منتدى العمق

الطماطم بين الدفاع عن حقوق المستهلك ومبرري الغلاء

قرأت مقالين عن أسباب الغلاء المفرط لأسعار الطماطم و رأيت عن قرب مدى صعوبة الدفاع عن حقوق المستهلك. أول الشروط في هذا المجال هو القرب من المواطن و من السوق و معرفة دقيقية باليات السوق و عدم الدخول في علاقات مشبوهة او فيها شيء من تضارب المصالح مع منتجي السلع و الخدمات و معرفة دقيقية ببنية الأسعار. الدفاع عن المستهلك نضال قد يتجاوز الاختيارات السياسية و الايديولوجية ليسمو بالموضوع إلى درجة الأولوية المواطناتية.

قرأت مقالين و صدمني الفرق الشاسع بين رئيسي منظمتين مهتمتان بحقوق المستهلك. هاتان المنظمتان هما الجامعة المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك التي تضم أكثر من 70 جمعية منتشرة على مختلف جهات المملكة و الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك التي تضم في عضوياتها 21 جمعية محلية. الذي استرعى انتباهي ان لم أقل دهشتي هو العنوان الذي اختاره موقع ” لو سيت انفو” بالفرنسية. ” إرتفاع سعر الطاطم بالمغرب: نشرح لكم لماذا” و تم الإعتماد في هذا الشرح على رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك السيد وديع مديح الذي أعتبر أن ” إرتفاع أسعار المواد الغذائية قبيل شهر رمضان طبيعية مسطرا أن هذه المواد تأثرت بتكلفة المحروقات و النقل..” واكتفى السيد الرئيس بتوجيه نداء إلى الحكومة لدعم المواطنين و لمزودي السوق بتخفيض هامش ربحهم. اهكذا يتم الكلام عن إرتفاع صاروخي للأسعار من طرف جامعة وطنية.

وأنا أتابع هذا الموضوع توصلت بمقال لموقع ” عرب بريس 21″ حاور من خلاله السيد بوعزة الخراطي رئيس الجامعة المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك. إرتفاع أسعار الطماطم في الأسواق ليست طبيعية بالنسبة إليه. القضية مرتبطة بالطلب على هذا المنتوج من الأسواق الخارجية و خصوصا من السوق الإسبانية. و هكذا أصبحت تلبية الطلب الخارجي أهم من جيب و مستوى دخل المستهلك المغربي. أعطى السيد الخراطي رئيس الجامعة المغربية مثالا بالارجنتين بمنعها لتصدير اللحوم لمدة محددة حتى استقر السعر و صار في إمكانية المواطن أن يقتنيه. و ماذا عن نتائج المغرب الأخضر إذا كانت أول أزمة نجتازها تضرب في العمق قدرة المواطن على استهلاك المواد الغذائية. تغنى المسؤولون عن نجاحات هذا الأخضر و سعر الدجاج يتجاوز اليوم 20 درهم للكيلو و البصل تخطى عتبة 8 دراهم دون أن نتكلم عن الفواكه و اللحوم. و ماذا عن استنزاف مياهنا و تربتنا لدعم المستهلك الأوروبي بالمال العام و بثرواتنا الطبيعية. هل من تقييم حقيقي لسياسة قيل عنها الكثير من طرف السيد رئيس حكومتنا. نتمنى ذلك و بكل وضوح و حيادية.

الدفاع عن حقوق المستهلك يجب أن لا يقف عند البديهيات التي تبرر إرتفاع و لكن يجب عليه أن يتسلح بالعلم و الشجاعة و معرفة دقيقة ببنية الأسعار في مختلف القطاعات. للاستمرار في نضال اختاره ولم يجبر على اختياره. و كم سنحتاج إلى جمعيات و جامعات همها التضحية بالوقت و سلاحها العلم و القرب من المواطن خلال ما يستقبل من شهور و أعوام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *