مجتمع

الأطباء ينجحون في بتر أعضاء الطفلة إيناس دون مخاطر.. ووالدها: الحمد لله على كل حال

تمكن فريق طبي متخصص من بتر يدي ورجلي الطفلة إيناس الخراز، في عملية جراحية دقيقة استغرقت أزيد من 3 ساعات، اليوم الأربعاء، بمستشفى “سانية الرمل” بتطوان، وذلك من أجل تفادي انتشار مرض نادر أصاب الطفلة الرضيعة في باقي أنجاء جسدها.

وأوضح نوفل الخراز، والد الطفلة إيناس، في اتصال لجريدة “العمق”، أن العملية كُللت بالنجاح، مشيرا إلى أن وضعية ابنته مستقرة بعدما استفاقت من التخدير، وتخضع حاليا لعناية خاصة بالمستشفى.

وأشار والد الطفلة إلى أن العملية أجراها فريق طبي متخصص مكون من عدد من الأطباء من مستشفى ابن سينا بالرباط وسانية الرمل بتطوان، لافتا إلى أن البتر شمل كفي وقدمي الطفلة.

وكان أطباء المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط، قد اكتشفوا أن الطفلة الرضيعة إيناس التي لم تُكمل بعد عامها الثاني، مصابة بمرض نادر في الأوعية الدموية يتسبب في إتلاف ونخر الأنسجة والجلد، يدعى مرض فرفرية صاعقة “Purpura filminans”.

وبعد إجراء الفحوصات والتحليلات الطبية، عرض الأطباء على والدي الطفلة الرضيعة علاجا صعبا يكمن في بتر يديها ورجليها كحل وحيد لتفادي تفشي المرض في باقي أنحاء جسدها، غير أن والدا الطفلة رفضا في البداية هذا العلاج، قبل أن يوافقا عليه بعدما تأكدا أنه لا يوجد حل آخر.

واعتبر نوفل الخراز أن أي أب وأم في هذا العالم لن يقبلوا ببتر أعضاء فلذات أكبادهم مهما كانت الظروف، قائلا في تصريح سابق لجريدة “العمق”: “إذا بلغت الطفلة 16 عاما وسألتني: لماذا وافقت على قطع رجلي ويدي، بماذا سأجيبها حينها؟”، مستدركا: “هذا قدر الله تعالى، والحمد لله على كل حال”.

وكانت أسرة إيناس تنشد من الأطباء منحها جرعة من الأمل من خلال إيجاد دواء أو علاج آخر ولو كان خارج المغرب، غير أن تشخيصات الأطباء داخل وخارج المملكة، خلصت إلى أن الحل الوحيد هو بتر الأعضاء المصابة بالمرض، ما دفع الوالدين في النهاية إلى قبول هذا القرار من أجل إنقاذ حياة ابنتهما الوحيدة.

وبعد أن أمضت الطفلة إيناس شهرا و13 يوما بمستشفى الأطفال “ابن سينا” بالرباط، عادت رفقة والديها، منتصف فبراير المنصرم، إلى مستشفى “سانية الرمل” بتطوان عبر سيارة إسعاف، حيث كان والداها يأملان التوصل إلى علاج آخر غير بتر أعضائها.

مرض نادر

بحسب معطيات التقرير الطبي لمستشفى الأطفال بالرباط التابع للمركز الاستشفائي الجامعي “ابن سينا”، فإن الطفلة إيناس مصابة بمرض نادر يصيب الأوعية الدموية ويؤدي إلى تختر دموي حاد.

وأوضح التقرير أن هذا التختر الدموي يتسبب في حدوث نخر وتلف في أجزاء من الجلد والأنسجة، وهو يعتبر أحد أمراض المناعة الذاتية ويُدعى فرفرية صاعقة “Purpura filminans” ينتج عن اختلال توازن في بروتين س “C”.

وفي تدخل مستعجل، قام الفريق الطبي المتابع لحالة الطفلة إيناس بمستشفى الأطفال ابن سينا بالرباط، بإجراء عمليتين جراحيتين متفرقتين لتنقية التعفنات التي يسببها المرض على مستوى الفخذين واليدين.

ووفق التقرير الطبي ذاته، فإن المرض توقف عن الانتشار في باقي أنحاء الجسد، إلا أنه خلف انسدادات وتعفنات لم ينفع معها علاج، إذ وصفها الأطباء بأنها مناطق ميتة، وأوصوا ببترها تفاديا لانتشار التعفنات في باقي أنحاء الجسم، وذلك بموافقة كتابية من طرف الوالدين.

وطيلة مكوثها بمستشفى الأطفال بالرباط، تم منح الطفلة بعض الأدوية المضادة لتختر الدم، مع تزويدها بالدم بين الفينة والأخرى وتغيير الضمادات الطبية، خاصة وأن الجرح الناجم عن تقنية الأماكن المصابة لم يلتئم بعد.

بداية القصة

كانت تعيش الطفلة إيناس الخرار حياة طبيعية رفقة والديها الفرحين بأول مولودة لهما، إلا أن يوم السادس من يناير الماضي سيغير مجرى حياة هذه الأسرة البسيطة في منطقة الجبهة بإقليم شفشاون، بعدما اكتشف الوالدان ظهور بقع حمراء فوق فخذي الطفلة، سرعان ما تحولت بعد ذلك إلى “كابوس”.

فبعد أن طاف والد الطفلة إيناس بابنته بين المركز الصحي في الجبهة، والمستشفى الإقليمي سانية الرمل بتطوان، تم توجيهه في النهاية نحو مستشفى الأطفال بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط، حيث اكتشف الأطباء هناك أن الطفلة مصابة بمرض نادر في الأوعية الدموية.

يروي والد الطفلة إيناس وضعية ابنته في حديثه مع “العمق” وهو في حالة تأثر وتوتر شديدين، موضحا أن هذا المرض النادر أصاب ابنته في رمشة عين، مؤكدا أنها كانت تعيش حياة طبيعية وتلعب بشكل عادي ولم يسبق أن أصيبت بأي مرض.

يضيف المتحدث أن تلك البقع الحمراء الصغيرة التي ظهرت على جسدها بشكل مفاجئ، سرعان ما تحولت إلى بقع كبيرة وانتشرت بشك سريع ومخيف لتغطي أغلب أجزاء فخذيها، قبل أن تنتقل إلى يديها، مشيرا إلى أن طفلته تظل تصرخ من الآلام ولا تدري ما يحدث لها.

وبعد نقلها إلى مستشفى الأطفال “ابن سينا” بالرباط، يتابع نوفل حديثه، قام الأطباء بعمليتين جراحيتين متفرقتين لتنقية التعفنات التي يسببها المرض على مستوى الفخذين واليدين، لافتا إلى أن أحد الأطباء أخبره بأنه لم يسبق أن رأى مثل هذا المرض طيلة 30 عاما من اشتغاله في المستشفى.

يقول نوفل الخراز إنه لم يعد يحتمل مشاهدة ابنته وهي تصرخ من الآلام وتستغيث بكلمات بريئة بالكاد تعلمت نطقها، من أجل إنقاذها من وضعها الصعب، دون أن تكون لهما القدرة على فعل أي شيء، فيما عرفت مواقع التواصل الاجتماعي حالة تضامن واسع مع الطفلة تحت وسم “أنقذوا_إيناس”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *