪ من حمولتهم للسوق المحلي لمكافحة ارتفاع أسعار زيت الطهي.

كما خفضت اندونيسيا، التي تعتبر المنتج الأول لزيت النخيل، صادراتها بشكل كبير حتى تلبي حاجيات السوق المحلي.

وعلى مستوى إكراهات اللوجستيك والنقل البحري الدولي، أشار  تقرير لـ “سايكلوب”، أنه لا توجد أي مؤشرات نحو التحسن، إذ أنه في بداية يناير 2022 ، توجد 11.5 مليون حاوية تنتظر في أهم 13 ميناء في العالم.

وارتباطا بالتقلبات الدولية، عرفت أسعار النفط ارتفاعا، كما شهد الطلب على الوقود الحيوي تزايدا مهما بسبب ارتفاع أسعار النفط.

ورافق كل هذه العوامل، طلب عالمي قوي على الزيوت بما يتناسب مع التركيبة السكانية للدول الناشئة والعادات الغذائية لسكانها. وهكذا ضاعفت الصين، على سبيل المثال، استهلاكها ثلاث مرات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *