مجتمع

راهب بكنيسة تطوان: “مريم العذراء” تشكل جسرا بين المسلمين والمسيحيين (فيديو)

تصوير ومونتاج: يونس ميموني

قال “أدولفو نافارو”، الراهب بكنيسة “سيدة الانتصارات” بتطوان، إن قصة السيدة “مريم العذراء” تشكل جسرا بين المسلمين والمسيحيين، مشيرا إلى أن أتباع الديانة المسيحية على دراية كبيرة بمدى الحب والتقدير الذي تحظى به السيدة مريم أمُّ النبي عيسى لدى جميع المسلمين.

جاء ذلك في ندوة احتضنها المركز السوسيو-ثقافي “ليرشوندي” التابع لكنيسة “سيدة الانتصارات” بتطوان، الإثنين، حول مكانة السيدة مريم في الإسلام والمسيحية واليهودية، تحت عنوان “مريم سيدة نساء العالمين”، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للمرأة.

وأوضح الراهب نافارو، أن الكنيسة تدرك أن الله اختار مريم لتكون والدة المسيح، حيث كانت جزءا من الجماعة المسيحية الأولى وكانت تلميذة للمسيح، لهذا كانت لها دوما مكانة كبيرة لدى المسيحيين، مشددا على أنه لا يوجد في العقيدة المسيحية ما يدعو إلى عبادة مريم.

وأشار إلى أن مريم قبلت أمر الله بأن تكون حاملا بالمسيح بشكل مفاجئ، وأن تواجه الأسئلة والشكوك من طرف عائلتها وخطيبها “خوسيه” وشعبها، متسائلا: “ماذا ستفعل فتاة صغيرة إذا وجدت نفسها فجأة حاملا ولم تجامع رجلا من قبل؟ كيف ستخبر عائلتها وتتعامل مع المجتمع الذي يكون صارما تجاه الأمهات العازبات؟”.

وأوضح أن المرأة المغربية يمكنها أن تفهم مريم بشكل أفضل من النساء الأخريات من الثقافات أو المجتمعات الأخرى، لافتا إلى أن كل هذه الأسئلة مرت في ذهن مريم كالبرق، لكن إيمانها ومحبتها لله كان أعظم، وهو ما جعلها تكون سيدة بين النساء. وتقبل دعوة الملاك جبريل، حيث أصبحت مثالا للخضوع الحقيقي لله.

غير أنه ليس كل المسيحيين يكرمون مريم بنفس الطريقة، يضيف المتحدث، فبعد الإصلاح البروتستانتي في القرن السادس عشر، لم يرغب المسيحيون البروتستانت في منح مريم مكانة كبيرة لأنهم اعتقدوا أن المسيحيين الكاثوليك أو الأرثوذكس عرضوا عبادة الأصنام على مريم.

ويرى المصدر ذاته، أن مريم تشكل لدى المسيحيين التقليديين، النموذج الأولي للمرأة والرجل المخلص لله، وهي مثال للإنسان الحقيقي الذي استسلم بالكامل لله، مضيفا بالقول: “بل إني أجرؤ على القول بأن مريم هي مثال للمسلم الحقيقي أيضا، باعتبارهما مثالين لمن يعطي قلبه وحياته وكيانه بالكامل لله”.

وشدد نافارو على أن مريم كانت وستظل في روحانية الكنيسة ولهوتها، خادمة للرب. لكن الله برحمته وعطائه اللامحدود، اختار إنسانا، امرأة، ليشاركه بطريقة ما في هذا المشروع، مشيرا إلى أن المسيحيين يعتقدون بأن الله حدد طريقة الاقتراب منه عبر تسليم أنفسهم تماما إليه، ابتداءً من إبراهيم وباقي الأنبياء، ثم مع مريم ويسوع، وأتباعهما.

وفي تصريحه لجريدة “العمق” على هامش الندوة، قال الراهب نافارو إن هذه الندوة تدل على مدى التقارب الذي يطبع المسيحية والإسلام، مشددا على أن رسالته الأولى والأخيرة هي السلام والمحبة للعالم أجمع.

وقال نافارو إن المغاربة استقبلوه بأيادٍ رحبة وتعاونوا معه دائما ولا يشعر بأي اختلاف بين المغرب وبلده إسبانيا، كما أنه يشعر كأنه واحد من المغاربة وفق تعبيره، مشيرا إلى أن المرأة بالنسبة للمسيحيين هي كل شيء، فهي الأم والأخت والصديقة والجدة، والقديسة مريم كانت أما حاضنة للبشرية جمعاء.

وشهدت الندوة، كذلك، مشاركة كريمة نور عيساوي، أستاذة تاريخ الأديان بكلية أصول الدين بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، وأحمد الفراك، أستاذ الفلسفة والمنطق بكلية أصول الدين بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، إلى جانب حضور عدد من الباحثين والطلبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *