مجتمع

المجلس الأعلى للحسابات يرصد 9 اختلالات في معالجة المباني الآيلة للسقوط

رصد المجلس الأعلى للحسابات تسعة اختلالات في تدخلات معالجة المباني الآيلة للسقوط، التي بدأ اهتمام السلطات بها في المغرب منذ 1980، بدءا بالأنسجة العتيقة قبل أن يشمل مجموعة من مدن المملكة.

وأشار المجلس في تقريره لسنتي 2019 و2020 أن المباني السكنية الآيلة للسقوط تشمل، بموازاة مع الأأنسجة العتيقة، أنماطا عمرانية أخرى لاسيما القصور والقصبات والأحياء السكنية غير القانونية والأحياء المبنية في مناطق عالية المخاطر وكذا حظيرة المباني القديمة.

وفي أول الاختلالات، قال التقرير إن منهجيات تحديد غير موحدة أدت إلى عدم التحكم في المعطيات المتعلقة بحظيرة المباني السكنية الآيلة للسقوط، حيث أدى عدم اعتماد مقاربات موحدة من أجل تحديد مفهوم المباني السكنية الآيلة للسقوط وكذا المنهجيات المتبعة من أجل إيجاد هذه المباني وتصنيفها إلى الحصول على أرقام متفاوتة ومختلفة بين قطاعي الإسكان والداخلية

فقد أسفر آخر إحصاء أجرته وزارة الداخلية سنة 2012، عن وجود 43 ألف و734 بناية آيلة للسقوط تمثل 0.5 % من إجمالي الحظيرة الوطنية للسكن. وتتركز هذه البنايات بالدرجة الأولى في المدن العتيقة بحوالي 18 ألف و619 مسكنا، أي ما يقارب 42.5% من إجمالي الحظيرة.

بالمقابل أسفرت نتائج “البحث الوطني حول السكن بالوسط الحضري” الذي أجراه القطاع المكلف بالإسكان، عن وجود حظيرة للمباني السكنية الآيلة للسقوط تقدر بحوالي 381 ألف و641 مسكنا، وهو ما يشكل رقما يتجاوز أكثر من ثمان مرات الرقم الذي أعلن عنه قطاع الداخلية.

اختلال آخر، بحسب التقرير، يتمثل في كون الجهود المبذولة لمعالجة حظيرة المباني السكنية الآيلة للسقوط “دون إطار عام أو اتساق شامل”، بحيث إن التزام القطاع المكلف بالإسكان بمعالجة حظيرة المباني السكنية الآيلة للسقوط ينبثق عن منطق ورؤية قطاعية خاصة به، ولا يندرج هذا الالتزام ضمن رؤية استراتيجية عامة ذات نطاق وطني ومتعددة الأأبعاد بشكل يشمل مختلف الفاعلين المؤسساتيين.

وتابع تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن مسؤول القطاع المكلف بالإسكان عبروا على أن التدخل لا يتم وفق برنامج حقيقي، وإنما بواسطة مجموعة من التدخلات يساهم فيها القطاع كشريك مثل باقي الشركاء.

ومن الاختلالات التي رصدها التقرير، تلك المتعلقة بضعف استفادة الأسر المعنية بعمليات المباني السكنية الآيلة للسقوط من منتجات السكن الاجتماعي، فإلى غاية شهر دجنبر من سنة 2020، تم تخصيص 3693 وحدة لمعالجة المباني السكنية الآيلة للسقوط، في إطار إعادة الإسكان، من أصل 545 ألفا و254 وحدة سكنية للسكن الاجتماعي )بقيمة 140 ألف درهم و250 ألف درهم، (أي ما يعادل 1 % فقط من إجمالي الوحدات المنتجة).

أما بالنسبة لإعادة الإيواء، فلم يتم اعتماده إلا فيما يخص بعض عمليات معالجة المباني السكنية الآيلة للسقوط. وحسب بيانات القطاع المكلف بالإسكان، فقد بلغ عدد المستفيدين من عمليات إعادة الإيواء3086 أسرة بين عامي 1999 و2012، إلا أن طريقة التدخل هاته قد تم التخلي عنها، ابتداء من سنة 2012 ،وذلك لفائدة أنماط أخرى من المعالجة (التدعيم وإعادة الإسكان).

التقرير نبه أيضا إلى وجود فوارق بين الآليات القانونية المنصوص عليها في القانون رقم 12-94 والممارسات المعمول بها لمعالجة المباني السكنية الآيلة للسقوط.
وأشار المصدر إلى أن القانون رقم 94.12 المتعلق بالمباني الآيلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري الصادر في 27 أبريل 2016، جاء كإطار خاص لمعالجة إشكالية المباني السكنية الآيلة للسقوط، وذلك بتحديد مفهومها وكذا طرق التدخل في هذا المجال، واستدرك “ومع ذلك، فإن التدابير المنصوص عليها في هذا القانون لا تتماشى مع الممارسات المعمول بها فيما يتعلق بمعالجة المباني السكنية الآيلة للسقوط”.

وفي سياق متصل، قال التقرير إن تداخل صلاحيات الوكالة الوطنية للتجديد الحضري وتأهيل المباني الآيلة للسقوط مع فاعلين آخرين وتموقع يتطلب التوضيح، معتبرا أن إنشاء الوكالة سنة 2016 شكل أحد أهم الإسهامات التي أتى بها القانون رقم 94.12 وذلك بتحديدها كفاعل وطني مختص في معالجة إشكالية المباني السكنية الآيلة للسقوط.

وتابع المصدر أن الإطار المؤسسي للتدخلات في المباني السكنية الآيلة للسقوط يرتكز بشكل أساسي على اتفاقيات الشراكة والتمويل المتعلقة بها. مضيفا أن هذا الإطار المؤسسي يعتمد على هيئتين للحكامة بموجب كل اتفاقية. ويتعلق الأمر “باللجنة المركزية للتتبع” والتي يترأسها القطاع المكلف بالسكنى و” لجنة التتبع والتنسيق” التي يترأسها الوالي أو العامل.

واسترسل التقرير “غير أنه لوحظ أن غالبية اللجان المركزية لا تعقد اجتماعاتها سوى مرة واحدة أو مرتين طوال مدة الاتفاقية، في ظل غياب تحديد لوتيرة منتظمة لعقد اجتماعاتها. وهذا من شأنه أن ينعكس سلبيا على سيرورة العمليات”، كما لاحظ التقرير، فيما يتعلق بلجنة التتبع والتنسيق، أن مستوى تقدم وتيرة عمليات معالجة المباني السكنية الآيلة للسقوط يعتمد بشكل وثيق على انتظام اجتماعات التتبع والمواكبة لهذه اللجنة المحلية.

تقرير المجلس نبه أيضا إلى اختلال يتعلق بـ”تفرق المسؤوليات أمام تعدد الفاعلين”، بحيث على الرغم من أن التدخلات المتعلقة بالمباني السكنية الآيلة للسقوط تتم تحت الإشراف التقني للقطاع المكلف بالسكنى، إلا أن مشاركة بعض القطاعات الوزارية الأخرى على غرار وزارة الداخلية تظل مهمة.
واستدرك بأنه “لا يوجد إطار لقيادة وتنسيق مختلف تدخلات الشركاء، كما هو الشأن بالنسبة لبرنامج مدن بدون صفيح والذي تم من خلاله إحداث لجنة وطنية للتتبع برئاسة رئيس الحكومة، مما ساعد على رؤية شمولية للبرنامج”.

وأشار التقرير إلى ما وصفه بـ” حصيلة إنجازات متباينة”، حيث أبرمت الوزارة المكلفة بالإسكان بين عامي 2012 و2020 ما يفوق 59 اتفاقية تمويل وشراكة متعلقة بالمباني السكنية الآيلة للسقوط، بتكلفة إجمالية قدرها 5.780 مليون درهم مدعومة بما يقدر بـ1.910 مليون درهم من صندوق التضامن للسكن، وبمبلغ 110 مليون درهم كمساهمة للميزانية العامة للدولة أي بمعدل إجمالي قدره 33.8 من التكلفة الإجمالية للاتفاقيات. وتم تمويل الباقي من قبل الشركاء الآخرين المعنيين بمعالجة المباني السكنية الآيلة للسقوط.

وفي ما يتعلق بالإنجازات، فإن الاتفاقيات المبرمة بين عامي 2012 و2020 تهدف إلى معالجة 36 ألف و423 بناية سكنية آيلة للسقوط تأوي 69037 أسرة. وإلى غاية متم 2020 ، بلغ عدد المباني المعالجة بموجب هذه الاتفاقيات 10657، أي بنسبة 29 % من المباني السكنية. كما بلغ عدد الأسر المستفيدة 30598 أسرة أي 44 % من إجمالي الأسر المستهدفة بالاتفاقيات.

كما أشار التقرير أيضا إلى اختلال آخر مرتبط بعدم الالتزام بالآجال المحددة، مشيرا إلى أن تقدير الآجال غالبا ما يكون تقريبيا وغير واقعي ولا يأخذ بعين الاعتبار مختلف الإكراهات القانونية، الاجتماعية والتقنية المتعلقة بالتدخلات على مستوى المباني السكنية الآيلة للسقوط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *