أدب وفنون

فنانون يعمدون إلى الظهور بشكل غريب .. اختلال أم دعاية؟

يفاجأ محبي فنان ما بظهوره مرة أو أكثر بمظهر غريب، يحارون في تفسيره، أيتعلق الأمر بصرخة “أنا هنا”، أم أن الأمر يتجاوز مجرد البحث عن إثارة الانتباه، وتوسيع رقعة الاهتمام في وسائل الاعلام.

وحسب “الجزيرة نت”، لا تقتصر الظاهرة على اللباس أو الوضعيات أو الوجه، بل تشمل كل الجوانب التي يمكن أن تعطي للفنان تموقعا في ساحة الانتباه والإثارة.

وحسب نفس المصدر، تعددت وتنوعت أزياء الفنانين وصيحاتهم الغريبة في اللبس والتأنق على مر العقود، من شارب سلفادور دالي الغريب إلى قبعة رينيه ماغريت مرورًا بثياب فريدا كاهلو، وغيرهم كثيرون، ظهر الفنانون كأشخاص يتمتعون بالموهبة وسعة الخيال ويعانون منها أيضًا.

ويختلف المحللون فيما بينهم حول الدافع الذي يجعل الفنانين أكثر ميلا لارتداء ثياب فظة أو غريبة والظهور أمام الناس بأشكال وهيئات مختلفة عن المألوف، إلا أن التفسير الوحيد المنطقي الذي يمكن أن يفسر تلك النزعات هو أن الرسام أو الفنان يرى جسده مساحة يُمكن أن يُعمل فيها فنه.

جلاليب كليمت

اشتهر الرسام النمساوي غوستاف كليمت (Gustav Klimt)، الذي عاش ما بين 1862 و1918، بثوب أشبه بالجلباب الذي يرتديه المرضى في المصحات النفسية ومستشفيات الأمراض العقلية. لا يميز الثوب شيء غير أن كليمت كان يرتديه فاعتبره النُقاد أيقونيًا وصيحة فنية وتهافت عليه المصورون، ليلتقطوا له الصور.

والأغرب من أن كليمت كان يرتدي هذا الثوب، هو أنه كان يجعل كل امرأة يرتبط بها ترتدي مثله تمامًا مع اختلاف واحد فقط، وهو أن ثوب المرأة تزيّنه الزهور والورود. وقد ظهر جميع النسوة اللاتي اقترن به مرتديات ثيابهن على تلك الشاكلة الغريبة في صور فوتوغرافية عدة معه.

فريدا والجماليات المكسيكية

تظهر الرسّامة المكسيكية فريدا كاهلو (Frida Kahlo)، التي عاشت ما بين 1907 و1954، على نفس المنوال فكانت إحدى الفنانات اللاتي عُرفن بأزيائهن الغريبة. كانت كاهلو تعاني من شلل الأطفال وهو الأمر الذي أبطأ كثيرًا من حركتها، إلا أنها فقدت القدرة على الحركة تماما، بعدما صدمتها سيارة وهي تعبر الطريق وتركتها تعاني من شلل نصفي بقية حياتها.

أزياء كاهلو التي جمعت بين الألوان الحارة والجريئة والنقوش الثرية والمتعددة كانت محاولة منها للتعويض عن البهجة والسعادة التي تفتقر لهم في حياتها الشخصية.

كذلك أرادت كاهلو الظهور بثياب مستوحاة من الثقافة الشعبية المكسيكية لا من دور الأزياء العالمية، بسبب معارضتها الواضحة والصريحة للسياسات الإمبريالية الأوروبية والأميركية. كانت كاهلو في هذا الصدد كمن ضرب عدة عصافير بحجر واحد؛ فأتت ثيابها مفعمة بالأنوثة والبهجة والخصوصية الثقافية في آن واحد.

القبعة السريالية

كان الرسام السريالي رينيه ماغريت (Rene Magritte)، الذي عاش ما بين 1898 و1967، يعتمر قبعة سوداء لا تفارقه. وظهرت في معظم لوحاته الشهيرة، أكثر من 50 مرة في أعماله بين عامي 1926 و1966. تارة السماء تُمطر قبعات، وتارة أخرى القبعة تغطي كل وجهه.

بلغت تلك القبعة درجة من الأهمية أنها ظهرت في لوحة ماغريت الأكثر شهرة وهي “ابن الإنسان” (The Son Of Man)، حيث يظهر رجل اعتمر قبعة ماغريت، ويرى النقاد أنه هو، وتغطي وجهه تفاحة. وبعيدا عن الاسم الغريب للمحتوى، الأغرب أن تسببت تلك القبعة في ظهور العديد من التفسيرات السريالية للسبب الوجيه الذي قد يدفع الرسام لاستخدامها بتلك الكثرة! وكالعادة يكمن المعنى في قلب الرسام وحده.

شارب دالي التجاري

كان الرسام الإسباني سلفادور دالي (Salvador Dali)، الذي عاش ما بين 1904 و1989، واحدًا من أبرز الرسّامين السرياليين على مدار القرن العشرين. وقد امتاز بشارب أثار تعجب النقاد والمعجبين؛ فالرسّام الذي عُرف بالغرور الشديد والعجرفة أطلق شاربًا بطول الأنا النرجسية التي تمتع بها.

اتفق العديد من النقاد أن سبب غرور دالي المفرط هو والدته التي كانت تمدحه طوال الوقت، في حين كانت علاقته بوالده سيئة ومتوترة. وأن نرجسيته الشديدة هي ما دفعته نحو هذا الشارب الأيقوني حيث كان يستخدم الشمع طوال الوقت ليُبقي شاربه منتصبًا. وبالفعل، ظل شاربه كذلك لنحو 30 عامًا.

“الشارب هو جزء كبير من زِيّ دالي بوصفه فنانا غريب الأطوار”، وفق قول المؤرخ الفني ميشيل إلسون روز.

هوس دالي الشديد بشاربه بلغ مبلغًا بعيدا حتى أنه ألف كتابا لاذعا عن تاريخ شاربه منذ أن كان صغيرا وقصيرا وكيف صار علامة تجارية يتهافت المعلنون للدعاية باستخدامه. الكتاب قليل الكلمات كثير الصور، التقطها صديقه المصور فيليب هالسمان (1906-1979). وقد نُشرت الطبعة الأولى في أكتوبر/تشرين الأول 1954 في نيويورك.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *